بالرباط : نقاش موازي لجمعيات المجتمع المدني حول تعديلات مدونة الأسرة

دعت الندوة الوطنية التي نظمتها جمعية التعاون الثقافي ومساندة ذوي الإعاقة يوم السبت رابع نونبر 2023، حول موضوع تعديلات مدونة الأسرة، إلى خلق نقاش مفتوح موازي حول هذا الموضوع المهم، من طرف جمعيات وهيئات ومنظمات المجتمع المدني (على غرار ما تقوم به جمعية التعاون)، كما أوصت بضرورة العمل على مراجعة مسألة البيت الرئيسي للأسرة وجعله وقفا دائما.

 

 

 

الندوة المذكورة التي احتضنتها قاعة علال الفاسي بالرباط، حج إليها جمهور غفير من عموم المواطنات والمواطنين، وكانت مناسبتها عزيزة وغالية على المغاربة وهي الذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء المظفرة، ودخلت في إطار مساهمة الجمعية في النقاش العمومي المفتوح بعد الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة.

وناقشت الندوة موضوع “مدونة الأسرة.. التعديلات المطروحة.. أية آفاق؟”، وشارك فيها كل من نبيلة بنعمر رئيسة لجنة المساواة وتكافؤ الفرص بحزب الاصالة والمعاصرة، وفؤاد مسرة استاذ القانون الخاص بجامعة محمد الخامس بالرباط، والهام بلفليحي باحثة في قضايا الشباب والمجتمع المدني وخبيرة في مجال الاسرة، وزينبة بنحمو باحثة في مجال المرأة والإصلاح، فيما قام بتسييرها وتنشيطها الاستاذ والحقوقي والبيداغوجي عبد القادر الخياطي عضو المكتب المركزي للجمعية.

واستهلت الجمعية ندوتها الأولى في موسمها الجديد، بقراءة آيات من سورة الفتح تيمنا ببداية موفقة لمجهودات اللجنة المنظمة الساهرة على القطب الفكري والثقافي، تلاها بعد ذلك أداء جماعي للنشيد الوطني.
بالنسبة للكلمات فقد توزعت بين ترحيب رئيس جمعية التعاون الثقافي ومساندة ذوي الإعاقة، عبد العزيز خودالي بالحضور ووضع الندوة في سياقها العام، مبرزا أن تنظيم هذه الندوة يدخل في صلب عمل الجمعية كإطار ممثل للمجتمع المدني، والعمل على مقاربة الموضوع بحياد بحيث يتم الانصات لمختلف المقترحات وترك باب النقاش مفتوحا على مصراعيه كما هي المقاربة التشاركية التي يعتمدها المغرب في كل قضاياه ذات الأولوية ومنها موضوع مدونة الأسرة التي تكتسي طبيعة ذات عدة أبعاد، حيث نجد حضور كل من الجانب الفقهي والقانوني والقضائي وأيضا حقوق الإنسان.

وأضاف خودالي، أن هذه المجالات هي التي أكدت الهيأة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة على أنها ستكون موضوع انصات لخبراء كل في مجال تخصصه، وهي الصيغة نفسها التي اعتمدتها الجمعية في هذه الندوة من خلال الحضور السياسي والحقوقي والقانوني المتمثل في المداخلات المبرمجة والتي حتما ستغني هذا الموضوع، لكنها حتما لن تنهي النقاش بل ستكون بدايته فقط، خاصة أن الجمعية عازمة على المضي قدما في الإدلاء بدلوها في موضوع يكتسي أهمية كبرى على صعيد ما ينتظره المجتمع وخاصة المرأة والهيئات التي تمثلها من جمعيات ومنظمات.

من جهته، ذكّر المدير الجهوي لوزارة الشباب والثقافة والتواصل “قطاع الشباب”، بأهمية المشروع الملكي الداعي الى احداث تغييرات جوهرية تواكب التطور المجتمعي والعمل على ارساء ثبات وتراص الاسرة المغربية، كما أثنى على بادرة جمعية التعاون الثقافي ومساندة ذوي الإعاقة في تنظيم هذه الندوة، مشيدا بالعمل الجاد لهذا الإطار الجمعوي الذي يتسم بحيويته وجودة أنشطته.

بعد ذلك كان للحضور موعد مع المداخلات التي استهلتها نبيلة بنعمر بوضع توطئة ومدخلا عاما أشارت من خلاله الى اهمية الخصوصية المغربية وعلاقتها بالثوابت والمرجعية الإسلامية، كما دعت الى تجديد تفكير العلماء والمتخصصين وتأهيل النصوص والمواد وتبسيط المفاهيم المتداولة بالأوساط الاجتماعية والعمل على احتواء السجال الدائر من أجل الفهم والاستيعاب ورفع اللبس.

من جهته، استعرض الدكتور فؤاد مسرة، نماذج وأمثلة حية من خلال عرض تسلسل كرونولوجي، انطلاقا من النقاش المجتمعي الذي كان سائدا منذ خمسينيات القرن الماضي فيما يعرف بمدونة الاحوال الشخصية ثم مدونة الاسرة، كما توقف المتحدث عند العمل المؤسساتي الذي تقوم به اللجنة التي كلفها جلالة الملك بمراجعة التعديلات.

أما مداخلة الهام بلفحيلي، فقد اكدت على أن المرجعية الدينية ترتكز على العدل والمساواة والدعوة الى توافق الجوانب الحقوقية مع المرجعية الإسلامية، وأشارت المتدخلة الى ان التعديلات يجب الا تركز على التغييرات التي تم تجاوزها، مع التشديد على مراجعة مسطرة الطلاق بأنواعه والحضانة ومسألة الإرث، لان النتائج اليوم كارثية ادت الى خلل بنيوي وتفكك واتساع هوة الصراع، وتوقفت المتحدثة في ختام كلمتها عند معضلة زواج القاصرات والزواج المختلط وظاهرة العلاقات الرضائية.

وخصصت زينبة بنحمو مداخلتها لمحور التشويش الذي بلغ حد التأويلات والاشاعات، التي أصبح المغاربة يتداولونها وقلبت جميع المفاهيم حول الزواج والارث، وركزت المتحدثة على أن التعديلات جاءت لخلق التوازن الأسري والاجتماعي وليس العكس، موضحة أن مدونة الأسرة حاليا لم تعد تواكب التطورات الحقيقية للمجتمع المغربي، وشددت المتدخلة في عرضها، على أن المؤسسة الملكية ستظل تدافع على حقوق المرأة، وكانت خاتمة كلمتها بعرض نماذج لمعاناة ما بعد الطلاق والحضانة.

 

 

ولم تسدل الندوة الستار على فعالياتها إلا بموعد آخر تضمنته إحدى التوصيات، والداعية إلى فتح الموضوع على المزيد من تطعيم النقاش العمومي حول مدونة الأسرة التي تعتبر عناية جلالة الملك محمد السادس نصره الله، بها، في صلب العناية بالمرأة والطفل وبالتالي الأسرة والمجتمع المغربي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.