بعد فوز السعيد مامصير المشهد السياسي التونسي ؟

مجلة اصوات

دون حاجة إلى جولة ثانية، خلافا لما حدث عام 2019، فاز الرئيس التونسي المنتهية ولايته قيس سعيد (66 عاما) في انتخابات 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 بفترة رئاسية ثانية مدتها 5 أعوام، بحصده 90.69 من أصوات المقترعين في استحقاق سجل نسبة مشاركة 28.8 بالمئة فقط، ما أثار جدلا واسعا.

والاثنين، قال رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر، في مؤتمر صحفي لإعلان النتائج الأولية، إن سعيد حصل على مليونين و389 ألفا و954 صوتا من أصل مليونين و808 آلاف و545، أي 90.69 بالمئة.

فيما حصل المرشح العياشي زمال (معارض) على 7.35 بالمئة، وزهير المغزاوي (مؤيد لسعيد) على 1.97 بالمئة، وفق الهيئة التي أشارت إلى أن نسبة المشاركة هي الأدنى في انتخابات الرئاسة منذ ثورة 2011.

وفي أكتوبر 2019، فاز سعيد في الدور الثاني من الانتخابات بحصده 72.71 بالمئة من الأصوات أمام رجل الأعمال والإعلام نبيل القروي، الذي حصل على 27.29 بالمئة.

وتعاني تونس أزمة واستقطابا سياسيا حادا منذ أن بدأ سعيد في 25 يوليو 2021 فرض إجراءات استثنائية شملت حل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

وتعتبر قوى تونسية أن هذه الإجراءات تمثل “انقلابا على دستور (2014) الثورة وترسيخا لحكم فردي مطلق”، بينما ترى قوى أخرى مؤيدة لسعيد أنها “تصحيح لمسار ثورة 2011” التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011).

لا تراجع عن 25 يوليو

نوفل شقيق الرئيس سعيد ومدير حملته الانتخابية علق على النتائج بقوله إنها “كانت متوقعة، وهذا يدل على تعزيز ثقة التونسيين بالرئيس قيس سعيد”.

وأضاف نوفل، في تصريح لـ”راديو موزاييك” المحلي: “لا بد أن يفهم الجميع والعالم أجمع أنه عندما يترفع منسوب الثقة بين الحاكم والمحكوم فهذا مهم للاستقرار السياسي في البلاد”.

وتابع: “بهذا الرقم (النسبة التي فاز بها سعيد) لا بد أن يفهم كل العالم أن 25 يوليو لا تراجع عنه”.

وتوجه للمعارضة بالقول: “إذا ثمة قاعدة تجتمع عليها القوى الوطنية التي تؤمن بهذا الوطن ومستقبله وليس الرجوع للماضي فهو الالتقاء على قاعدة 25 يوليو”.

واعتبر نوفل أن “الشعب التونسي يقول إن 25 يوليو لا رجوع عنه في البناء والتشييد”.

إعراض معظم الشعب

أما رئيس جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة، أحمد نجيب الشابي فرأى أن أرقام الانتخابات “تؤكد التوقعات التي ذهب إليها المراقبون في الداخل والخارج منذ أشهر طويلة”.

وتابع الشابي، في منشور عبر فيسبوك الثلاثاء، أن هذه التوقعات هي “إعراض الغالبية العظمى للشعب التونسي عن المشاركة في اختيار رئيسهم (أكثر من 70 بالمئة)”.

واعتبر أن ما حدث هو “مبايعة شبه مطلقة للرئيس المنتهية ولايته من قبل الأقلية المشاركة في الاقتراع”.

وأردف أن هذه التوقعات كانت “نتيجة قراءة هادئة ومتأنية للواقع من حيث يأس لدى عامة الناس من الحياة السياسية وانشغال عنها بهمومهم الاقتصادية والاجتماعية”.

الشابي فسر مشاركة الأقلية في الانتخابات أيضا بـ”انعدام أدنى شروط المنافسة النزيهة، بعد أن جرفت السلطة كافة الحقوق والحريات وزجت بقيادات الرأي من سياسيين وإعلاميين في السجن”.

وبينما قال سعيد مرارا إن المنظومة القضائية في بلاده مستقلة ولا يتدخل في عملها، تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة سياسيين اعتزموا الترشح لانتخابات الرئاسة ورافضين لإجراءاته الاستثنائية.

ووفق الشابي فإن السلطة “ذهبت إلى أبعد مما كان يتصور، فلاحقت المترشحين وزجت ببعضهم في السجن، مع حرمانهم من حق الترشح مدى الحياة، وضربت عرض الحائط بقرارات المحكمة الإدارية التي أذنت بقبول بعض الترشحات”.

ومنتقدا تعديل القانون الانتخابي قبيل الاقتراع، أضاف: “في خطوة بهلوانية، قام البرلمان بمراجعة القانون الانتخابي وفقا لإجراءات استعجال النظر لتجريد المحكمة الإدارية من اختصاصها كقاض لمراقبة الانتخابات”.

واستطرد: “اختارت المعارضة، عدا بعض الأصوات، عدم مقاطعة الانتخابات، وحولت المعركة من معركة سياسية رهانها التداول على السلطة وشرعية الحكم إلى معركة حقوقية خلفية لإسناد المحكمة الإدارية أو التضامن مع بعض المترشحين”.

وزاد أن “المعارضة اعتبرت أن المقاطعة موقف سلبي لا يعبأ بالناس والحال أن هذه (المقاطعة) لا تنفي المعركة الحقوقية، بل تنطوي عليها، ولكن من موقع سياسي جريء ومتقدم، لا من موقع خلفي ومتخف وراء الحركة الحقوقية”.

المعارض التونسي وصف الانتخابات الرئاسية الأخيرة بـ”المسرحية”، واعتبر أنها “لم تكن بالمرة فرصة للتغيير”.

وتابع الشابي: “ويبقى التغيير رهين انخراط المواطنين في المطالبة به، ورهين قيام قطب سياسي بديل وموحد”.

وأردف: “أما عامل الوقت (5 سنوات أو أكثر أو أقل) فلا تتحكم فيه القوى السياسية إلا بقدر إسهامها في إنضاج ظروف التغير بالعمل الموحد والتضحية”.

أكبر من التوقعات

أمين عام “حزب مسار 25 يوليو” (مؤيد لسعيد) محمود بن مبروك قال للأناضول: “قلنا منذ أشهر إن الرئيس يمكن أن يفوز من الدور الأول وبأكثر من 50 بالمئة من الأصوات، و90 بالمئة كانت أكبر من التوقعات”.

واعتبر أن “هذه النسبة تعكس إجماعا على الرئيس سعيد، وأن الشعب ليس لديه بديل يواصل معه المسار ويرفض العودة إلى منظومة ما قبل 25 يوليو (2021) رغم العديد من المحاولات البائسة، وأنه مواصل مع الرئيس مرحلة 2024 ـ 2029”.

وتابع ابن مبروك أن “عهدة 2024 ـ 2029 تعتبر وفق الدستور الجديد عهدة أولى وبإمكان الرئيس الترشح مرة أخرى عام 2029”.

وعن التحديات التي تواجه سعيد في فترته الجديدة، قال بن مبروك: “ستكون هذه العهدة اقتصادية واجتماعية بالأساس، فالمواطن تعرض لأزمات مفتعلة ضربته في قوته من قبل لوبيات (قوى ضغط) وأطراف مأجورة (لم يسمها)”.

وأردف: “الشعب صبر مع الرئيس وفهم أن وراء الأزمات لوبيات تهدف لإرباك المسار.. الرئيس سيلتفت (للأوضاع) الاقتصادية والاجتماعية وتحريك عملية الاستثمار الداخلية عبر رجال أعمال تونسيين وأجانب”.

وبشأن أحاديث المعارضة عن التضييق عليها وتراجع الحريات، رأى بن مبروك أن “المعارضة اختارت ألا تكون معارضة بناءة غايتها تسليط الأضواء على بعض المشاكل”.

واستطرد: “بل اختارت المعارضة للمعارضة، وهي مدعومة من جهات أجنبية (لم يسمها)، وتهدف لإفشال المسار للمشاركة في الحكم والرجوع إلى منطق تقاسم الكعكة” وفق تعبيره.

وأكمل أنه “على المعارضة أن تكون من داخل المسار (25 يوليو 2021) وتنبه الرئيس والدولة للمشاكل الحقيقية.. نحن نساند المسار، ولكن عندما نلاحظ شيئا ما غير سوي نشير إليه”.

وبشأن عدم مشاركة أكثر من 70 بالمئة من الناخبين في الاقتراع قال بن مبروك: “لا أحد منع الناس من التصويت”.

و”النسبة التي حصل عليها الرئيس سعيد نسبة حقيقية وصحيحة بمراقبة دولية ولم يكن هناك أي تدليس، ولا يمكن فرض إلزامية الانتخاب على الناس”، كما ختم.

الأناظول 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.