الحديث عن الجنس مع المراهقين في غياب التربية الجنسية

إعداد د : مبارك أجروض

يرغب معظم المراهقين في الحديثِ مع والديهم أو مربيهم عن العلاقات والجنس، قد يبدو ذلك صعباً، ومن الأفضل الاستماع إلى أقوال المراهق أو المراهقة مهما كان أسلوب الراشد في التطرق إلى موضوع الجنس والعلاقات. ثم يمكن الاستفادة من ذلك لتطوير المحادثة. ويجب أن يعلم الراشدون مدى أهمية الثقافة الجنسية لأبنائهم أو بناتهم في سن المراهقة، وخاصة إذا ما كانت في سن تؤهلها للزواج ! وليعلم الراشدون أن الحديث عن الجنس والعلاقات مع المراهق لن يُرَغِّبُه في ممارسة الجنس إنما سيساعده على العناية بصحته الجنسية عند قيامه بذلك.

على الراشدين أن يحافظوا على هدوئهم حتى وإن كان كلام المراهقين مفاجئاً ومخالفاً للرأي، وأن يخبرهم وجهات نظره لكن مع طمأنتهم أنهم واثقون في قدرتهم على اتخاذ قراراتهم الخاصة. قد يؤدي غضب الراشدين أو انتقادهم لهم إلى شعورهم بعدم القدرة على التحدث إليهم في المستقبل.

 

في الحقيقة الكل يدرك أهمية التثقيف الجنسي. ولكن لا يجب الاعتماد فقط على المعلومات التي تقدمها المدرسة (إن كانت المدرسة تقدم مثل هذه المعلومات أصلا). إن أولادكم، وبالرغم من المعلومات الأساسية التي قد يتلقونها في حصة التربية، قد لا يكونوا على دراية كاملة أو فهم تام بكل ما يحتاجون إلى معرفته وفهمه في هذا المجال. هنا يأتي دوركم. ومع أن الموضوع قد يكون محرجا بعض الشيء، إلا أن التثقيف الجنسي هو جزء من مسؤوليات الوالدين. عليكم أن تقوموا بتعزيز وإكمال ما يتم تعلمه في المدرسة. يمكنكم أن تساعدوا أولادكم على اتخاذ قرارات مستنيرة بالنسبة لعلاقاتهم الجنسية المستقبلية.

 

* التعامل مع المراهقين من خلال كسر الحاجز

يعتبر الجنس اليوم، موضوعا أساسيا ورئيسيا في الأخبار، برامج الترفيه وحتى الإعلانات. غالبا ما تكون هنالك صعوبة في تجنب هذا الموضوع الحاضر دائما. ولكن عندما يتوجب على الوالدين والأولاد التحدث عن هذا الموضوع، فإن الأمر لا يكون سهلا دائما. إذا انتظرتم مجيء اللحظة المثالية، فإنكم قد تضيعون العديد من الفرص الممتازة والمواتية للحديث عن هذا الموضوع. ولأجل تسهيل الأمر عليكم اغتنام هذه الفرص، إليكم بعض الأفكار التي قد تساعدكم على التعامل مع المراهقين وبدء الحديث وإدارة النقاش والحوار:

 

ـ استغلال الفرصة:

عندما يثير برنامج في التلفزيون أو مقطع موسيقي مسألة السلوك الجنسي المسؤول، استخدموا هذا الأمر كنقطة انطلاق للحديث. إذا ظهر موضوع جيد في وقت غير مناسب، أذكروا هذا الموضوع وقولوا أنكم تريدون أن تتحدثوا عنه في وقت لاحق، ومن ثم قوموا بذلك بالفعل.

 

ـ ترك الحديث على نار هادئة:

لا تضغطوا على أولادكم بالحديث عن الجنس. اطرحوا هذا الموضوع ببساطة وعفوية عندما تكونون لوحدكم مع الصبي أو الفتاة. في بعض الأحيان، من الممكن أن تمنحكم بعض المناسبات في الحياة اليومية – مثل السفر بالسيارة، أو تناول وجبة ليلية خفيفة مشتركة – أفضل الوضعيات لبدء الحديث.

 

ـ الصدق في الحديث:

إذا كنتم تشعرون بعدم الارتياح، فافصحوا عن ذلك، ولكن أوضحوا أنه من المهم بالنسبة لكم متابعة الحديث. إذا كنتم لا تعرفون الإجابات لبعض أسئلة أولادكم، اقترحوا عليهم محاولة إيجاد الإجابة أو البحث عنها معا.

 

ـ الحدث بشكل مباشر:

عبروا بوضوح عن مشاعركم بالنسبة لبعض المواضيع في العلاقات. اشرحوا المخاطر بموضوعية، بما في ذلك الألم الحسي، الأمراض المنقولة جنسيا والحمل غير المرغوب به.

 

ـ مراعاة وجهة نظر الأولاد:

لا تعظوا أولادكم ولا تعتمدوا على تكتيكات الترهيب لحثهم على الامتناع عن النشاط الجنسي. بدلا من ذلك، استمعوا لهم بعناية. افهموا الضغوط الواقعة عليهم، وكذلك التحديات التي يواجهونها ومخاوفهم.

 

ـ تجاوز الحقائق:

يحتاج أولادكم إلى معلومات دقيقة عن الجنس. لكن من المهم أيضا التحدث عن المشاعر، المواقف والقيم. ابحثوا معهم قضايا الأخلاق والمسؤولية في سياق المعتقدات الشخصية أو الدينية.

 

ـ تشجيع إجراء المزيد من الحوارات:

اسمحوا لأولادكم أن يعرفوا أنه من المسموح لهم التحدث إليكم عن الجنس عندما تكون لديهم أسئلة أو استفسارات. شجعوهم على هذا بالقول: “انا سعيد/ة بأنك جئت تسألني عن هذا الموضوع”.

 

* التعامل مع المراهقين في القضايا الصعبة

يشمل التثقيف الجنسي الحديث عن الرغبة، الاغتصاب، اللواط والقضايا الجادة الاخرى. كونوا مستعدين لمثل هذه الاسئلة:

 

ـ كيف اعرف انني مستعد/ة لإقامة علاقة جنسية ؟ 

هناك عدد من العوامل، مثل الضغط البيئي، الفضول، والشعور بالوحدة على سبيل المثال، التي من الممكن أن تؤدي ببعض المراهقين للتفكير بشكل مكثف في ممارسة العلاقة الجنسية في وقت مبكر. لكن ليست هنالك حاجة للتسرع. ذكروا أولادكم أنه لا بأس بالانتظار. العلاقة الجنسية هي سلوك البالغين. وفي الوقت نفسه، هناك العديد من الطرق الأخرى التي تصلح للتعبير المحبة والتودد.

 

ـ ماذا لو عرض علي ممارسة الجنس، لكني لا أريد ؟ 

اشرحوا لهم أنه لا ينبغي لأحد ممارسة الجنس في ظل الشعور بأنه مجبر على ذلك أو خائف. وإن أي نوع من العلاقة الجنسية القسرية هو اغتصاب، سواء كان مرتكب الجريمة شخصا غريبا أو كان شخصا التقى بأولادكم بناء على موافقتهم. أكدوا لأولادكم أن كلمة “لا”، تعني “لا”.. دائما. أكدوا لهم كذلك أن الكحول والمخدرات تضر بالقدرة على اتخاذ القرارات، مما يؤدي الى زيادة احتمال حدوث الاغتصاب.

 

ـ ماذا لو اعتقدت أنني مثلي/مثلية الجنس ؟ 

 

يتساءل العديد من المراهقين في مرحلة ما حول ما إذا كانوا ينجذبون لبني جنسهم أو أنهم ثنائيي – الجنس. ساعدوا أولادكم على الفهم بأنهم ما زالوا في بداية استكشافهم لرغباتهم الجنسية. قد تتغير هذه الأحاسيس مع مرور الوقت. ومع ذلك، اسمحوا لأولادكم أن يعرفوا بأنكم تحبونهم دون قيد أو شرط. امدحوا أولادكم لأنهم أفصحوا عن مشاعرهم امامكم.

 

* رد الفعل على السلوك

 

من المهم الحفاظ على قنوات الاتصال مع أولادكم مفتوحة مهما بدر منهم. عبروا عن مشاعركم ومعارضتكم بهدوء. يمكنكم أن تقولوا شيئا مثل: “إننا نشعر بخيبة الامل من قراركم”، أو: “نحن لا نعتقد انه من المناسب او من الصحي القيام بمثل هذا العمل”. وكذلك: “نحن نتوقع منك أن تأخذ/ي هذه المسالة على محمل الجد والمسؤولية التي تترتب على ذلك”.

 

يمكنكم التحدث عن ممارسة الجنس، فقط في إطار العلاقة الزوجية الملزمة، ليس فقط باعتبارها مسالة ثقة واحترام، وإنما أيضا بهدف الحد من مخاطر الإصابة بالأمراض الجنسية. كذلك، حددوا وافرضوا حدودا معقولة، مثل وقت العودة إلى المنزل والقواعد المتعلقة بالزيارات التي يقومون بها إلى الأصحاب.

 

بإمكان طبيب الأطفال او المختص النفسي أن يساعدكم على التعامل مع المراهقين: من الممكن أن يعطي الفحص الروتيني لأولادكم فرصة جيدة لمناقشة النشاط الجنسي والسلوكيات الأخرى، في جو داعم وبسرية تامة.

 

* نظرة إلى الأمام 

 

يمكن مع دعمكم لأولادكم، أن يكبروا ويصبحوا بالغين ذوي مسؤولية من الناحية الجنسية. كونوا صادقين وتحدثوا معهم من القلب. حتى لو حافظ أولادكم على الصمت، فإنهم يسمعونكم.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.