العسكري السوداني والثوار.. هل حان وقت الصدام؟

بعد يوم من فشل التوصل إلى اتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، عقد كل طرف مؤتمرا صحفيا بدأه باتهام الطرف الآخر بعدم الصدق، وصولا إلى التهديد بالتصعيد واتخاذ إجراءات ضد الآخر.

نائب رئيس المجلس العسكري ورئيس قوات الدعم السريع “قوى الحرية والتغيير” محمد حامد دقلو، طالب المعارضة بتقديم تفويض من الشعب السوداني حتى يكونوا ممثلين له، مضيفا أنه “لا فوضى بعد اليوم”، الأمر الذي وصفه المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين صلاح شعيب بأنه “محاولة لخلط الأوراق والهروب من مستحقات الشعب”، مضيفا “ثورتنا سلمية ولسنا دعاة فوضى”.

وأضاف شعيب في حديث لـ”موقع الحرة”: إذا أراد المجلس العسكري أن يستخدم عبارة “لا فوضى بعد اليوم” لتفريق الجمع المعتصم، أو إطلاق يد القوى الأمنية، لضرب المعتصمين فإننا لا نملك إلا تصعيد النضال ضده بأي صورة تجعله يتراجع، ثم ينزل إلى تسليم السلطة لقوى الحرية والتغيير”.

ودعت قوى الحرية والتغيير إلى “موكب مليوني”، مؤكدين عدم جدية الجيش في تسليم السلطة للمدنيين.

وقالت إن “محاولة التشبث بالسلطة والالتفاف على الكراسي بذريعة الحماية أو حفظ الأمن هي اسطوانة قديمة متجددة ولكنها مشروخة”.

لا تنازل

منذ إطاحة الجيش بالبشير على وقع ضغط الشارع، يحاول كل طرف الحصول على اعتراف بالشرعية من الطرف الآخر.

وبعد خمس جلسات عقدها المجلس العسكري مع ممثلي قوى الحرية والتغيير، قال المجلس إن قوى الحرية والتغيير لا تمثل كل الشعب السوداني.

وفي إشارة على زيادة التوتر، قال شهود في موقع الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة إن محتجين أغلقوا الطرق بالحجارة وأشعلوا إطارات في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء في عدة أماكن بمنطقة الخرطوم بحري، وذلك في أول تصعيد من نوعه منذ الإطاحة بالبشير في الحادي عشر من نيسان/ أبريل.

المعتصمون يشددون من إجراءات الأمن خوفا من محاولة فض الاعتصام
المعتصمون يشددون من إجراءات الأمن خوفا من محاولة فض الاعتصام

وكان الاتفاق المبدئي الذي توصل إليه الطرفان السبت الماضي، تشكيل مجلس سيادي مختلط، لكن الخلاف الأكبر حول نسبة كل طرف حيث يرى المجلس العسكري أن يتكون من سبعة عسكريين مقابل ثلاثة مدنيين، بحسب ما أعلن في المؤتمر الصحفي اليوم، لكن قوى الحرية والتغيير تصر بأن يكون المجلس مدنيا بمتثيل عسكريين اثنين”، بحسب ما يقول شعيب لـ”موقع الحرة”، مؤكدا أنه لا تنازل عن ذلك “وأي قسمة غير ذلك ستكون غير عادلة، فالشعب السوداني لم يثور لتنتقل السلطة من رجل عسكري إلى مجموعة عسكريين”.

ويقول الخبير العسكري اللواء يونس محمود لـ”موقع الحرة” إنه من المستحيل أن يقبل المجلس العسكري أن تكون الأغلبية للمدنيين، لأنه مجلس سيادي ستكون قرارته حاسمة في مستقبل الشعب السوداني، والمجلس العسكري وافق على إشراك المدنيين لتأسيس الثقة فقط”.

ويوضح أن “المجلس السيادي هو الذي سيعيد هيكلة الأجهزة الأمنية وقانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات خلال الفترة الانتقالية، وقوى الحرية والتغيير غير مأمونة على هذه المسؤوليات، وقد يستغلون موقعهم بشكل سيء، وهم غير منتخبين ولا يمثلون الشعب السوداني”.

ويرى مراقبون أن المجلس العسكري غير منتخب أيضا، وتولى مقاليد الحكم بعد إطاحته بالبشير على وقع احتجاجات الشارع المستمرة منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

ويضيف صلاح شعيب لـ”موقع الحرة” إن “مسالة التفويض المكتوب مردودة عليهم، فهم لم تأت بهم قواعد الجيش وإنما هم جزء من النظام القديم، أما وفد قوى الحرية والتغيير فهو مختار بواسطة القوى الثورية الفاعلة ولا يحتاج لمشروعية من المجلس العسكري حتى يعتمده كجسم للتفاوض”.

هل وصل الحوار إلى طريق مسدود؟

لا يرى صلاح شعيب أن هناك حلا أمام قوى الحرية والتغيير إلا “مواصلة النضال وأن محاولة المجلس العسكري في سيادة المجلس الانتقالي لن يؤدي إلا إلى تأزيم الموقف لأنه جزء من النظام القديم”.

ويؤكد أن “ما نسعى إليه ونعمل له هو إنجاز السلطة المدنية الانتقالية بمؤسسات ذات صلاحيات تفضي إلى تحول ديمقراطي حقيقي تغلق الباب أمام سرقة مكتسبات شعبنا من الثورة المضادة وأذيال النظام”.

وقال بيان الحرية والتغيير “إن لدينا أدوات في العمل السلمي الجماهيري ليس أقلها الإضراب السياسي والعصيان المدني، … لذلك فإننا نؤكد على استمرار أدوات المقاومة السلمية من التظاهرات والمواكب والاعتصامات الباسلة في كل بقاع السودان حتى تسليم مقاليد الحكم في البلاد لسلطة انتقالية مدنية وفقاً لما نص عليه إعلان الحرية والتغيير الذي تواثقت عليه جماهير شعبنا”.

ويرى اللواء يونس محمود أن الأزمة الحالية لن تستمر لأن الشارع السوداني لن يقبل بإطالتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.