الإعلامي المتخصص “م ع”
على ما يبدو لنا كممارسين مهنيين لمهنة المتاعب، فقد اختلط الحابل بالنابل، حيث أصبحت صحافة الميكروفونات للأسف المنتمية لبعض المواقع الالكترونية تشتغل بطرق بعيدة كل البعد عن القوانين والالتزامات المنصوص عليها بقانون الصحافة والنشر بالمغرب.
أصبحت أنظر إلى نفسي في المرآة فأحتار هل أنا “أنا”؟ هل الانعكاس في المرآة انعكاس لي أنا مجسم؟ من أنا؟
إن الضياع الذي يعيشه الكثيرون، أو ربما يعيشه الجميع أمام فوضى المعلومات التي أصبحنا نتعرض إليها كل يوم، أنا شخصيا كإعلامي أصبحت أشك في كل ما يكتب، وكل ما يقال، وكل ما يسمع، وكل ما يشاهد، ولعل هذا الحادث المأساوي الذي عاشه المغرب والعالم كذلك في تتبع إنقاذ الطفل البطل “ريان” رسخت لدي عدة شكوك حينما نقلت بعض الصحف الوطنية التابعة لمواقع الكترونية وهي تنشر أشرطة فيديو وصور مفبركة تظهر فيها خروج الطفل ريان وهو حي قبل خروجه أصلا، وقائع كلها مغلوطة، وأتحدث هنا عن صحافة الميكروفونات التي حاولت أن تلعب بمشاعر المغاربة وتخلق البوز من أجل مصالحها الشخصية وعلى حساب مشاعر الآخرين.
وقد كان هذا الحادث مؤشرا آخر على انحدار عام للذوق، وعلى أن البلاد “ضربها الخلا” فتنافس المواقع الالكترونية في مد الميكروفونات بهدف نشر الأخبار الزائفة، فزعزعة نفوس المواطنين في المغرب وخارجه جعلني أطرح السؤال الأكثر أهمية في هذا الموضوع، من يشاهد هاته الكائنات المسكينة ويتابعها يوميا عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى يصبحوا نجوما للويب، الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن أغلبية ما يسمى بالمواقع الالكترونية شوف نيني، شوف نيوز، أش قالو… إلى غير ذلك من الأسماء لا تحمل من معنى الكلمة إلا الاسم، وهي تنافس بعضها البعض في التردي والسقوط، وتشتغل بمنطق البوز الذي تعابه على بعضها البعض لكنها تنخرط فيه بشكل خرافي ومشوه.
وأخيرا فالبقاء للأثر لا للمشهدية المفتوحة على الرداءة والتفاهة.