آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن المغرب ملتزم بـ”دمج الأجانب في ورش الحماية الاجتماعية”، باعتباره ورشا ملكيا مهيكِلا انخرطت فيه البلاد وقواها الحية، لافتة إلى أن عملية إدماجهم واستفادتهم من التغطية الصحية والحماية الاجتماعية يجب أن يسودها مبدآن أساسيان لرفع العراقيل، هما “التضامن وعدم التمييز”.
وأضافت بوعياش، في كلمة لها خلال الجلسة الافتتاحية لندوة حول موضوع “دمج الأجانب في ورش الحماية الاجتماعية: مبادئ وتحديات التفعيل”، نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة بالمغرب، اليوم الخميس بمقره في الرباط، أن “الحق في الصحة، باعتباره مكونا رئيسيا للحماية الاجتماعية، هو في صميم اهتمامات وعمل المجلس، قصد تقييم السياسات العمومية” في هذا الصدد.
وذكّرت المتحدثة بمضامين تقرير موضوعي أصدره مجلسها، حول “فعلية الحق في الصحة: تحدياته، وطرق تعزيزه”، كان قد حدد أن “التغطية الصحية، التي يعد إصلاحها أحد الجوانب الرئيسية للمشروع الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، تشكل أحد الركائز الخمس التي أوصى بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان كأساس لإستراتيجية وطنية للوصول الفعال إلى الحق في الصحة لجميع الأشخاص الموجودين فوق التراب الوطني، بغض النظر عن وضعهم كمواطنين مغاربة أو أجانب”.
وجددت رئيسة المجلس التذكير بـ”موقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان من إدراج الأجانب في المكونات الأربعة لنظام الحماية الاجتماعية المنصوص عليها في القانون الإطار الذي صادق عليه البرلمان العام الماضي؛ وهي الحماية من مخاطر المرض، ومخاطر الشيخوخة، ومخاطر فقدان العمل، وكذا من المخاطر المتعلقة بالطفولة؛ مع منح تعويض عائلي للأسر التي لا تتاح لها هذه الحماية”.
ولفتت بوعياش انتباه الحاضرين أيضا إلى أن التقرير السنوي للمجلس لعام 2022 كان قد نادى بوضوح، ضمن توصياته، بضرورة إدماج المهاجرين واللاجئين، مضيفة أنه “إدراكا منه لضعف فئات معينة من السكان، يولي الـCNDH اهتماما خاصا للأجانب المقيمين بالمغرب وحصولهم على خدمات الرعاية الصحية”؛ هذه الأخيرة التي تشكل أحد “محاور الشراكة بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
“لا يمكن لمقاربتنا في المجلس الوطني لحقوق الإنسان تجزيء الحقوق بالنظر إلى أصحابها أو حامليها، بل هو، بالفعل، نهج شامل ومتكامل يميل إلى تعزيز حماية حقوق الجميع، مع مراعاة نقاط ضعف وهشاشة بعض الفئات المجتمعية”، تسجل بوعياش، مذكِّرةً بنتائج أعمال الندوة التي نظمت عام 2019 بشأن تحديات إشراك الأجانب في التغطية الصحية الشاملة، من خلال صياغة مقترحات مشتركة، حينها، تتيح توفير الحماية الاجتماعية للمواطنين والأجانب على حد سواء.
من جانبه، أشاد فرانسوا ريبي-ديغا، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب (HCR Maroc)، بالتجربة المغربية في مجال تعميم الحماية الاجتماعية الشاملة، معتبرا أنها تظل “نموذجية في إفريقيا ودول المنطقة”.
وأكد الممثل الأممي أن “هناك فعلا رؤية مغربية لقضايا اللجوء والهجرة، أطلقها الملك، تتجسد في إستراتيجية وطنية تنبني على احترام القانون الدولي، مع نهج مقاربة إنسانية”؛ لافتا، في هذا السياق، إلى “استفادة الأجانب بالمملكة من الحملة الوطنية للتلقيح ضد كورونا”.
أما لورا بالاتيني، رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب (OIM Maroc)، فذكّرت ضمن كلمة لها خلال الافتتاح بـ”مجهودات المنظمة الدولية في شراكاتها مع فاعلين مؤسساتيين ورسميين مغاربة، مثل وزارة الصحة التي تجمعها معها خارطة طريق مشتركة لتنزيل مضامين الإستراتيجية الوطنية للجوء والهجرة في شق الولوج إلى الصحة”.
وشددت بالاتيني على كون “الهجرة مساهما لا غنى عنه في الديناميات الاجتماعية بالمغرب”، لأنه تحول، بحسبها، إلى “بلد استقبال للمهاجرين ووجهة لاستقرار هذه الفئة، بعد أن كان مجرد بلد عبور”.
وهذا اللقاء يندرج في إطار “مواصلة أنشطة المجلس وأشغاله المواكبة منذ سنة 2019 حول موضوع ‘التغطية الصحية الشاملة: رهانات وتحديات دمج الأجانب’، بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب؛ ويهدف إلى تتبع التوصيات الصادرة، كما يطمح إلى الأخذ بعين الاعتبار احتياجات الأجانب في إطار أجندة الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية”، حسب عبد الرفيع حمضي، مدير الحماية بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وتجمع أشغال هذه الندوة، الممتدة طيلة يوم كامل، ممثلين عن القطاعات الوزارية المعنية بالموضوع (الاقتصاد والمالية، الداخلية ومندوبية التخطيط) والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني؛ فضلا عن باحثين.
كما تمثل الندوة فرصة للتداول حول استفادة الأجانب من الحماية الاجتماعية في إطار الإصلاحات الجارية بالمملكة، إذ سيناقش المشاركون، من خلال 4 جلسات، “تقديم المبادئ التوجيهية لتنفيذ الإصلاح وأهدافه وأدواته، واستعراض التحديات والتجارب الوطنية والدولية ذات الصلة، ثم صياغة توصيات تدعم تفعيل دمج الأجانب في نظام الحماية الاجتماعية”.
نقلا عن هسبريس