ادريس القري يترجم كتاب بعنوان “السعادة وليدة اليأس”

صدرت ترجمة بعنوان “السعادة وليدة اليأس”، ضمن سلسلة آفاق فلسفية، وهي ترجمة لمحاضرة لسبونفيل، بعدما صحّحها ونقّحها مؤلّفها، ألقاها يوم 18 أكتوبر سنة 1999.

يعالج الفيلسوف الفرنسي أُندري كونت سبونفيل، في كتاب صدرت حديثا ترجمته إلى اللغة العربية، أعدّها الباحث في الجماليات البصرية إدريس القري،كيف يمكن أن تكون السعادة وليدة اليأس؟

وكتب إدريس القري، مترجم الكتاب من الفرنسية إلى العربية، أن صدور كتاب كونت سبونفيل “حدثٌ بكلّ المقاييس”؛ فهو يدخل ضمن “الشجاعة الفكرية، والواجب التنويري الذي يقاوم علّات العصر وكلّ العصور”، مضيفا أن “دفء وأُنس الأوهام كما قال نيتشه، وسيادة أشكال التضليل، لم تولد مع تكنولوجيا التواصل الجماهيري اليوم، بل إن التلفزيون الفضائي والإنترنت وتطبيقات شبكات التواصل الاجتماعي، عبر كل الحوامل، إنما تُقَوّي انتشارها وتعميمها ودمقرَطتها، ويا لها من دَمَقرَطَة! دمقرطة مدمِّرة لنسق قيم كونية يبدو أنها بصدد التغيُّر تحت وطأة تطور متسارع منفلت من عقاله”.

ويرى الباحث المغربي أن السعادة وعيٌ بالسعادة، أكثر مما هي شروط مادية تتحقّق بكميات معلومة. ويضيف شارحا: “إن كانت الفكرة في حد ذاتها بسيطة ومتضمَّنة في كتب الأديان ونصوص المفكرين وبنيات الكثير من الروايات العالمية، لكنها مع ذلك مستعصية على الاستيعاب، فبالأحرى على الالتزام في اليومي، ليس لعامّة الناس فحسب، بل حتى لما يمكن تسميته، بالكثير من الغموض والتّحفّظ، بالنّخب”.

ويسجّل القري في مقدمته أن الترجمة “بوّابة بل وشرط جوهريّ، ولعلها كانت دائما كذلك، لتقدم وتطور الثقافات، ولتحقيق الكينونة الكونية للإنسان”، ويؤكد على ألا آفاق، عموما، للتقدم الفكري والثقافي والمعرفي دون ترجمة. ولا مجال، بدونِها، لتجاوز الانغلاق في الهويات التي قد تصبح “قاتلة” جراء ذلك.

ويقول القري إن أساس الترجمة هو معرفة “الغير” الذي ليس في نهاية المطاف سوى “آخر الأنا الذي لا بد لنا لحدوث الوجود ولاستمراريّته”، وبالتالي فالترجمة ليست مجرّد “نقل” لوجود مؤلِّف ومؤلَّف من ثقافة ومن بيئة مجتمعية إلى أخرى، بل هي “تمديد أفقي وعمودي لحياة مؤلِّف ومؤلَّف في الوجود التاريخي للأثر الإنساني”.

ويسلط الباحث المغربي الضوء على الفعل الحضاري الذي تمثّله الترجمة؛ بفتحها مسالك تحقّق التنوع والتعدّد الثقافي بتقاسمه بين الأفراد والثقافات والمجتمعات، لتحتلّ، بالتالي، مكانة المعالج لكلّ نظرة، فلسفيّة كانت أو غير فلسفيّة، تزيد بالتبرير أو التنظير (كما هو شأن كبار منظِّري النيوليبرالية المعاصرة الساعية لإعادة تنظيم خرائط العالَم النافع وعلى رأسه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) من عدم كفاية معرفة الآخر واحترامه، واعتباره أقل من شرطٍ لوجود الأنا والغير معا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.