هل تؤدي حرب دامت ستة أشهر إلى حرب عالمية ثالثة؟

بينما تزال الحرب الروسية في أوكرانيا مستمرة  دامت ستة أشهر بدون أفق واضح لنهايتها، وبلا سقف توقعات يمكن من خلاله استنتاج ما ستؤول إليه نتائجها في نهاية المطاف، غير أنها لن تؤدي بالضرورة لحرب عالمية وفق الأكاديمي الأمريكي جيسون ديفيسون.

ونشر  أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماري واشنطن في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست إن هناك قلقا متزايدا من أن تقع سياسة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن  في أوكرانيا في دوامة تصعيد يمكن أن تؤدي في النهاية إلى حرب عالمية ثالثة.

وبحسب ديفيدسون، هناك اختلافان بارزان بين الحربين العالميتين والحالة الحالية التي توفر سببا للتفاؤل في هذه الحالة. أولا، مع تكشف السنوات الأولى من الحربين العالميتين، تعززت تصورات الحكومة الأمريكية للتهديد نتيجة لنجاحات العدو الرئيسي في ساحة المعركة والإجراءات التي تستهدف الولايات المتحدة. ودفعت هذه التصورات المتزايدة للتهديد الولايات المتحدة إلى التصعيد، وهو ما كان عاملا حاسما في دوامة الأمن.

يبدو أن تاريخ دخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية بمثابة حكاية تحذيرية مثالية لدعم أولئك القلقين من مخاطر التصعيد. وفي عامي 1914 و1940 اتخذت الحكومة الأمريكية موقفا حازما في معارضة الدخول في الحرب. وفي كلتا الحالتين التاريخيتين، أثارت زيادة المساعدات الأمريكية لجانب واحد من المتحاربين ردود فعل معادية وساهمت في دوامة أمنية، مما جعل دخول الولايات المتحدة في كلتا الحربين

وفي كلتا الحالتين، راقب الشعب الأمريكي والكونغرس الأمريكي المذبحة التي تتكشف في أوروبا برعب. والشيء الوحيد الذي تغلب على ترددهم في دفع تكاليف الدخول في الحرب هو التصور المتزايد بأن ألمانيا الإمبراطورية وألمانيا النازية كانتا تهديدين للمصالح الأمريكية. 

ويرجع هذا التفاؤل إلى “خفض صناع السياسة الأمريكيون تقييمهم للقوة العسكرية الروسية، في المقابل لم تتخذ موسكو أي إجراء جديد مهم لتهديد المصالح الأمريكية، لذلك لا يوجد سبب يدعو الولايات المتحدة إلى المخاطرة بالحرب عن طريق التصعيد”.

في مارس الفائت قال بايدن “لن نخوض حربا ضد روسيا في أوكرانيا”، كما قاومت الإدارة الأمريكية تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة يمكن استخدامها لمهاجمة الأراضي الروسية.

الولايات المتحدة وجهت طلبا إلى أوكرانيا بعدم استخدام الأسلحة التي قدمتها إليها، وهو ما امتثلت له أوكرانيا إلى حدود اليوم.

الحرب كشفت نقاط ضعف الجيش الروسي

تكبد الجانبان (الروسي والأوكراني) خسائر فادحة، فإن أوكرانيا هي التي أمسكت بزمام المبادرة، إلا أن الحرب كشفت بشكل أساسي نقاط الضعف الروسية التي كانت موجودة قبل الحرب. وكما قالت السفيرة الأمريكية لدى حلف شمال الأطلسي جوليان سميث في مقابلة أجريت معها في تموز/ يوليو الماضي، فقد اعتقد كثيرون أن التحديث العسكري الروسي بعد عام 2008 كان ناجحا. اوبدلا من ذلك، قالت إن الحرب كشفت أنه على الرغم من الاستثمارات “لم يتمكنوا (الروس) من القضاء على بعض التحديات الأساسية” التي كانت موجودة سابقا في مجال الخدمات اللوجستية والقيادة والسيطرة والروح المعنوية.

بالإضافة إلى ذلك ، ساهمت الحرب نفسها في المزيد من الخسائر في القوة الروسية. وأخيرا، وعلى النقيض من حالتي الحربين العالميتين، لم تصعد روسيا من إجراءاتها ضد الولايات المتحدة أو المصالح الأمريكية منذ بدء الحرب. وأدرك مسؤولو إدارة بايدن ضرورة تجنب أي سيناريو يمكن أن يؤدي إلى تبادل نووي في الحرب العالمية الثالثة مع روسيا.وعلى الرغم من أسباب التفاؤل هذه، إلا أن تقرير المجلة المذكورة، نبه إلى أن المخاطر تتطلب يقظة مستمرة، داعيا إدارة بايدن إلى الاستمرار في إيلاء اهتمام وثيق للإشارات التي ترسلها روسيا كرد فعل على نجاحات أوكرانيا في ساحة المعركة أو أي مساعدات عسكرية غربية جديدة لأوكرانيا”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.