انا…والدين‎:

محمد معاجي

سألني أحد العارفين بأمور الفكر والثقافة قائلا:

لماذا تتجنب الحديث في الدين؟

رفعت إليه نظري وأرسلت في الكلام. …اسمع أيها الرفيق. ..علاقتي بالدين بدأت باكرا وانا الرابعة من عمري كنت في كنف جدي رحمة الله عليه “امبارك الحمري “بمدينة الرباط وبالضبط بباب الملاح. ..وكان يقطن زنقة وقاصة وهي زقاق ضيق لامخرج منه إلا من مدخله،وكان هناك”مسيد” اوكتاب كما تشاء يقابل هذه”الزنقة”وكانت جدتي الحاجة زهرة أطال الله عمرها تقودني إلى هذا المسيد لاتعلم القراءة والكتابة واحفظ القرآن كبقية اطفال”الحومة”وكانت تلح في ذلك ….لم يكن الأمر بالسهل علي وانا طفل صغير ولاسيما لما حضرت أول حصة قرآنية مع الفقيه “سي اسعيد”كما كانوا ينادونه آنذاك كان طويل البنية ،يضع على رأسه “رزة”بيضاء ويرتدي سروال “قندريسي”وجابدورلا لون له، يميل إلى الصفرة كأنه قطعة من الحصير المتناثر على سطح الكتاب، وكان يتوسط الحلقة المتكونة من عدة أطفال، ذكور و إناث، جالس على كر سي من الخشب مرتفع على الأرض بحيث يمكنه مراقبة جميع التحركات ويمسك عصا طويلة تمكنه من الوصول إلى آخر صفوف الحلقه واخرىصغيرة لأصحاب الصفوف الأمامية.

مجرد هذه الصورة انتابني تخوف كبير لما يمكن أن يحصل وأنا حركي وكثير السؤال،وكان ذاك الفقيه ينظر اليا من بعيد وكأنه يترقب اول غلط لينقظ عليا بعصاه وكنت أحس رغبته في الوصول اليا لينتقم لساكنة “الدريبة “التي كانت  أغلبها تشتكي من شغبي وهذا فهمته لما سلمتني جدتي اليه

وكأنما احسن فرحة عمره الشقي تتحقق بحيت أنه بسرعة البرق أخد بيدي ورماني خلف الباب الخشبي”للمسيد ”

وكأنما توقع هروبي او شيءمن هذا، وعلى اي،تواجدت رغما عني داخل المكان محاصر بصياح الأطفال وهم يصرخون بقراءة غير مفهومة وكل حسب مستواه،فتختلط الأصوات حتى يزحف النوم للبعض الذين يستيقضون على ضربةعلى الرأس بسوط رفيع من صنع رجل الدين في الحي كله.

هذه بدايتي مع الدين، الذي كان ممثلا في فقيه قاسي على الأطفال بالضرب والتنكيل، وكتاب ضيق يزخر بروائح الغازات المختلفة الصادرة عن الأطفال بعدما يأتون مباشرة من أمام موائدهم الزاخرة ب”اللوبية أو البيصارة “كوجبة

الغذاء،وحصيريتصاعد منه الغباركلما تحرك أحد الأطفال أو هوت عصا الفقيه لتوقض فتاة صغيرة داهمها النوم الثقيل.كنت ارتعد من هذا الواقع فاصيح بما أسمع من الحروف وما تبقى في ذهني المدعور من كلمات قرآنية، دمت على هذه الحالة حتىانتفضت انتفاضة الرفض التام وقصدت جدي مستنجدا من وضع يلطخ وجه الدين وبماأن جدي لم يكن من عشاق هذا الفقيه أمربعدم التحاقي بالمسيد مجددا وامره مطاع كان شديدا وقويا تعجبني همته وصرامته رحمة الله عليه.

وبعد هذه المرحلة التي رسخت في ذهني صورةغير واضحةللدين حيث تخيل اليا أن الفقيه هو الدين نفسه

فرافقتني هذه الصورة الأليمة الىمسقط راسي الدار البيضاء حيث التحقت بمدرسة المزرعة بدرب الكبير حيث كان يقطن ابي رحمة الله عليه وكنت آنذاك في السادسة من عمري وتسلمني لاخوض معركة جديدية جعلتني أبتعد الحديث عن الدين ليس إلا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.