أكد فريق المعارضة بمجلس النواب أن “فاجعة دمنات”، التي أودت بحياة 24 مواطنا ضمنهم سيدتان وطفل، أعادت إلى الأذهان حوادث مماثلة لعل قاسمها المشترك هو ضعف البنية الطرقية والعشوائية التي تطبع النقل بهذا المجال، الذي ما زال خارج دائرة الدولة الاجتماعية التي وعدت بها في البرنامج الحكومي.
وعرف إقليم أزيلال نهاية الأسبوع الماضي”حادثا مأساويا” إثر انقلاب سيارة للنقل المزدوج في منعرج طرقي جبلي وسقوطها في منحدر، وذلك على مستوى دوار أخشان-جماعة سيدي بولخلف بالطريق غير المصنفة الرابطة بين الطريق الجهوية 302 ومدينة دمنات. وأودى هذا الحادث المأساوي بحياة كل راكبي السيارة وعددهم أربعة وعشرون ضمنهم طفل وامرأتان ينحدرون من دوار آيت عنيناس بجماعة آيت تمليل، كانوا متوجهين إلى السوق الأسبوعي بدمنات.
وسجل ادريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، ضمن سؤال كتابي وجهه إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن هذا “الحادث المأسأوي الذي عرفه إقليم أزيلال على مقربة مدينة دمنات، يعد أحد تجليات واقع التردي الذي تعاني منه المناطق الجبلية والقروية على مستوى البنية التحتية الطرقية والخدمات الأساسية.
ويرى رئيس فريق “السنبلة” بالبرلمان أن التساؤل الذي تثيره هذه الفاجعة التي هزت الرأي العام الوطني، “ينصب على رؤية الحكومة لتنزيل برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وفك العزلة عن المناطق الجبلية والقروية، داعيا أخنوش إلى الكشف عن نية حكومته لتنظيم ووضع آليات لمراقبة النقل بهذا المجال، وتنزيل قانون للجبل أو وكالة خاصة بهذه المناطق لاسيما أن مقترحات قوانين برلمانية قدمت في هذا المجال.
وأعادت “فاجعة دمنات” إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة للنقل العمومي صيف سنة 2022، على الطريق الوطنية رقم 11 الرابطة بين مدينتي خريبكة والفقيه بن صالح على مستوى الجماعة القروية بولنوار، وهو الحادث الذي نجم عنه مصرع 22 شخصا.
ولفت السنتيسي إلى أن النقل المزدوج على علاته و”النقل السري” يبقى الملاذ الوحيد للساكنة إن وجد دون الحديث عن ظروف التنقل التي تغيب عنها أدنى شروط الكرامة متسائلا عن الإجراءات الحكومية المزمع اتخاذها لبناء وصيانة وتصنيف وتسييج وتشوير الطرق الجبلية.
وعلاقة بضحايا فاجعة دمنات التي أسفرت عن مصرع 24 شخصا، دعا رئيس الفريق الحركي ادريس السنتيسي، رئيس الحكومة، إلى إطلاع البرلمان عن الآثار التي سيتم ترتيبها في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة وتعويض عائلات المتوفين ضحايا حادثة السير.
في غضون ذلك، طالب الفريق الحركي بمجلس النواب، بعقد اجتماع عاجل للجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة قصد تدارس “أسباب هذا الحادث ومدى تفعيل المحاسبة في إطار ربطها بالمسؤولية عن هذا الحادث المأساوي وتعويض الأسر المكلومة”، وذلك بحضور كل من وزير النقل واللوجيستيك، ووزير التجهيز والماء ومدير السلامة الطرقية.
وأوضح الفريق في مراسلة وجهها إلى رئيس اللجنة محمد ملال أن طلبه يأتي من أجل تسليط الضوء على أوجه المراقبة المعتمدة للتقيد بالطاقة الاستيعابية القانونية المؤمنة، لاسيما في يوم سوق يعرف حركة دائبة، علاوة على واقع التردي الذي تعرفه المنطقة على مستوى البنيات التحتية الطرقية وغياب السياجات الواقية بالنسبة للمنحدرات والشعاب، وكذا واقع وآفاق النقل القروي والجبلي، على خلفية العديد من حوادث السير التي عرفها هذا المجال.
وفتحت مصالح الدرك الملكي والسلطات المحلية والإقليمية تحقيقاً مستعجلاً تحت إشراف النيابة العامة من أجل الوقوف على ملابسات الواقعة المميتة، ونقلت جثث الضحايا إلى مستودع الأموات قبل الاستعداد لإقامة جنازة جماعية لهم خلال بداية الأسبوع.
ويشهد المغرب من حين لآخر، حوادث مفجعة بسبب النقل القروي، آخرها حادثة ذهب ضحيتها 11 شخصاً بينهم تسع نساء عاملات زراعيات في قرية البراشوة بضاحية مدينة الخميسات، وقبلها حادثة حافلة خلفت 23 قتيلاً بمدينة خريبكة، وهي حوادث ترفع أعداد ضحايا حوادث السير في البلاد الذين بلغ عددهم خلال العام الماضي 3200 شخص.
من جانبه، سارع الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، إلى طلب عقد اجتماع عاجل للجنتي الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والبنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب بحضور وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت ووزير النقل واللوجستيك محمد عبد الجليل.
ويأتي طلب الفريق الاشتراكي، وفق مراسلتين ، من أجل تدراس موضوع أسباب وملابسات الحادث المأساوي الذي راح ضحيته 24 شخصا بإقليم أزيلال على إثر انقلاب سيارة للنقل المزدوج بأحد المنعرجات، والاطلاع على الإجراءات الحكومية المتخذة لعدم تكرار مثل هذه الحوادث، فضلا عن دراسة واقع وضعية النقل المزدوج ببلادنا والاطلاع على التدابير الحكومية لمعالجة الإشكالات المرتبطة به”.
وأكد وزير النقل واللوجستيك محمد عبد الجليل أن الحكومة تتدارس سبل مواجهة النقل السري بالمملكة، وأوضح أن القانون يسمح بالنقل السري في المجال القروي، وفق الضوابط القانونية المتعارف عليها، مبرزا أن الوزارة تتدارس مسألة نقل هذا الملف إلى المجالس الجهوية، للبحث عن حلول ناجعة.
وسجل وزير النقل واللوجيستيك أن النقل المزدوج ليس الحل الأمثل لمواجهة النقل السري بالمملكة، لذا الوزارة تعول على مواكبة الجهوية المتقدمة، من أجل تقنين النقل السري.
وأكدت ملكية الزخنيني، البرلمانية عن جهة بني ملال خنيفرة، أن الفريق الاشتراكي، في تفاعله الدائم مع الأحداث الوطنية، طالب بانعقاد لجنتي الداخلية والبنيات الأساسية لأن المسألة تتعلق بأرواح مغاربة، مشيرة إلى أنها ليست المرة الأولى التي تشهد فيه جهة بني ملال خنيفرة مثل هذه الحوادث المأساوية، على غرار حادثة خريبكة خلال السنة الماضية والتي راح ضحيتها عدد من المواطنين.
وأضافت الزخنيني ضمن تصريح لها قائلة: “اليوم تزهق أرواح 24 مواطنا برئيا في حادثة سير ما كان يمكن أن تقع لولا التساهل مع النقل السري الذي ينشط في المناطق الجبلية المعروفة بوعورة تضاريسها”، وشددت على ضرورة “ترتيب المسؤوليات لأن الأمر يتعلق بأرواح أزهقت وبالتالي يتعين تحديد الجزاءات الضرورية بحق المسؤولين عن هذه الفاجعة حتى نتفادى هذه الفاجعة مستقبلا “.
ونبهت البرلمانية عن الفريق الاشتراكي، إلى أن المنطقة التي كان مسرحا لـ “الحادث المأساوي” “معروفة بمنعجرات خطيرة، لكن الأسف أن وسيلة النقل المعتمدة هي “النقل المزدوج” الذي يثير العديد من الإشكالات”، قبل أن تستطرد “صحيح أنه الوسيلة الوحدية لفك العزلة عن مجموعة من المناطق القروية وضمان تنقل ساكنة الدواير نحو الأسواق الأسبوعية التي تعد المنفذ الوحيد لتوفير حاجيات الساكنة من المواد الأساسية وقضاء مختلف الأغراض الضرورية.