اسمحوا لي، بصفتي الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، المنظمة الموازية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن أعبر لكم عن سعادتي الغامرة باستقبالكم في هذا حلول تقدمية لعالم متغير””اللقاء الهام الذي ينعقد تحت شعار دال:
ويشرفنا باعتبارنا التعبير المغربي عن الاشتراكيين الديموقراطيين أن يحتضن بلدنا المغرب، هذا التجمع الأممي الذي يجسد أسمى قيم التضامن والتعاون بين القوى الاشتراكية والديمقراطية في العالم. والتي تجسد قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والتضامن والمساواة، وهي القيم التي تشكل المعنى الإنساني النبيل، في مواجهة تيارات التوحش والعنف والعنصرية.
إن هذا اللقاء ليس مجرد حدث عابر، بل هو فرصة ثمينة لتعزيز الروابط الإنسانية والسياسية بين مختلف القوى اليسارية والاجتماعية التي تسعى إلى بناء عالم أفضل، وكذلك بناء عالم آخر ممكن، مادامت كل السياسات النيوليبيرالية أثبتت فشلها في انتشال العالم من الفقر والحروب والاستعباد.
أيها الحضور الكريم:
إن الحديث عن مستقبل العالم في ظل التغيرات الراهنة يستوجب منا، كحركة اشتراكية، أن نستحضر الدور الحيوي الذي تضطلع به النساء، ليس فقط داخل إطار الأممية الاشتراكية، بل في مجتمعاتنا كافة.
لقد أثبتت النساء في مختلف المراحل التاريخية أنهن صوت الحكمة والتغيير والعدالة والسلم والعمل والنتائج .
اليوم، نحن أمام تحديات جديدة، سواء تعلق الأمر بمواجهة التفاوتات بين الشمال والجنوب، أو التصدي لتداعيات التغير المناخي وآثاره السلبية التي غالبًا ما تتحمل النساء في الجنوب العالمي النصيب الأكبر منها. لذا، فإن تمكين النساء وتوسيع مشاركتهن في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بات ضرورة ملحة لا مجرد خيارً بين خيارات كثيرة.
الصديقات والأصدقاء:
إن العالم الذي نعيش فيه يمر بمنعطف خطير يتسم بتزايد التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية، وصعود قوى اليمين المتطرف التي تهدد القيم الإنسانية والديمقراطية التي نؤمن بها. أمام هذا الواقع، تبرز مسؤوليتنا كقوى يسارية واشتراكية في تقديم حلول تقدمية وجريئة لمواجهة هذه التحديات.
لا يمكننا الحديث عن العدالة الاجتماعية والمجالية دون استثمار الإمكانيات التي توفرها التكنولوجيا الحديثة. غير أن هذا الاستثمار يجب أن يكون موجهاً نحو تقليص الفجوة الرقمية بين الشمال والجنوب، وبين الفئات الاجتماعية داخل نفس المجتمع، وليس في تعميق التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية. علينا أن نعمل معًا من أجل ضمان أن تكون التكنولوجيا في خدمة الإنسان، لا أن يصبح الإنسان والنساء خاصك رهينة لتكنولوجيا تخدم القلة على حساب الأغلبية.
كما أن موجات الهجرة غير النظامية التي يشهدها العالم اليوم هي نتيجة مباشرة للتفاوتات الاقتصادية، والحروب، وتغير المناخ. علينا كحركات اشتراكية أن نقف إلى جانب الفئات المهمشة والمستضعفة، وأن نطالب بسياسات دولية أكثر عدلاً وإنسانية لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة.
وفي هذا السياق الأممي، لا يمكننا أن نغفل معاناة الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يرزح تحت الاحتلال ويتطلع إلى حياة كريمة في ظل دولته المستقلة وعاصمتها القدس .
إننا، من هذا اللقاء ، نوجه نداءً حارًا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وندعو كافة القوى المحبة للسلام إلى إحياء مسلسل السلام على قاعدة حل الدولتين الذي يضمن الأمن والاستقرار للجميع.
وبالمثل، علينا مواجهة كل مسببات الحروب والنزاعات المسلحة في العالم، وبذل مجهودات أكبر لضمان الاستقرار العالمي، الذي مدخله احترام خيارات الشعوب، وهي مناسبة لتهنئة الشعب السوري على تخلصه من حكم عسكري قمعي وهمجي، على أمل انتقال سلمي وهادئ للسلطة يضمن حقوق جميع الأقليات، ويفضي لديموقراطية مستديمة وعادلة.
ومع احترام خيارات الشعوب، يلزم كذلك احترام سيادة الدول، وفي مقدمتها حقها في حماية وحدتها الترابية والوطنية، إذ أثبتت التجارب أن دعم الحركات الانفصالية يفضي إلى المزيد من الحروب التي تتحول ساحاتها إلى مشاتل للتطرف والإرهاب العابر للقارات.
السيدات والسادة،
يعبر شعار لقائنا ” حلول تقدمية لعالم متغير” عن رؤيتنا المشتركة لعالم نؤمن بإمكانية تغييره إلى الأفضل، عالم أكثر عدلاً ومساواة، عالم تقوده قيم التضامن والتعاون بدل الهيمنة والصراعات المسلحة.
إنني على يقين بأن حضوركن وحضوركم الكريم، وتبادلكم للأفكار والتجارب خلال هذا اللقاء، سيسهمان في بلورة رؤى جديدة لمواجهة التحديات التي تعترضنا، والعمل معًا من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقًا.
مرة أخرى، أرحب بكم جميعًا في المغرب، بلد التسامح والتعايش، وأتمنى لأشغال هذا اللقاء كل النجاح والتوفيق.