شالة …المعلمة الضاربة في جدور التاريخ.

شالة الاثرية تقع في مدينة الرباط المغربية يرجع تاريخها إلى القرن السادس قبل الحقبة العامة ،تقع على الضفة الجنوبية لنهر أبي رقراق وتتكون من منطقة جنائزية مرينية على أطلال رومانية و فينيقية، وكلها محصنة بجدران موحدية. أنشأ الفينيقيون سوقا هناك، وأطلقوا عليه اسم “سالا”، ثم صارت موضع المستعمرة الرومانية المعروفة باسم “سالا كولونيا” (باللاتينية: Sala Colonia).

ورد ذكر موقع شالة عند المؤرخين القدامى كمدينة صغيرة تقع على نهر يحمل اسم “سلا كولونيا” (باللاتينية: Sala Colonia) والذي يطلق عليه حاليا اسم واد ابي رقراق. وفي العهد الإسلامي، أصبحت هذه التسمية مقتصرة على المدينة الحديثة الواقعة على الضفة اليمنى للوادي أما الموقع فبدأ يحمل اسم شالة.

ازدهرت مدينة شالة تحت حكم الملوك الموريين خاصة خلال عهدي الملكين يوبا الثاني وابنه بطلموس، حيث جهزت بعدة بنايات عمومية جسد جلها التأثير الهليني والروماني، وكما كست نقودا تحمل اسمها. ابتداء من سنة 40 م شهدت المدينة تحولا جديدا تحت الحكم الروماني، حيث تميزت بتغيير في مكوناتها الحضرية بإنشاء الساحة العمومية والحمامات والمعبد الرئيسي وتحصينها بحائط متواصل امتد من الساحل الأطلسي إلى حدود وادي عكراش. وفي سنة 144م أحيطت المدينة بسور دفاعي، لتبقى خاضعة للاحتلال الروماني حتى أواخر القرن الرابع أو بداية القرن الخامس الميلادي.

حضيت شالة في عهد السلطان أبي الحسن باهتمام بالغ. أما ابنه السلطان أبو عنان فقد أتم المشروع، فبنى المدرسة شمال المسجد والحمام والنزالة وزين أضرحة أجداده بقبب مزخرفة تعتبر نموذجا حيا للفن المعماري المتميز لدولة بني مرين. تراجعت شالة مباشرة بعد قرار المرينيين بإعادة فتح مقبرة القلة بفاس، فأهملت بناياتها، بل وتعرضت في بداية القرن الخامس عشر الميلادي للنهب والتدمير لتحتفظ بقدسيتها العريقة وتعيش بفضل ذكريات تاريخها القديم على هامش مدينة رباط الفتح، وتصبح تدريجيا مقبرة ومحجا لساكنة المنطقة، بل معلمة تاريخية متميزة تجتذب الأنظار.

في الزاوية الغربية لموقع شالة ترتفع بقايا النزالة التي كانت تأوي الحجاج والزوار وفي الجزء السفلي تنتصب بقايا المقبرة المرينية المعروفة بالخلوة، والتي تضم مسجدا ومجموعة من القبب أهمها قبة السلطان أبي الحسن وزوجته شمس الضحى.

المدرسة التي تبقى منارتها المكسوة بزخرفة هندسية متشابكة ومتكاملة وزليجها المتقن الصنع نموذجا أصيلا للعمارة المغربية في القرن الرابع العاشر.

في الجهة الجنوبية الشرقية للموقع يوجد الحمام المتميز بقببه النصف دائرية، التي تحتضن أربع قاعات متوازية: الأولى لخلع الملابس والثانية باردة والثالثة دافئة والرابعة أكثر سخونة.

أما حوض النون ، فيقع في الجهة الجنوبية الغربية للخلوة وقد كان في الأصل قاعة للوضوء لمسجد أبي يوسف، وقد نسجت حوله الذاكرة الشعبية خرافات وأساطير جعلت منه مزارا لفئة عريضة من ساكنة الرباط ونواحيها.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.