نجاح كبير لمهرجان الدار البيضاء للفيلم الوثائقي و تكريم مجموعة أصوات من خلال مديرها العام “محمد عيدني”
نظم بمدينة الدار البيضاء مهرجان الدار البيضاء للفيلم الوثائقي و الروائي القصير الذي عرف نجاحا كبيرا على الرغم من الظروف التي مر فيها والمصاحبة لانتشار فيروس كورونا، و المتحور “أوميكرون” ، نجاح تجسد على المستوى الجماهيري حضورا، أو عن بعد، و عبر المضامين التي حضرت و تم تداولها خلال أيام المهرجان، إضافة إلى تكريم المعاناة الفلسطينية من خلال التطرق للسينما و الإرهاب الصهيوني على غزة، بما يعكس الحضور الوطني المغربي الداعم للإنسان والقضية الفلسطينية، كما رسخ الملتقى ثقافة الاعتراف بعطاء الهامات الفكرية والإبداعية التي رصعت المسار المهني و الإبداعي، و الذي كانت عبره مؤسسة “أصوات ميديا” بمجموعاتها الإعلامية ضيفا مميزا خلال الفعاليات عبر حضورها و تكريم مديرها العام الزميل “محمد عيدني”.
و هكذا فقد اشتعلت البيضاء بتوهج الفن السابع عبر أدربها و اتقاد المضامين الصاخبة التي تم التداول فيها في زمن المرض و الفيروس و التحطم الكامل للكيان كما للعلاقات، بفعل الجوائح التي تجتاز كياننا المرهق بكل أصناف الفيروسات، و ضمنها الفيروس الصهيوني الكاتم لصوت الحياة في فلسطين، و المبيد لكل قيم الحياة و البسمة، باسم كل خواءات المؤامرات الكونية، و ضدا على الشرعية الدولية، لكن إرادة الحياة شعت و تشع على الأرص بالحجر في يد طفل، و صلابة فتاة أمام غطرسة احتلال غاصب للأرض، و أمام زغرودة أم عشقت الحياة من خلال الموت الذي يعني في العمق رسم مسار حياة جديدة مفعمة بالكرامة و الحرية في وطن حر يتعايش فيه كل أبنائه بأمن وأمان .
توليفة تشع ثقافة و فنا و جمالا، أبدعت في رسم تفاصيلها الجمعية المنظمة و رئيستها “رجاء الشرقاوي” أيقونة الظل التي رسمت مسافة للعشق و الحب و الحياة عبر الصورة و الصوت والشاشة و الإنارة و الموسيقى لتشكل من تمازج الكل لبنات تشع نبضا و حياة و حبا لامتناهيا و بلا قيود توزعه عبر كل الحضور لتزهر من خلال فضاءها الجميل، و بسمة الفرح التي توزعها من خلال تقاسيم العشق، قيم الجمال التي تغرسها سنتي العشق للفن والإيمان برسالته الكونية لفائدة الإنسان و بنائه و تربيته على قيم الجمال و المحبة تعمل بجهد، و بصمت ليس في إدارة المهرجان بل في منح المشاهد، كما الحضور، كل فضاءات الراحة و السكينة.
و ضمن هاته التوليفة من الايمان بإرادة الحياة عبر كسر بوابة كل القيود المكبلة للحرية، و القابضة على ينبوع الوطن بسلطة الموت المتحرك في قطاع غزة و الضفة الغربية و كل فلسطين، و بمؤامرة كونية ليس بلفور وحده راسم معالمها، و لكن اجتمع العالم على تأبيد أكبر إجرام ارتكب ضد شعب وأمة، إلا أن الإصرار على الحياة بقوة رغم كبر الجرم حاضرة على أرض التحدي عبر كل فلسطين من خلال السينما و صور الشهداء الكبار الذين قضوا وما بدلوا تبديلا، و الذي عكسته “ريشة ورصاصة” عن رسام الكاريكاتور الفلسطيني “ناجي العلي”، و الذي حمل رحلة الكفاح الفلسطيني وقيم الصمود و التحدي من خلال رسومات لخصت القضية، و عرت أوجه العجز في السياسي للرسمي العربي، عبر الحاضر دوما، الشاهد على المؤامرة المجزرة، حنظلة الذي ولد في المنفى ولا زال يحلم بالعودة حاملا مفتاح فلسطين الكبير..
نفس المنحى حمله فيلم “القدس مرت من هنا إلا أنت”، الذي حمل القدس إلى المغرب و الدار البيضاء و العالم من بوابة الوجع عبر فضاءاتها بأسلوب سردي و عبر الكلمة المقاتلة للشاعر الفلسطيني الكبير “تميم البرغوتي”.
ليس من باب الصدفة أن يشع نور السينما الفلسطينية عالميا في العديد من المهرجانات و المنتديات، مواكبة للأحداث الكبرى و لأنها تحمل بصدق صور و مشاهد إجرام غادر و متحرك لا يستثني البشر و الحجر و الشجر، من غزة الشرارة إلى أراضي 1948 الانتماء الضارب في جدور فلسطين من خلال تراجيديات إنسانية، لصور حصار غزة و الآلام المواكبة لهذا الحصار، لتقدم صورة واقعية بعيدا عن سوق الهيمنة الإعلامية اليهودية الموجهة للإعلام والجمهور العالمي، والذي استطاعت السينما الفلسطينية رغم الحصار و ضعف الإمكانات أن تكون خير سفير للقضية، وأن تعري كل صور الإجرام الصهيوني، ولتتجاوز غزة الآلام و توثق مشاهد الإجرام و الجراح من خلال سينما المقاومة لتنقل صورة واقعية حية مليئة بالتفاصيل، يمكن أن تعد الأجمل في تاريخ السينما العالمية.
أفلام عدة أبدعها الفنان الفلسطيني عبر مسار الجراح، ولعل “غزة هوليوود” للمخرج “سعود مهنا”، أحد أبناء غزة المبدعين، والذي قارب مسألة الإبداع من بوابة فلسطين، و حضر بقوة على الصعيد العالمي، حيث حاز على العديد من الجوائز، من خلال العديد من الإنتاجات الوثائقية الإبداعية، ك “الشجرة المباركة” الذي حمل صور الأرض و ما تنتجه من خيرات يحاول الصهاينة اجتثاثها، لكن الزيتونة المباركة تحضر من خلال الحصاد السنوي لهذا المحصول وما يصاحب كل ذلك من طقوس الفرح و الحياة.
كما نظم على هامش هاته الأيام ندوة في موضوع السينما والعدوان على غزة، سادها نقاش عن قرب وعن بعد بصدق وقوة انتماء للجراح وإدانة لكل قيم الموت والعدوان القاتلة للحق في الحياة والبسمة والمغتصبة لحق الطفولة في اللعب بعيدا عن القنابل العنقودية وصوت الطائرات و القذائف، و التي وثقتها مداخلات العديد من الباحثين و الباحثات في الشأن الفلسطيني و ضمنهم الإعلامية التونسية “سعاد الفيلالي” التي قاربت الاعتداء الصهيوني على غزة ودور الإعلام المواكب للجراح، نفس المنحى سارت فيه “الصالحي” من تونس والتي سردت عناوين الأفلام التي أنتجت لمواكبة جراح غزة و فلسطين، و أيضا مداخلة كل من “أحمد الجبور” في موضوع السينما و العدوان على غزة، إضافة إلى المداخلات التفاعلية عبر وسائط التواصل عن بعد والتي أشرف على إنجاحها تقنيا المخرج والمؤطر الليبي “حسن ادريس” ، كما شهدت حضورا فاعلا لرئيس الرابطة الفلسطينية.
كما أن المهرجان و من بوابة تكريس ثقافة الاعتراف التي أصبحت عرفا رسميا تصر “نجاة الشرقاوي” أن يطبع بالتميز و الموضوعية في إدراج الأسماء المحتفى بها ليكون المهرجان رسالة اعتراف بجميل العطاء و جلالة الحضور الفاعل، و الذي تميز هاته السنة بتكريم أحد الهامات الإعلامية المنتسبة لمجموعتنا الإعلامية “أصوات ميديا”، والأمر يتعلق بالزميل العزيز، المدير العام للمجموعة، محمد عيدني، إلى جانب مجموعة من الشخصيات التي برزت على صعيد المجال السينمائي الوثائقي.
كما عرف المهرجان تنظيم ورشات تكوينية في مجال صناعة الفيلم الوثائقي أطرتها المنتجة والمخرجة الطرابلسية اللبنانية “هلا مراد”، صاحبة أربعة “4” إصدارات “كتب”، و إحدى عشر “11” فيلما وثائقيا الحصة الكبرى فيها لبلدتها طرابلس، فضلا عن ورشات في مجال “كتابة السيناريو” أطرها المخرج المغربي الشاب “عبد الحكيم الساعدي”.
مهرجان عرف مشاركة العديد من الأفلام و الأشرطة التي تمثل كلا من المغرب، تونس، مصر، العراق، فلسطين، البحرين، السعودية، الأردن، ليبيا، السودان، سلطنة عمان، قطر، الامارات العربية المتحدة، سوريا، اليمن، الكويت، العراق، موريتانيا، كردستان العراق، ايرلندا، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، اسبانيا، تركيا، وكندا، و التي تقدمت للتباري مند المرحلة الأولى حوالي مائة و أربعة “104” فيلما.
و قد عرف المهرجان المنظم تحت اسم “دورة الراحل الفلسطيني الدكتور “نادر مصطفة القنة” مشاركة العديد من الوجوه البارزة في الحقل السينمائي و الإعلامي، ضمنهم الاعلامية “سعاد الفيلالي” من تونس، و الإعلامي المتميز “محمد عيدني” المدير العام لمجموعة “أصوات ميديا”، و “عبد الناصر العسود” من فلسطين، و “ماجدة لفتة العابد” مديرة مهرجان بالعراق، والمخرج المغربي “عبد الحكيم الساعدي”، و”سمير البياري” من الأردن، والمخرج الأردني “احمد الجبور”، والإعلامية براديو تونس “فاتن الصالحي”، و”جودت توت” من الأردن، مدير مهرجان السينما و التراث “الكوش”، و الإعلامية السودانية “ندا مراد”
و خلال فعاليات ندوة “السينما و العدوان على قطاع غزة”، التي تطرفت لمحاور تتعلق بحضور السينما في ظروف العدوان، و الطفرة التي عرفتها السينما الفلسطينية، و إمكانات تحقيق اختراق إعلامي على الصعيد الكوني من خلال الحضور في مهرجان كبرى كمهرجان “كان” و “الأوسكار” .
وكانت مداخلة الزميل الإعلامي المدير العام لمجموعة “أصوات ميديا”، محمد عيدني، عن بعد متميزة، تناول فيها محور دور السينما في تكوين الرأي العام، و لأهميتها ننقلها بالتفصيل، حيث قال:
“قبل أن أبدأ مداخلتي لا بد أن أذكر بأول إنتاج سينمائي سنة 1912، حيث تم إنتاج فيلم لا يزيد طوله عن 12 قدم، لتتطور السينما خلال القرن 20 على النحو الذي أصبحت فيه صناعة و علما و فنا في آن واحد، حيث غزت الأفلام السينمائية كافة أسواق العالم، كما تعتبر علما لأنها أصبحت تأخذ بأساليب التقدم العلمي و التكنولوجي في مجالها، فأصبح لها بذلك أصولا و قواعدا علمية يتعلمها القائمون على أمورها، و هي فن لأنها أصبحت تقوم على دراسة الألوان و الإضاءة و المؤثرات الصوتية، و من منطلق خطواتها في التأثير على الرأي العام فقد أخضعتها كافة الدول على اختلاف أنظمتها السياسية و الفكرية إلى صور متباينة من الرقابة، حتى لا تشكل مساسا بالأمن القومي و إخلالا بالقيم والعادات و التقاليد السائدة و مبادئ الأخلاق العامة و لأهمية السينما في مجال الثقافة والإعلام فقد اهتمت بها كافة الدول، نظرا لأهميتها و دورها الفعال في مجال التأثير على الرأي العام.
و في هذا الباب لا بد أن ننوه بالمجهودات التي قام بها المنتجون السينمائيون، مشكورين على ذلك، من خلال إعدادهم لأفلام قصيرة لتوعية المواطنين من كافة أنحاء المعمور من أجل التصدي لجائحة كورونا، و جعل المواطن من خلال هذه الأفلام يتوجه لمراكز التلقيح، وعيا بالدور الذي يمثله التلقيح في تأمين صحة المواطنين، ولا بد أن نقف في هذا الباب عند نقطة الدور الذي قامت به السينما في خدمة السلام العالمي من خلال الأفلام التي أنتجتها، و التي تصور أحوال الحروب و ما ينتج عنها من ذمار و تخريب و إرهاب للأرواح و اغتصاب، كما لا تفوتنا الفرصة أن نتذكر نحن العرب ما وقع في حرب الخليج والمؤامرة التي استهدفت العراق و أسد العرب الشهيد “صدام حسين”.
فالمطلوب من السينما أن تقوم بدورها مساهمة منها في التقدم الإنساني و الازدهار الفكري و ضمان السلم وقيم الحياة بدلا من قيم الموت”.