الطوزي: العلاقة بين المغاربة والدولة مطبوعة بالنفور وضعف الإمكانيات يعيق تحقيق “الدولة الحامية”

قال محمد الطوزي الأستاذ الباحث في العلوم السياسية والاجتماعية إن الدولة في التاريخ المغربي غالبا ما كانت قادمة من خارج المجتمع، كأن تأتي عن طريق دعاوي إسلامية، وهو ما جعل مسؤولياتها الاجتماعية غير حاضرة.

واعتبر الطوزي خلال مشاركته في ندوة حول موضوع الدولة الاجتماعية بالمعرض الدولي للنشر والكتاب أن علاقة الدولة بالمجتمع في المخيال المغربي إلى غاية اليوم هي علاقة نفور.

وعزا الطوزي هذا النفور إلى كون العلاقة بين الحاكم والمحكوم ينظر إليها من معيار الفلسفة الدينية الإسلامية، حيث إن مسؤوليات الحاكم تأتي في إطار الاستخلاف، والإطار الرعوي؛ إذ يوفر الراعي للرعية الأكل والشرب والحماية من الذئاب، ولكن يمكن أن يذبحها ويأكلها.

هذا الجانب، حسب المتحدث، هو الذي لا يزال يحكم المخيال المغربي، فإلى اليوم لا يزال يوجد الاعتقاد بأنه كلما ابتعدت عن الدولة المحصورة في مفهوم “المخزن” كلما ارتحت.

وعقد الباحث السياسي والاجتماعي مقارنة بين الثقافة السياسية بالمغرب وفرنسا، ففي المغرب عندما يكون المواطن في مشكل يحاول فكه بنفسك، لكن المواطن الفرنسي يلجأ للدولة.

هذه الثقافة السياسية التي تحكم الحاكم بالمحكوم في المغرب، حسب الطوزي، لا تنفي أن الدولة منذ القديم، منذ أن أصبحت دولة في المغرب كانت تحس أن هناك مسؤوليات تجاه الناس، لكنها تندرج في إطار الرعاية وليس في إطار حقوقي.

وأوضح الطوزي أن المغرب بعد الاستقلال عرف توجهات للدولة الحامية ولكن من دون بعد مفاهيمي فلسفي، وتوالت الأحداث التي فرضت على الدولة تحمل مسؤوليات تجاه المجتمع.

لكن على المستوى المؤسساتي والقانون، فإن التحول هو دستور 2011،الذي جاء بمسألتين مهمتين لتغيير تصورنا لعلاقة الدولة بالمجتمع والمواطن، وهوالجانب الحقوقي، الذي ورغم حضوره في دساتير سابقة لكنه أخذ مكانة جد مهمة خاصة في جانب الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى جانب الحكامة والخدمات العمومية ومسؤوليات الدولة في هذه الخدمات.

والمسألة الثانية أن الدستور أكد على أن جزءا كبيرا من شرعية الدولة يستمد بطريقة واضحة من السيادة الوطنية، والعلاقة بين السيادة الوطنية ومسؤولية الدولة لم تعد في إطار الرعاية، ولكن في إطار دولة تستمد سيادتها من الشعب والانتخابات، وهو ما يقدم مفهوما جديدا للمسؤولية (ليس جديدا ولكنه لم يكن واضحا بشكل كاف).

كما أن النموذج التنموي الذي جاء في سياق إخفاق نسبي للسياسة العمومية ومرحلة كوفيد، جعل المواطن في صلب سياسات الدولة؛ الدولة الحاضنة، كما أكد على قضية الثقة كمسألة مؤسسة لعلاقة الفرد بالدولة، فغياب الثقة بين الدولة والمجتمع، له نتائج وخيمة على التدبير العمومي.

وخلص الطوزي إلى التنبيه إلى أن الدولة الحامية بمفهومها الجديد جد مهمة، لكنها بانتظارات قوية وإمكانيات ضعيفة، لذلك ينبغي أن يكون هناك نقاش عومي كبير وصريح بعيدا عن الشعبوية ليكون منتجا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.