انحراف العين Déviation De L’œil

إعداد د. مبارك أجروض

 

يدل انحراف العين Déviation de l’œil على إحدى مشاكل العين التي تُسبب ضبابية الرؤية، وتحدث هذه الحالة نتيجة حدوث اختلال cornée، ويُشار إلى أنّ cornée تُمثل الطبقة الشفافة الأمامية للعين، وأمّا lentille فهي الجزء الداخلي من العين الذي يمنحُها القدرة على التركيز في الأشياء، ومن الجدير توضيحه أنّ déviation de l’œil لا يُصنّف على أنّه مرض قائم بذاته، وإنّما هو مشكلة تُسبب اضطرابًا في طبيعة النّظر.

 

وفي الحقيقة يُصنف déviation de l’œil على أنّه أحد problèmes de réfraction des yeux، ويُقصد بها تلك الاضطرابات التي تُسبب فقدان العين قدرتها على تحقيق انكسار الضوء على الوجه المطلوب، ولأنّ déviation de l’œil يُسبب هذه المشكلة فقد تمّ تصنيفه ضمن المشاكل الانكسارية كما بيّنّا، وفي سياق الحديث عن عيوب الانكسار، يُعدّ myopie وpresbytie من هذه المشاكل أيضًا. وبمعنى آخر فإن déviation de l’œil e يعني أن cornée تحتوي على منحنيات غير متطابقة بدلا من منحنى واحد كروي مستدير، بل يكون في تلك الحالة بيضاوي الشكل مما يعني عدم وضوح الرؤية.

 

* أسباب انحراف العين

وتتمثل في أسباب وراثية تظهر مع الولادة، الضغط الشديد من الجفنين على cornée، انكسار الضوء بطريقتين مختلفتين أثناء تشكيل الصور التي يراها الإنسان من خلال الشبكية.

 

* سبب انحراف العين المفاجئ Déviation soudaine des yeux

رغم أن أسباب حالة انحراف العين متداخلة وليست مباشرة، إلا أنه قد ينتج عن ذلك عدة حالات بشكل مفاجئ، كالإصابة ببعض الأمراض، مثل: kératocône والتعرض إلى حادث مفاجئ أو ضربة قوية على العين. والجدير ذكره أن انحراف العين ليس له علاقة بالجلوس طويلا أمام شاشات التلفاز والجوال، وغيره، إذ تعتبر تلك الأمور من مسببات مشكلات ضعف النظر وليس انحرافه.

 

* أعراض الإصابة بانحراف العين Déviation oculaire

أثبت الدراسات أن الأشخاص الذين يصابون بانحراف العين يتعرضون إلى العديد من الأعراض قبل اكتشاف ذلك المرض، ومن هذه الأعراض نجد نوبات من الصداع، التعب والإرهاق، إرهاق وإجهاد العين وتشويش على الرؤية من مختلف الاتجاهات. مع التنويه أنه ليس بالضرورة أن تدل هذه الأعراض على أن الشخص معه انحراف في النظر، لكن في حالة تكرار هذه الأعراض مجتمعة أو بعضها، المسارعة لزيارة طبيب العيون لتشخيص الأمر.

 

* أنواع انحراف النظر

يطلق أحيانا على انحراف العين مصطلح انحراف النظر، أو ما يعرف بـastigmatisme، ويوجد أنواع عديدة للانحراف، منها

ـ اللابؤرية القرنية Astigmatisme cornéen: 

وهي عيب خلقي يحدث في العين، ينتج عن انحناء العدسة أو قرنية العين؛ مما يسبب رؤية قريبة ومسافات غير واضحة. 

ـ اللابؤرية العدسية Astigmatisme lenticulaire: 

وفي هذا النوع تكون القرنية سليمة وطبيعية عادة، حيث تكون درجة انكسار الرؤية في عدسة العين نفسها.

ـ قصر النظر Myopie: 

تحصل هذه الحالة من الانحراف عندما يحدث انحناء في القرنية أكبر من الوضع الطبيعي، وبالتالي يتركز الضوء أمام الشبكية وليس عليها، مما يؤثر على وضوح رؤية الفرد للأشياء البعيدة.

ـ طول النظر Presbytie: 

أحد أنواع الانحراف الذي تتقوس فيه القرنية قليلا بحيث يتركز الضوء خلف شبكية العين، مما يجعل رؤية الفرد للأشياء القريبة مشوشا وغير واضح.

ـ اللابؤرية المختلطة Astigmatisme mixte: 

وفي هذه الحالة يكون أحد المنحنيين قريب النظر والآخر بعيد النظر، وهذه الحالة من الانحراف غالبا ما يكون سببها ضربات أو إصابات العين، أو الإصابة بمرض القرنية المخروطية.

 

* انحراف العين البسيط Déviation oculaire simple عند الأطفال

يعتبر إصابة الأطفال بانحراف العين البسيط أمرا شائعا رغم المخاوف التي تصيب الأهل حين اكتشافهم الأمر لدى أبنائهم.

 

* أسباب انحراف العين البسيط عند الأطفال

أشارت الدراسات إلى أنه ما نسبته 23% من الأطفال خلال السنة الأولى من ميلادهم يتم تشخيصهم بإصابات الانحراف أو astigmatisme، ويعود ذلك إلى عدة عوامل، منها عوامل وراثية يمكن تتبعها من خلال السجل الطبي للعائلة، تدخين الأم في أثناء فترات الحمل يعتبر سببا أساسيا، إصابة الطفل بقصر أو طول للنظر يجعله معرضا أكثر لانحراف العين وعوامل جينية وعرقية، مثلا نجد أن الأطفال اللاتينيين معرضون بشكل أكثر من غيرهم للإصابة بهذا المرض.

 

* علاج انحراف العين البسيط

معظم الأطفال المصابين بانحراف النظر البسيط يتم اكتشافهم في السنة الأولى من الميلاد، وفي معظم الحالات أيضا لا يستدعي ذلك تدخلا طبيا إلا في الحالات الخطيرة جدا. ويستمر الوضع هكذا إلى حين دخول الطفل المدرسة فيبدأ ارتداء النظارة الطبية في تلك السن المدرسية. وعلى كل الأحوال فإن طبيب العيون هو الوحيد القادر على تشخيص الحالة المناسبة للطفل.

 

* هل يختفي الانحراف البسيط مع النمو ؟

ثبت أنَّ 9% من أصل 23% من الأطفال المواليد الذين يصابون بانحراف النظر يظل المرض ملازما لهم في مراحلهم العمرية، وهذا يعني أنَّ 14% منهم، وهي نسبة ليست قليلة، تنجح قرنيتهم في التعافي والعودة إلى وضعها الطبيعي مع مراحل النمو وبخاصة السنوات الأولى من المدرسة بعمر 5 أو 6 سنوات.

 

* درجات انحراف العين

يستخدم مقياس الديوبتر (dioptries) في قياس درجة الانحراف في العين، أما بالنسبة للعين المثالية غير المصابة بالانحراف فمقياسها يكون صفر ديوبتر. لكن في حقيقة الأمر فإن الأطباء يجمعون على أن معظم العيون تمتلك انحرافا بدرجات متفاوتة بين 0.5 و0.75 ديوبتر.

 

* تشخيص انحراف العين

ـ محرك الإبصار Moteur de vue: 

يتم استخدام هذا المحرك للنظر إلى مجموعة من العدسات بشكل متتالي لاختيار العدسة المناسبة للحالة.

ـ مصحح الانكسارية الآلي Correcteur de réfraction automatisé: 

من خلال هذا الجهاز يتم تسليط ضوء على العين يعبر إلى الشبكية، حيث تساعد هذه الطريقة في قياس انكسار الضوء.

ـ جهاز قياس تقوس القرنية Appareil de mesure de la courbure cornéenne: 

عبر استخدام مصدر ضوئي دائري، يتم في هذا الجهاز فحص مدى تقوس العين وبالتالي تشخيص حالة الانحراف.

 

* الفرق بين انحراف النظر والحول La différence entre l’astigmatisme et le strabisme

يعتبر strabisme إحدى المشاكل التي تصيب العينين بحيث تبدوان في حالة غير اتزان وثبات، فيتم ملاحظة ذلك عن طريق مراقبة العين والتأكد من أن إحدى العينين تركز على شيء معين، في حين أن الأخرى تركز على شيء آخر في جهة مختلفة تماما. ويحدث كثيرا الخلط بين الانحراف والحول، لكنَّ الشيء الثابت علميا أن الانحراف بدرجاته المختلفة وكذلك طول وقصر النظر، كلها أسباب تؤدي إلى حدوث الحول. ويتم ملاحظة الحول الناتج عن الخطأ الانكساري في الضوء على الأطفال في عمر السنتين غالبا.

 

* حور العين انحراف العين الكاذب Œil de peuplier fausse déviation de l’œil

من المصطلحات الطبية في تشخيص حالات العين ما يسمى بحور العين، أو ما يطلق عليه aberration du faux œil؛ حيث تبدو العينان كأن فيهما حولٌ أو غير استقرار، لكن عند تشخيص الأمر يتأكد أن كل شيء في الوضع الصحيح. ويرجع بعض الأطباء حدوث هذه الحالة المخادعة إلى بعض تقاسيم وملامح الوجه التي تظهر وكأن في العينين انحراف.

 

* اختبار انحراف العين

يمكن اللجوء إلى طبيب العيون عند الاشتباه بمشكلات في النظر، حيث يعتبر طبيب العيون الشخص الأقدر على تحديد الحالة وما تتطلبها من علاج. ويوجد العديد من الاختبارات الإلكترونية التي تعطي توصيفا عاما عن حالة النظر مع توصيات عامة، ولا تعتبر تلك الاختبارات تشخيصية يعتمد على نتائجها، ومنها اختبار النظر المأخوذ من فكرة الدكتور سنيلين الذي بدأ في تطبيق الاختبار سنة 1908، للتأكد من إضاءة الغرفة ورفع إضاءة الشاشة لتصل إلى 100%، مع إبعاد الجوال عن العين مسافة متر وعشرين سم .وهذه نتائج القراءات الناتجة عن الاختبار:

ـ علاج انحراف العين: 

بعد الذهاب إلى الطبيب وتشخيص الحالة الصحية للعين وتحديد درجة الانحراف، يتم تحديد طريقة العلاج، مع العلم أن حالات انحراف النظر القليلة والبسيطة لا تستدعي علاجا طبيا أو تدخلا جراحيا، أما للحالات الأخرى فإن العلاج يكون بإحدى الوسائل الآتية:

ـ العدسات: 

وتتخذ العدسات الشكل الطبيعي المعروف على هيئة النظارة الطبية، أو من خلال العدسات اللاصقة، لكن هذا الحل قد لا يبدو مناسبا في الحالات التي تعاني من شدة في الانحراف.

ـ العمليات الجراحية: 

هناك العديد من أنواع الانحراف لا يصلح في علاجه إلا العمليات الجراحية التي إما أن تكون عن طريق الليزر، أو عن طريق اقتطاع القرنية بالانكسار الضوئي.

ـ علاج انحراف العين بالليزر: 

يعتبر العلاج بالعمليات الجراحية عن طريق الليزر من أكثر الطرق سهولة وراحة على مدى الزمن، ويتخذ علاج الانحراف بالليزر ثلاثة أشكال، وهي الجراحة القرنية الانكسارية، علاج تحدب القرنية الظاهري وعلاج تحدب القرنية الموضعي: وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من العمليات يستخدم في علاج 95% من أنواع الانحراف بغض النظر عن نوع ودرجة الانحراف، وهي العملية المعروفة باسم (الليزك)، ويعود شيوع هذه العملية إلى سرعة تعافي المريض بعد العملية مقارنة بأنواع العمليات الأخرى.

ـ شروط عملية الانحراف بالليزر: 

بعد أن يقرر الطبيب إجراء عملية الليزر لمعالجة انحراف العين تأتي مرحلة تحقق بعض الشروط قبل إجراء العملية وهي ألا يقل عمر الشخص المريض عن واحد وعشرين عاما، استقرار وضع العين بشكل عام قبل سنة من إجراء العملية، عدم إجراء العملية في حالات الرضاعة والحمل، التأكد من عدم ارتفاع ضغط العين، لا تجرى العملية في حالة وجود ضعف عام في المناعة، لا تجرى العملية في حالة الإصابة بأنواع مرض السكر ويجب علاج التهاب المفاصل قبل اللجوء إلى العملية.

ـ نسبة نجاح عملية انحراف العين: 

في حالة سماح الفحوصات الطبية بإجراء العملية، والالتزام بالأدوية الموصوفة مع التعليمات الصادرة من الطبيب، فإن نسبة النجاح للعملية تكون عالية جدا تتخطى 95%. لكن في الوقت نفسه فإن الأطباء يفضلون استبدال العدسة عند الأشخاص المصابين بالانحراف وتجاوزت أعمارهم 55 عاما حيث يتم استبدال العدسة الطبيعية بأخرى صناعية بدلا من العملية.

 

* الوقاية من انحراف النظر

في الحقيقة لا توجد طريقة سحرية للوقاية من انحراف النظر، كذلك لن تنفع العلاجات الشعبية عن طريق الأعشاب وغيرها. لذلك ينصح الأفراد السليمين بتقليل تعرضهم إلى الأجهزة الإلكترونية، التي قد تزيد من إجهاد العين والتسبب في حالات الصداع والإغماء. أما عن أولئك المصابين فعلا بدرجات انحراف البصر، فعليهم تناول الطعام الصحي وبخاصة الجزر، والأكلات الورقية، والمأكولات البحرية، وذلك من أجل الحصول على مضادات التأكسد الطبيعية، والفيتامين A..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.