هل فقد عيد الأضحى طابعه الديني في ظل التهافت على شراء اللحوم والدوارة؟
مجلة أصوات
يعيش المغرب هذه الأيام على وقع موجة غير مسبوقة من التهافت على شراء اللحوم والدوارة استعدادًا لعيد الأضحى، في وقت تمرّ فيه الأمة في ظروف استثنائية تتسم بارتفاع الأسعار، وتأثيرات جفاف مستمرة، وقرارات بمنع ذبح الأضاحي حفاظًا على القطيع الوطني، وما يترتب على ذلك من معاناة اقتصادية واجتماعية واضحة.
وفي ظل هذا السياق، بدأت تتجه الأنظار نحو سؤال جوهري: هل فقد عيد الأضحى طابعه الديني الذي كانت تحكمه قيم التضحية والتكافل، وتحول إلى مناسبة استهلاكية بحتة تتعلق باللحوم والمتعة الجسدية؟ فارتفاع أسعار اللحوم والدوارة بشكل جنوني، وتزايد إقبال المواطنين على شرائها، يثيران الكثير من علامات الاستفهام حول فهم الكثيرين لمقاصد هذه الشعيرة الإسلامية العريقة، خاصة في ظل تصاعد الحديث عن تراجع الوعي الديني وتركز الاحتفالك على مظاهر مادية أكثر منها روحية.
وفي حديث مع العديد من المتخصصين، أكدوا أن هذه الظاهرة تعكس تحوّلًا في الأبعاد الثقافية والاجتماعية للدين، إذ أصبح بعض الناس يعتبرون العيد فرصة للتمتع بمظاهر الاستهلاك وتلبية رغبات الجسد، بغض النظر عن المعاني الروحية والتضامنية الأصيلة. ففي الوقت الذي أُنُهت فيه أوجهر من الشعائر، تتفاقم أزمة القيم وتزداد الهوة بين المفهوم الحقيقي للعيد وتقاليده، وبين السلوك الاستهلاكي الذي يطغى على الاحتفال.
ولعل من أهم أسباب هذا التوجّه هو الرغبة في تعويض فقدان الشعور بالطمأنينة والأمان، مع اقتراب حلول العيد، وهو ما دفع الكثيرين إلى شراء كميات كبيرة من اللحوم وتخزينها خوفًا من نقص محتمل، أو ببساطة كنوع من التموقع الاجتماعي. كما أن سيطرة الشائعات، مثل إغلاق المجازر أو توقفها، زادت من حالة التوتر، وأدت إلى استفحال عمليات الاحتكار والتخزين.
من جهة أخرى، يرى خبراء أن هذه التصرفات أدت إلى استغلال من قبل التجار والوسطاء، الذين يحققون أرباحًا خيالية على حساب الظروف الاقتصادية الصعبة، داعين إلى تفعيل الإجراءات الردعية والتنويه بمفهوم العيد الحقيقي، المتمثل في التضحية، والتكافل، والرحمة، وليس فقط التلذ بالمظاهر المادية.
وفي النهاية، فإن ما يحدث اليوم ينذر بأزمة قيمية وفكرية تستدعي تدخل العلماء والمجالس الدينية والمؤسسات المعنية، لتصحيح المفاهيم وإعادة توجيه الاحتفالات بما يحقق المعاني الروحية والأخلاقية لهذا العيد الكريم. فالعيد، كما يقول الكثيرون، هو فرصة للتأمل في معاني التضحية، والتعاون، والرحمة، وليس مجرد مناسبة للاستهلاك السريع والمتعة الجسدية على حساب الروح والمبدأ