رغم تداعيات الجفاف الذي انعكس سلبا على الأسعار، وعلى القدرة الشرائية للمواطنين، مازال المغرب يواجه مشكل ارتفاع أسعار الخضر والفواكه وحتى الأسماك بفعل عمليات التصدير، في الوقت الذي تحتاج فيه السوق الوطنية لتموين كافي يغطي حاجيات شهر رمضان المقبل.
ونتيجة لتوقف صادرات المغرب نحو موريتانيا بسبب رفع هذه الأخيرة من التسعيرة الجمركية، عبَّر المواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن ارتياحهم الشديد بعد انخفاض أسعار الطماطم التي كانت تشهد سابقا ارتفاعا “صاروخيا” في أسعارها.
رابطات منتجي ومصدري الخضر والفواكه والزهور والنباتات الحية في إسبانيا “FEPEX”، أوضحت في بيانات حديثة كشفت عنها بالاستعانة بمعلومات وفرتها وكالة الإحصاءات التابعة للاتحاد الأوروبي “يوروستات”، أن المغرب يتصدر قائمة الدول من حيث تصدير الخضر والفواكه إلى دول الاتحاد الأوروبي، حيث بلغت قيمة مجموع الصادرات المغربية في هذا الصدد أكثر من 1.8 مليار يورو إلى حدود شهر شتنبر من العام الماضي.
كما أن موقع “إيست فروت” أفاد في وقت سابق أنه تم تصدير 716.700 طن من الطماطم المغربية إلى الأسواق الخارجية، محققة أرباحا قدرت بـ 990 مليون دولار من عائدات التصدير، مشيراً إلى أنه على مدى خمس سنوات، ارتفع حجم صادرات الطماطم من المغرب بنسبة تزيد عن 25%.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر مهنية أن التصدير يعد سببا في ارتفاع الأسعار، حيث أنه لو تم توجيهه بشكل مباشر إلى السوق الداخلية حسب المصدر ذاته لما كان الارتفاع في الأسعار، مضيفة أن “المنافسة الشرسة” بفعل التصدير، تجعل من ثمن الطماطم مرشحا للارتفاع إن لم يتم فتح قيود التسعيرات الجمركية بحلول شهر رمضان.
وأكدت المصادر ذاتها، أن انخفاض الطماطم بشكل صاروخي الأيام القليلة الماضية جاء بعد وقف تصديرها إلى موريتانيا بسبب غلاء تسعيرة الجمارك، وأضافت أن غلاء هذه المادة الحيوية، في وقت سابق جاء نتيجة كثرة التصدير الموجه للأسواق الخارجية، حيث كانت تباع بالأسواق بثمن 14 درهما، في مقابل 5 أو 6 دراهم اليوم.
وأوضحت أن منطقة سوس تعتبر المزود الرئيسي لهذا المنتوج، وما تعيشه هذه المنطقة من ضغوطات كبيرة خلال الأشهر الأخيرة بفعل الجفاف زاد التصدير من حدته، مشيرة إلى أن إنتاج ووفرة هذه المادة في مناطق سوس ينطلق في بداية شهر أكتوبر ونونبر، لكن بسبب التصدير هذه السنة لدول إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، ارتفعت أسعار الطماطم في الماضي بشكل مهول وغير مسبوق.
ومازال المهنيون بالقطاع يشتكون من ارتفاع التسعيرة التي فرضتها جمارك موريتانيا، والتي وضعت الشاحنات المغربية المحمّلة بالفواكه والخضراوات الموجّهة إلى سوق الاستيراد الموريتانية، في وضعية “بلوكاج” على مستوى منفذ الكركرات الحدودي إلى موريتانيا، حسبهم، بعدما فرضت السلطات الجمركية في نواكشوط ضرائب إضافية مضاعفة على المهنيين.
في هذا السياق، قال عبد الكبير معيدن، الكاتب العام لجمعية تجار الجملة للخضر والفواكه بالعاصمة الاقتصادية، و أن الانخفاض في أسعار الخضر والفواكه راجع إلى القرار الذي اتخدته موريتانيا بخصوص الرفع من قيمة التسعيرة الجمركية من الواردات من الخضروات المصدرة من المغرب، مضيفا أن هذا القرار كان السبب في النقص من قيمة الصادرات التي أحدثت التفاوت ما بين العرض والطلب.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب تدارس خلال دجنبر الماضي قرارا بتقييد تصدير الطماطم نحو الأسواق الإفريقية، عبر أكبر نقطة حدودية برية في المملكة من حيث النشاط التجاري تجاه غرب إفريقيا.
وبحسب مصادر “مدار 21″، فإن مسؤولين من وزارة الفلاحة عقدوا اجتماعات مع مهنيين لتدارس القرار، مبررين ذلك بارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية وبلوغها 15 درهما في بعض المدن، إضافة لاقتراب رمضان، أكثر الأشهر التي تشهد استهلاكا للطماطم.
وخلال الاجتماعات، عبر المصدرون عن رفضهم للقرار، مؤكدين أن التصدير لإفريقيا أضحى “حائطا قصيرا”، وفي كل مرة ترتفع الأسعار تختار الوزارة اللجوء لمثل هذه القرارات وهو ما يهدد سمعة البلاد لدى الزبائن بالبلدان الإفريقية” بحسب تعبير المصادر ذاتها.