سلط تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الضوء على معاناة اللاجئين السوريين في مزارع البندق التركية، حيث يعملون في ظروف عمل قاسية من دون حماية قانونية حقيقية، ويتعرضون للنصب من قبل الوسطاء.
وقال التقرير إن حوالي 200 ألف سوري يعملون في قطاع الزراعة، لأنه لا يشترط على العاملين فيه امتلاك تصاريح عمل، وهو ما يلجأ إليه اللاجئون السوريون في تركيا لأن غالبيتهم لا يحصلون على هذه التصاريح اللازمة.
ويركز التقرير على وجه الخصوص على مزارع البندق في تركيا، التي تنتج حوالي 70 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي من البندق.
وتشتري غالبية البندق التركي شركات عالمية شهيرة مثل شركة “فيريرو” الإيطالية التي تنتج شكولاتة نوتيلا، وشركتي “نستلة” و”غوديفا” وغيرها.
لكن قوانين العمل التركية لا توفر الحماية القانونية لمنع عمالة الأطفال المنتشرة في هذه المزارع، ولا تضمن توفير الحد الأدنى من الأجور للعمالة الموسمية التي تتوافد على هذه المزارع، ومن بينها اللاجئون السوريون، الذين يتعرضون للنصب من قبل وكلاء التشغيل.
ويشير التقرير إلى معاناة اللاجئ السوري شاكر روداني (57 عاما) الذي عمل الصيف الماضي في مزرعة للبندق في منطقة البحر الأسود التي تضم حوالي 600 ألف مزرعة بندق صغيرة.
اضطر روداني الذي فر من بلاده عام 2014 مع قدوم تنظيم داعش للدفع بأبنائه الستة للعمل في ظروف شديدة الخطورة، وكان يضطر إلى ربطهم بالصخور خشية سقوطهم من الارتفاعات الشاهقة في هذه المنطقة.
كان روداني يحصل على 10 دولارات يوميا، وهو أقل من نصف الأجر الذي اتفق عليه مع الوسيط الذي جاء به.
روداني الذي يعيش في قرية تركية على الحدود السورية قال إن الأموال التي جمعها من عمله هناك غطت تكلفة الذهاب هناك والمجيء وتكاليف المعيشة فقط، لذا قرر عدم الذهاب هناك مرة أخرى.
تقرير الصحيفة ذكر أن الوسطاء يضاعفون معاناة اللاجئين السوريين فهم غير خاضعين لرقابة حكومية حقيقة، ولا يعطون العمال الأجور المتفق عليها، وبعضهم يسرق أموالهم، ولا يوقعون معهم عقود عمل، لذلك لا يستطيع العمال مقاضاتهم.
وتذكر الصحيفة أن بعض هؤلاء الوسطاء يدفعون المزارعين إلى الاقتراض منهم بهدف التحكم فيهم وضمان ولائهم.
وتشير نيويورك تايمز إلى ظروف العمل القاسية التي يتعرض لها هؤلاء في حقول البندق، فالعمال يضطرون إلى جمع المحصول ووضعه في حقائب تزن الواحدة منها حوالي 50 كيلوغرام يضطرون لحملها في الجبال ونقلها إلى الشاحنات.
التقرير أشار أيضا إلى ساعات العمل الطويلة التي تصل إلى 12 ساعة يوميا، من السابعة صباحا حتى السابعة مساء، والاضطرار إلى العمل سبعة أيام في الأسبوع.
إبراهيم خليل، ابن عم روداني، قال للصحيفة إن الجبال شديدة الانحدار، ولا يوجد أي مكان تستطيع الوقوف فيه بشكل مستقيم.
ويضطر اللاجئون السوريون إلى تشغيل أبنائهم في قطاع الزراعة نظرا للأجور الزهيدة التي يتاقضونها.
ويعيش في تركيا حوالي أربعة ملايين سوري، وهو أكبر عدد من اللاجئين السوريين الذين تدفقوا عبر حدود سوريا خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ ثماني سنوات.
وتقول تقارير إن استيعاب ولو مجرد جزء من هذه الأعداد في المجتمع وقوة العمل يمثل تحديا كبيرا لتركيا خاصة في ظل تعثر الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة.
ولا يزال معظم السوريين في تركيا مسجلين كلاجئين، وهناك قلة منهم غير مسجلة بينما حصل حوالي 55 ألفا على الأقل على الجنسية التركية.