جاء ماشيا إلى منزله بحي العروي بعد إعلان وفاته بسبب “فيروس كورونا”
انبعث رجل أُعلن، رسميا، عن وفاته بأحد مستشفيات الناظور في عزائه بحي القدس بالعروي، وسط صدمة زوجته وأبنائه، خصوصا الابن الأصغر الذي مازال يتعافى من صدمة نفسية. وشكل ظهور الرجل الخمسيني في منزله، حيث كان أقاربه وأشقاؤه وأبناؤه يستعدون لمراسم دفنه، إذ تحركت السلطات العمومية على الفور، ووصل قائد المنطقة إلى المنزل، واستمع لتفاصيل الحكاية على لسان الابن البكر، وقال إن الموضوع يستوجب فتح تحقيق.
وتوصل الابن باتصال من جهة ما قدمت نفسها على أنها من “السلطة”، وحكى لها القصة الغريبة، التي بدأت بعياء شديد أحس به والده صباح الأحد الماضي، وانتهى بإعلان “وفاتـــــه” في مستعجلات الحسني بالناظور، قبل أن “يعود” إلى الحياة في اليــــــــــوم المــــــوالي !!!
وأكد الابن أنه شرع في الإجراءات القانونية لرفع دعوى ضد موظفين بقسم المستعجلات تسببوا في ضرر كبير لأسرته، خصوصا والدته وشقيقه الأصغر، الذي ما كاد يستوعب رحيل والده، حتى ظهر الأخير أمامه مجددا، فأصيب بانهيار نفسي شديد.
وقال الابن،إن القصة أغرب من الخيال، وبدأت حين غادر والده (الذي يعاني أمراضا مزمنة مختلفة)، المنزل، صباح الأحد الماضي، إلى المقهى لتزجية الوقت.
وما كادت تمر ساعة، حتى تلقى الابن اتصالا من أحد معارفه، يخبره أن أباه سقط مغمى عليه ونقل إلى مستعجلات مستشفى محمد السادس بالعروي.
“التحقت بوالدي مسرعا، فوجدته ممددا على سرير، قبل أن تخبرني طبيبة أن حالته حرجة جدا، ويتنفس بصعوبة، فأجبتها بأن والدي يعاني أمراضا في الرئتين ويتناول أدوية مساعدة إلى حين موعد العملية الجراحية، المقررة بالمركز الجامعي الاستشفائي لوجدة في أبريل المقبل”.
قال الابن إن المريض يحتاج إلى عناية خاصة، خصوصا بالنسبة إلى الأدوية، إذ يتوفر على شهادة من طبيبه بوجدة، تحذره من تناول أدوية أخرى، غير التي وصفها له.
في هذا الوقت، وصلت سيارة للإسعاف خاصة بمرضى كوفيد19، فخرج منها شخص، وسأل عن اسم المريض، فأجابه الابن أن والده غير مصاب بكورونا، ولا داعي لإزعاجه بهذه الطريقة. فقال له الشخص نفسه، إن الطبيبة هي من اتصلت بوحدة كوفيد19، من أجل ترحيل المريض إلى مستشفى الحسني، لوجود شكوك بإصابته بالفيروس.
أكد الابن أنه حاول أن يشرح للشخص نفسه الحالة الخاصة لوالده، وأن هناك شهادات من طبيبه تثبت ذلك، فطلب منه العودة إلى العروي لجلب هذه الوثائق الطبية، وضرب له موعدا بمستعجلات الحسني.
حين وصل الابن بعد ساعة ونصف، وجد والده موضوعا فوق كرسي متحرك، وسلمه أحدهم نظارته الطبية وبطاقته الوطنية، ثم جاء شخص آخر وقاده إلى وجهة غير معلومة.
وبعد أقل من ربع ساعة، أتى ممرض يطلب من الابن التوجه إلى مكتب الطبيب، الذي أخبره أن “مول الأمانة دا أمانتو”.
لم يصدق الابن ما سمعه، واعتقد أن هناك خطأ في اسم المريض، فأكد له الطبيب مرة ثانية أن الأمر يتعلق بفلان الفلاني والده، وأنه لفظ أنفاسه الأخيرة، ولا يمكن رؤيته لاحتمال إصابته بفيروس كورونا، وطلب منه العودة في اليوم الموالي لتسلم الجثة.
بذل الابن مجهودا نفسيا وجسديا كبيرا حتى غادر قسم المستعجلات، وعاد إلى منزله بالعروي، حيث أخبر والدته وأشقائه أن والده رحل إلى دار البقاء.
انتشر الخبر كالنار في الهشيم في المدينة الصغيرة، حيث عج المنزل بالمعزين ووصل أشقاء المتوفى من أماكن بعيدة، وحل الأقارب، وبدأت الاستعدادات في اليوم الموالي لتسلم الجثة من المستشفى ودفنها.
وبينما كان الجميع يستعد للمرحلة التالية، ظهر الميت فجأة قرب المنزل في حدود الساعة التاسعة ونصف من صباح الاثنين، فتحول العزاء إلى زغاريد ودموع فرح، قاطعه الأب المنهك بكلام متقطع، أنه كاد أن يموت من البرد والجوع، بعد أن قضى ليلة كاملة في “الدص”، منسيا في غرفة مغلقة، فتحت في الصباح، حين وصل طبيب وجس نبضه وحرارته، وقال له “آش كدير هنا..خاصك تخرج لدارك”.