فؤاد زغلول.. فارس زجال يواجه الحياة بالقلم

فؤاد زغلول.. فارس زجال يواجه الحياة بالقلم

“خود مني أخويا الباردي كلمة مكلما في الراس تبقى وصية…شري جعبة متينة وزناد مأصل وعنداك من المكلحة السخية”، بيت شعري من قصيدة “العمار: مكاحل وبارود”، للفارس والكاتب فؤاد زغلول، ضمن مؤلف له بعنوان “الباردي أخلاق والتزام، التبوريدة مشيخة واحترام”، وهو الذي كانت له تجربة طويلة مع ركوب وتربية الخيل، قبل أن يتوج مساره في هذا المجال بمؤلفين يعتبرهما عصارة تجربته ومُوجها لكل راغب في اقتحام هذا المجال المليء بالمغامرات والمحفوف بالتحديات.

فؤاد زغلول، الذي رأى النور بمدينة الدار البيضاء في الـ22 دجنبر من العام 1957، وجد نفسه وسط أسرة مولعة بركوب الفرس وتربيته، وهو ما مكنه من اكتساب تجربة لا بأس بها في التعامل مع الخيول، ليشارك لأول مرة في حياته في “سربة” للتبوريدة بتاريخ 1981، ويسافر بعدها إلى إنجلترا، حيث تابع دراسته، غير أن عشقه للخيل وفن التبوريدة لم ينقطع رغم بعد المسافات.

“في بداياتي كفارس مبتدئ كنت أشارك ببندقية فارغة من البارود، وكنت أتموقع في أطراف ‘السربة’، ذلك أن الفرسان المبتدئين كلهم يمرون من هذه المرحلة، وبمرور الوقت ومع تمرسهم على استعمال البارود يبدؤون دخول وسط ‘السربة’ وصولا إلى قيادتها”، يقول زغلول، الذي أوضح أن “الفرسان الأربعة الذي يصطفون في جانبي المقدم هٌم من يكونون أعمدة ‘السربة’”.

وحول سر تحوله إلى الكتابة عن “التبوريدة” أورد المتحدث عينه، على هامش الدورة الرابعة عشرة من معرض الفرس بالجديدة: “سبب تحولي إلى الكتابة هو أنني عشت وعاصرت جيلا من ‘الباردية’ كانوا يقدسون التبوريدة ويحترمونها أشد احترام، فكان الفارس على سبيل المثال لا يمتطي فرسه إلا وهو على طهارة، ثم بدأت ألاحظ أن كل هذه الطقوس والأعراف القديمة لم يعد يتم احترامها من طرف الفرسان الجدد، وبالتالي عشت مرحلة صراع داخلي بشأن واقع الممارسة ما بين الأمس واليوم، ومن ثم قررت أن أفجر هذا الصراع في الكتابة”.

ومن الأسباب الأخرى التي دفعت الكاتب ذاته إلى اللجوء إلى القلم للكتابة عما عشقه ويعشقه أنه لم يكن يريد أن يكون ممارسا لطقس فولكلوري دون أن يكون مطلعا على تاريخه وطرقه المختلفة، وزاد: “هذا ما دفعني إلى البحث في هذا المجال ومن ثم الكتابة عنه”، لافتا في الصدد ذاته إلى وجود “ثلاث طرق رئيسية لركوب الخيل في عروض التبوريدة، تختلف من حيث طريقة الركوب ومداعبة البنادق واتجاه إطلاق البارود، وهي الطريقة الناصرية والطريقة الخياطية والطريقة الحيانية”.

“كان الفرسان قديما يداعبون السيوف ويتلاعبون بها في الهواء كنوع من إظهار التمرس على استعماله لإخافة العدو الذي سرعان ما يتراجع إثر ذلك، قبل أن ينتقل الأمر إلى استعمال البنادق”، يسجل زغلول، مشيرا إلى أن “القليل من ‘السربات’ اليوم تحترم طرق مداعبة البنادق التي تعطي لـ’السربة’ ورنقا قل نظيره في حال احترام قواعدها، ذلك أن كل مرحلة من مراحل التبوريدة لها طقوسها وأعرافها التي يجب احترامها”.

وتابع زغلول، الحاصل على الدكتوراه الفخرية من “جامعة نيو جيرسي الدولية المفتوحة” بلندن، بأن “معيار تقييم الفارس أو ‘الباردي’ الجيد هو كيفية تعامله مع بندقيته”، مبرزا في الوقت ذاته وجود مجموعة من ممن يساهمون في فن التبوريدة ويشتغلون في الكواليس، على غرار “العمار” الذي يتكلف بحشو البنادق بالبارود، و”القراط”، وهو ذلك المتفرج الذي خبر المجال ومارس التبوريدة لسنوات ويكون في الغالب كبيرا في السن أو خانته صحته لركوب الخيل من جديد.

وتفاعلا مع سؤال حول الكتابات المغربية التي تتناول الخيل والتبوريدة، تحدث كاتب ديوان “التبوريدة، إرث ثقافي مغربي أصيل، تقاليد وأعراف ومدارس في قصائد زجلية”، عن أن “الخزانة المغربية تزخر بالعديد من المؤلفات والكتابات عن الخيل، غير أنه في ما يخص التبوريدة فإن هناك تقصيرا كبيرا جدا في الكتابة والبحث في هذا التراث الشعبي، إضافة إلى نقص المراجع في هذا الصدد”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.