على هامش الرد على وكالة الأنباء الجزائرية

نور الدين زاوش

تستمد أنظمة العالم مشروعيتها لساسة الناس من خلال إقرار نظام ديمقراطي ناجع يسمح للمواطنين باختيار ممثليهم بكل حرية ونزاهة، ومن خلال توفير الحاجيات الأساسية لهم من غذاء ودواء وخدمات، ومن نشر بين ظهرانهم بوادر الأمن والأمن ومؤشرات السلم والسلام؛ إلا نظام العسكر الجزائري الذي يستمد شرعيته ومشروعيته من قط اعتلى جلابةً “فاسيةً” لفقيه جزائري، ثم جلس على كتفه ليلحس خده وهو يصلي بالناس صلاة التراويح.

 

لقد أقام نظام الكبرانات الدنيا ولم يقعدها على إثر هذه الكرامة الإلاهية والمعجزة الربانية التي كان بطلها قط كُرغلي؛ إلى درجة أنه أثنى على الفقيه أيما ثناء، وكرّمه في قنواته الإعلامية  الرسمية على مرأى ومسمع  الجميع؛ فبعدما صرح البهلوان “تبون” بأن الجزائر من نشرت الإسلام في أوروبا، ها هو القط الكرغلي المبارك يكمل المهمة المقدسة باقتدار، وينشر الإسلام في آسيا وأمريكا وأدغال إفريقيا.

 

لقد صرح “الدراجي” بأن مقطع الفيديو بلغ مليار مشاهدة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن المشرق بلد المعجزات والجزائر بلد الكرامات والبركات، وأن شعبها سيدخل الجنة عن بكرة أبيه بغير حساب، مثلما أخبر أحد مثقفيهم “الأجلاء” بأن الجزائر بلد المليون ونصف مليون شهيد، وأنه إذا كان الشهيد يشفع في سبعين من أهله، فإن شهداء الجزائر سوف يشفعون في الشعب بأكمله ومعهم شعوب شمال إفريقيا، على حد تعبير صاحبنا المثقف.

 

حينما تكون تائها في مدارات التاريخ، بلا أصل أو هوية أو أوراق ثبوتية باعتراف أحد الوزراء الجزائريين السابقين، وحينما تكون جعبتك خاوية من أي إنجاز اقتصادي أو صناعي أو فلاحي أو عمراني أو فكري أو ثقافي أو دبلوماسي أو حتى فني أو رياضي، وحينما تكون فاقدا للشرعية السياسية لتمثيل الناس، وحينما تكون يدك ملطخة بدماء مئات الآلاف من الجزائريين، وصحيفتك طافحة بجرائم الحرب من قبيل تهجير مئات الآلاف من المغاربة ليلة العيد، فلا شك أنك ستسلك أقذر الطرق وأحطَّها، وتستعمل أنذل الوسائل وأنْتَنَها، من أجل أن تعوض عن مجد مفقود، أو تاريخ مشهود، أو هوية عبث بها الأتراك قرونا والفرنسيون قرونا أخرى، حتى صار الشعب الجزائري أشبه بقطيع من الخرفان لا يجيد إلا النظام والانتظام في طوابير لا تتوقف ولا تنتهي.

 

هذا ما يفسر السُّعار الشديد الذي ألمَّ بالإعلام الجزائري هذه الأيام الأخيرة، وعلى رأسها وكالة الأنباء الجزائرية التي تصبح على سب المغاربة وتمسي على شتمهم؛ وهذا ما يفسر أيضا صمت الإعلام المغربي الرسمي اتجاه هذه الإساءات؛ لأنه بكل بساطة أشرف من أن يرد على قذارة اللُّقطاء وحقارة السفهاء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.