أكد المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير السيد مصطفى الكثيري، أن معركة الدشيرة تعتبر حلقة ذهبية ترصع سلسلة الأمجاد والملاحم البطولية دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة، التي تحققت بفضل النضال المستميت للعرش والشعب، والذي تكلل بالمسيرة الخضراء المظفرة وإنهاء الوجود الأجنبي بالأقاليم الجنوبية.
وأبرز السيد الكثيري، في كلمة له خلال المهرجان الخطابي الذي نظم بمناسبة تخليد الذكرى الـ66 لمعركة الدشيرة والـ48 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، أن هذا الحدث التاريخي يخلد لأروع صور الشجاعة والشهامة والبطولة، التي برهن عنها أبناء الصحراء المغربية ضمن طلائع أبطال جيش التحرير، ملحقين خلال هذه الموقعة الغراء هزيمة كبرى بقوات الاحتلال الأجنبي المدعمة بأحدث العتاد الحربي والطائرات الحربية.
وأضاف، في السياق ذاته، أن معركة الدشيرة، التي تعد محطة تاريخية كبرى في مسار الكفاح الوطني من أجل استكمال الوحدة الترابية واسترجاع الأقاليم الجنوبية للمغرب، وصفحة مشرقة في النضال الوطني ضد الوجود الاستعماري، كانت أول رد فعلي بالضفة الشمالية الشرقية لوادي الساقية الحمراء، شارك فيها الى جانب أبناء القبائل الصحراوية مجاهدون من شمال المملكة من مدن الدار البيضاء وفاس والخميسات والأطلس المتوسط والريف والصحراء الشرقية وغيرها بقيادة المجاهد صالح بن عسو.
وذكر بأن هذه الواقعة البطولية جاءت بعد أيام قليلة من استقبال جلالة المغفور له محمد الخامس لوفد من القبائل الصحراوية المغربية بمحاميد الغزلان سنة 1958، حيث دعاهم في خطابه التاريخي الى ضرورة التحرك لتحرير الصحراء المغربية، مقدما جلالته كل الدعم للمجاهدين والوطنيين بهذه الربوع.
وقال إن “مواقف أبناء الصحراء المغربية، وهي حينئذ تحت الاحتلال الاسباني، ثابتة وفي أوج الوطنية الخالصة والوفاء للمقدسات ولروابط البيعة، إذ بادروا للانخراط بكل طواعية في صفوف منظمات المقاومة والخلايا الفدائية، مساهمين بعزم وإقدام وإصرار في معركة التحرير التي تكللت بالنصر المبين والعودة المظفرة لجلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه إلى أرض الوطن، حاملا مشعل الحرية والاستقلال، وداعيا إلى مواصلة الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر، عازما على تحقيق الوحدة الترابية المقدسة “.
وجدد السيد الكثيري التأكيد على أن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تخلد ذكرى معركة الدشيرة وجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمغرب، ستظل صامدة ومستعدة لمواصلة السير قدما على درب الملاحم والمكارم لصيانة الوحدة الترابية وتثبيت المكاسب الوطنية، وبذل كل التضحيات في سبيلها، متوخية إبراز ما تزخر به من قيم ومثل عليا ومعاني سامية لتوعية وتنوير الناشئة والأجيال الجديدة بأقباسها في مسيرات الحاضر والمستقبل، إعلاء لصروح المغرب الجديد، وتعزيزا لمكانته المتألقة وأدواره الرائدة بين الأمم والشعوب.
وتابع بأن الشعب المغربي، وفي طليعته أبناء المناطق الجنوبية المسترجعة، واصل مسيرة النضال البطولي من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة، مجسدين مواقفهم الراسخة وارتباطهم بمغربيتهم، إيمانا ببيعة الرضى والرضوان التي تربطهم بملوك الدولة العلوية الشريفة، رافضين لكل المؤامرات التي تحاك ضد وحدة المغرب الترابية.
وتواصلت هذه الملحمة النضالية، يضيف الكثيري، في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله مثواه بكل عزم وإيمان وإصرار، وتكللت باسترجاع مدينة سيدي إفني سنة 1969، وبالمسيرة الخضراء المظفرة، مسيرة فتح الغراء في 6 نونبر 1975 التي جسدت عبقرية ملك استطاع بأسلوب حضاري فريد يرتكز على قوة الإيمان بالحق، استرجاع الساقية والوادي إلى حضن الوطن الأب، وارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976 ، ثم إقليم وادي الذهب إلى الوطن يوم 14 غشت 1979، مؤذنة بنهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية .
وأكد أن المملكة المغربية تواصل، اليوم، مسيرات البناء والتشييد وإرساء أسس دولة الحق والقانون والديموقراطية والحداثة والحماية الاجتماعية في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والانغمار في مسلسل النماء والتقدم وبناء الإنسان وتنمية الأقاليم الصحراوية لتصبح قاطرة لتنمية استثمارية، شاملة ومستدامة وورشا مفتوحا لمشاريع تنموية واعدة دامجة ومدمجة من شأنها إرساء نموذج جديد للتنمية الشاملة والمستدامة بكل أبعادها وفي كافة المجالات.
وبحسب المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، تمضي المملكة بخطى تابثة في تعزيز ورش الجهوية المتقدمة التي أراد لها جلالة الملك أن تكون نقلة نوعية في مسار الديموقراطية الترابية، في أفق جعل الأقاليم الصحراوية نموذجا رائدا وناجحا للجهوية المتقدمة بما يؤهلها لممارسة صلاحيات واسعة، ويعزز تدبيرها الديموقراطي لشؤونها المحلية في سياق ترسيخ مسار ديموقراطي ناجع وخلاق يؤمن إشعاعها كقطب اقتصادي وطني وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي جنوب الصحراء.
وعرف هذا المهرجان الخطابي الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالعيون، بحضور باشا مدينة العيون السيد هشام بومهراز، وعدد من المنتخبين، والأعيان والمقاومين، تكريم ثلة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من صفوة أبناء هذه الربوع المجاهدة، الذين أخلصوا للوطن وأسدوا وضحوا ذودا عن حريته واستقلاله، وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة المجاهدة وأرامل المتوفين منهم ، في سياق العناية الموصولة بالفئات الاجتماعية بهذه المناسبة الغالية عرفانا بما أسدوه خدمة للدين والعرش والوطن.
وكان السيد الكثيري قد قام رفقة والي جهة العيون الساقية الحمراء عامل إقليم العيون السيد عبد السلام بكرات، وعدد من المقاومين، والمنتخبين، ورؤساء المصالح الخارجية، بزيارة لمقبرة الشهداء بجماعة الدشيرة، للترحم على أرواح الشهداء، وعلى روح جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه آنذاك في الكفاح الحسن الثاني طيب الله ثراهما، ولفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بهذه الجماعة.
كما تم، بمناسبة، تخليد هاتين الذكريين إعطاء انطلاقة مشروع تهيئة مركز جماعة الدشيرة ، والذي يتطلب كلفة مالية تقدر ب 4 ملايين و625 ألف و 790 درهم .
ويشمل هذا المشروع تعبيد الطرق وتزويد المركز بالإنارة العمومية، وتهيئة الأرصفة والتبليط ، بالإضافة الى عملية التشجير.