غادر الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل الجمعة على متن الطائرة الرئاسية الأميركية متوجها إلى المملكة العربية السعودية في رحلة جوية هي الأولى بين الدولة العبرية والمملكة الخليجية.
لم يسبق لأي رئيس أميركي أن توجه جوا مباشرة من إسرائيل إلى السعودية، لكن الزيارة تأتي وسط مؤشرات على انفتاح بين الدولتين اللتين لا ترتبطان بعلاقات دبلوماسية.
قبيل مغادرته التقى الرئيس الأميركي القادة الفلسطينيين في مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة، وأكد بعد محادثات مع الزعيم الفلسطيني محمود عباس على الحاجة إلى “أفق سياسي”، رغم احتمالات السلام الضعيفة.
وقبل ساعات من قيامه بأول رحلة جوية مباشرة من تل أبيب إلى السعودية التي لا تعترف بإسرائيل، أعلنت الرياض فتح أجوائها “لجميع الناقلات الجو ية”، ما يعني طبعا الطائرات القادمة من إسرائيل، في قرار وصفه بايدن بأن ه “تاريخي”.
تأتي زيارة بايدن إلى مدينة جدة السعودية في أعقاب المحادثات مع عباس، وهي أحدث اجتماعات دبلوماسية رفيعة المستوى بعد تلك التي ع قدت مع القيادة الإسرائيلية الخميس.
وكرر بايدن التزام إدارته بحل الدولتين لإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، قائلا “يجب أن يكون هناك أفق سياسي يمكن للشعب الفلسطيني أن يراه أو أن يشعر به”.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع عباس “لا يمكننا أن نسمح لليأس بسرقة المستقبل”.
ومن جهته طالب عباس بانهاء الاحتلال ووقف الاعمال الاحادية التي تقوض حل الدولتين وقال إن “فرصة حل الدولتين على حدود عام 67 قد يكون متاحا اليوم فقط ولا نعرف المستقبل”.
واضاف عباس “احترمنا الاتفاقيات والشرعية الدولية، التزمنا بمحاربة الارهاب واننا على الاستعداد الكامل للتعاون مع إدارة الرئيس بايدن لإزالة جميع العقبات التي تعترض علاقات ثنائية قوية بين الجانبين الفلسطيني والأميركي”.
وطالب برفع منظمة التحرير عن قائمة الارهاب واعادة فتح مكاتبها وفتح القنصلية الأميركية.
ودعا الرئيس الأميركي إلى كشف ملابسات مقتل الصحافية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة التي قتلت في 11 ماي خلال تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين في الضفة الغربية.
وأعلن بايدن عن 200 مليون دولار إضافية لوكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل للاجئين الفلسطينيين (الأنروا) والتي قام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بخفض تمويلها.
زار بايدن الجمعة مستشفى اوغستا فكتوريا في القدس الشرقية التي تحتلها اسرائيل وضمتها اليها. وقال في كلمة “هذه المستشفيات هي العمود الفقري لنظام الرعاية الصحية الفلسطينية” مؤكدا أن “الولايات المتحدة ستخصص 100 مليون دولار إضافية لدعم هذه المستشفيات”.
وأعلن عن مشروع لتحويل الانترنت في الضفة الغربية وقطاع غزة الى الجيل الرابع.
وكان بايدن قد أعلن أنه ليس في وارد التراجع عن قرار سلفه دونالد ترامب لجهة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويطالب الفلسطينيون بأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية وينددون بقرار واشنطن. ولا يعترف المجتمع الدولي بضم إسرائيل للقدس.
وتمنع إسرائيل أي مظهر سيادي للسلطة الفلسطيني ة في القدس الشرقية، بما في ذلك رفع العلم الفلسطيني.
على الطريق الى بيت لحم، ارتفعت لوحات كبيرة موقعة من المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية “بتسليم” كتب عليها “السيد الرئيس، هذا هو الفصل العنصري”، في إشارة الى السياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
كما رفعت لوحات أخرى عليها صور الصحافية شيرين أبو عاقلة.
وكان عباس الذي يتول ى منصبه منذ 2005، ألغى الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية العام الماضي، ملقي ا باللوم على إسرائيل لرفضها إجرائها في القدس الشرقية.
وجد د بايدن خلال وجوده في إسرائيل الخميس تأكيد دعم واشنطن “حل الدولت ين لشعب ين يملك كلاهما جذور ا عميقة وقديمة في هذه الأرض، ويعيشان جنب ا إلى جنب في سلام وأمن”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد الذي لطالما ردد دعمه حل الدولت ين من جهته، “لن أغي ر موقفي”.
وأضاف “حل الدولت ين هو ضمانة لدولة إسرائيل الديموقراطية القوية ذات الأغلبية اليهودية”.
وأضاف “نرسل معكم رسالة سلام إلى كل دول المنطقة وبما في ذلك إلى الفلسطينيين.
إسرائيل تريد السلام وتؤمن بالسلام ولن نتنازل عن شبر واحد من أمننا”.
وتستعد الدولة العبرية لخوض انتخابات نيابية في تشرين الثاني/نوفمبر.
خلال حملته الانتخابية، اعتبر جو بايدن أن المملكة العربية السعودية يجب أن تكون “دولة منبوذة”، وذلك بعد مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول على أيدي سعوديين قدموا من الرياض لتنفيذ الجريمة. وبمجرد انتخابه، رفع السرية عن تقرير لوكالة الاستخبارات الأميركية خلص الى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر بقتل خاشقجي.
وسيسافر الرئيس الأميركي من إسرائيل نحو السعودي ة في أو ل رحلة طيران مباشرة معلنة.
وقالت هيئة الطيران المدني السعودية في بيان على تويتر الليلة الماضية إنها قررت “فتح أجواء المملكة لجميع الناقلات الجوية” التي تستوفي متطل بات عبور أجواء البلاد.
ويرفع هذا الإعلان عمليا قيود تحليق الطائرات من إسرائيل وإليها.
وقال جيك ساليفان، مستشار بايدن لشؤون الأمن القومي، في بيان، إن الرئيس الأميركي “يرح ب بالقرار التاريخي لقادة السعودية فتح مجالهم الجوي أمام جميع الناقلات الجوية المدنية بلا تمييز”، بما في ذلك “الرحلات الجوية من إسرائيل وإليها”.
وأشار ساليفان إلى أن “هذا القرار هو نتيجة دبلوماسية الرئيس (بايدن) الحثيثة والمبدئية مع السعودية على مدى أشهر عدة، والتي تتو ج بزيارته اليوم” إلى المملكة.
ورحبت وزيرة النقل الإسرائيلية ميراف ميخائيلي بقرار السعودية، معتبرة أنها “خطوة مهمة” ستسمح “بتعزيز” العلاقات بين اسرائيل ودول في الشرق الأوسط.
وعبر رئيس الوزراء يائير لابيد عن شكره للسعودية، معتبرا أنها “خطوة أولى” بين البلدين.
ويتوقع أن يلتقي بايدن في جدة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان، وفق ما أفاد مسؤول أميركي.
كما سيلتقي مسؤولين من دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن.
وستتركز المحادثات على تقلبات أسعار النفط. وتسعى الولايات المتحدة الى إقناع السعودية بزيادة إنتاجها النفطي من أجل تعويض النقص الناتج عن حرب أوكرانيا.
كما ستتناول من دون شكل الموقف من إيران، الخصم الإقليمي الأبرز للسعودية.