السودان : قصص مع الحرب الطاحنة تتحوّل إلى ترند بالتواصل

تسبّبت الحرب في أزمة نزوح تعتبر الأكبر في العالم لأكثر من 7 ملايين شخص

وظف السُّودانيون، هاشتاغاً بمنصة “إكس” الشهيرة لإظهار مآسي الحرب الطاحنة بالسُّودان، وتسابق الآلاف لسرد قصص مُحزنة مُوغلة بالسوداوية والقتامة لظلال الحرب الدائرة بالبلاد بين الجيش والدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي.

في التفاصيل، استغل المتفاعلون الهاشتاغ إلى لفت الانتباه لمعاناة السودانيين مع الحرب اللعينة، وأسهم هاشتاغ ‎#قصص_السودانيين_مع_الحرب، في تسليط الأضواء تجاه بشاعة لا مثيل لها، وصنبور من الدماء لا يتوقّف دون أن يهتم أحدٌ. إذ أسفر النزاع المُسلّح إلى معاناة لا حصر لها، وتسبّب في نزوح الملايين وقتل الآلاف، وإصابة عدد لا يُحصى من الأشخاص. كما خلقت الفوضى التي أعقبت تطوُّرات النزاع الدامي، وانعدام الأمن الشديد وانتشار العنف، بيئة لم تعد فيها الحياة مُمكنة.

وتسبّبت الحرب في أزمة نزوح تعتبر الأكبر في العالم لأكثر من 7 ملايين شخص أُجبروا على ترك منازلهم داخل البلاد، بالإضافة لما يقارب المليون ونصف المليون شخص آخرين لجأوا إلى بلدانٍ مُجاورةٍ.

الهاشتاغ المذكور حصد تفاعلاً لافتاً قبل أن يتحوّل إلى ترند بمنصة أكس الشهيرة، إذ حُظي باهتمام غير مسبوق بعد أن تدافع آلاف السودانيين إلى سرد تفاصيل قصصهم وحكاياتهم مع الحرب عبره.

يقول البكري الطاهر مالك، الذي كان يعيش في حي الإنقاذ جنوب الخرطوم، “لم تجلب الحرب سوى الدمار وتفرّق الأسر. لقد فقدنا بيتنا، وخسرنا مدينتنا الخرطوم”.

“لقد نجوتُ من الموت مَرّتَيْن. أصبتُ في المرة الأولى برصاصة، وفي المرة الثانية بشظايا نتيجة قصف الطائرات. قرّرتُ مغادرة الخرطوم لتلقي العلاج بسبب تحديات الوصول إلى أقرب مركز صحي”.

فقدت ابن أخي.. وقلق على أطفالي

 

ويضيف: “لقد فقدت ابن أخي. توفي بقذيفة في أول أيام عيد الفطر. تقطّع جسده إلى ثلاثة أجزاء. كان يتوضأ للذهاب إلى المسجد عندما توفي أمام باب منزله، فَضلًا عن وفاة ثلاثة جيران آخرين أمام المسجد”.

“لديّ ثلاثة أطفال، وأنا قلق بشأن تعليمهم الذي توقف بسبب الحرب. وأنا غير قادر على تلبية احتياجاتهم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة”.

في أوائل ديسمبر، لم يستطع البكري الانتظار للعودة إلى موطنه في الخرطوم. ويتابع: “أنا بانتظار اليوم الذي يُعلَن فيه انتهاء الحرب. فحتى لو لم يبقَ لي شيءٌ هناك سأعود، ولو اضطررت إلى المشي على قدمَي”.

إلّا أنّ النزاع اندلع في مدينة ود مدني واضطر البكري إلى المغادرة مرّة أخرى. استغرقت رحلة العودة إلى الخرطوم ثلاثة أيام. يشعر البكري بالألم من إصاباته، خاصة في فصل الشتاء.

يقول: “قطعتُ الطريق من مايو في جنوب الخرطوم إلى مدينة ود مدني. استغرقت الرحلة ثلاثة أيام على متن الكارو “عربة خشبية يجرها حمار” وكنتُ برفقة أطفالي الستة وحبلى في شهري الخامس في ذلك الوقت”.

يتابع: “عندما وصلنا إلى هنا عانينا كثيرًا. فلم تكن هناك حمامات أو مياه أو طعام أو مياه صالحة للشرب. بعد ذلك وصلت المنظمات وتدخّلت وزوّدتنا بالماء والصابون والدلاء، فتحسنت أحوالنا قليلاً”.

واضاف: “تدخّلت أطباء بلا حدود واعتنت بنا منذ البداية عندما أُصيب الأطفال بضربة شمس. وكانت المنظمة حاضرة طوال الأسبوع. لقد ساعدوني أيضًا في ولادة طفلتي وبذلوا قصارى جهدهم. ليس لديّ أيِّ أمل في العودة إلى الخرطوم بسبب الدمار الهائل الذي حدث هُناك، فَضلاً عن هدم المؤسسات والمستشفيات”.

قصة ملاك سعيد

 

تقول ملاك سعيد، التي تسكن في مخيم فداسي بمدينة ود مدني مركز ولاية الجزيرة، “كنتُ في السوق عندما أُصبتُ بشظايا قنبلة نتيجة الاشتباكات التي تصاعدت في منطقة جبل أولياء. كل يوم، كان الوضع يزداد سُوءًا بسرعة، وقررنا الانتقال إلى مكان أكثر أمانًا”.

عندما التقينا ملاك في أوائل ديسمبر الماضي، كانت تحنّ إلى منزلها. وتضيف، “أشعر أنني مُشرّدة، لذا أنتظر بفارغ الصبر العودة إلى المنزل. أتمنى أن تتحسّن الأمور وأن تنتهي الحرب قريبًا”.

وفي 17 ديسمبر الماضي، وقعت معركة ود مدني وتمكّنت ملاك من العودة إلى الخرطوم. وقالت “نحن نعاني من نقص الخدمات، حيث إنّ معظم المحلات التجارية مُغلقة. كان الوضع في مدينة ود مدني أفضل من هنا”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.