الحصول على قطرة ماء يتحول إلى قطعة عذاب بجماعة أولاد طيب بفاس

تعيش ساكنة مجموعة من الدواوير التابعة للجماعة الترابية “أولاد الطيب”، عمالة فاس، في ظل وضعية خصاص كلي من مادة الماء الصالح للشرب الضرورية للعيش، كل هذا في ظل تواجد المجلس الجماعي ل”أولاد الطيب” بكل تفاصيل أعضاءه وتلويناتهم السياسية التي لا تهم المواطن في شيء، في “دار غفلون” عن مصالح الساكنة ومعاناتهم.

وهكذا فإن دواوير كل من “الحشالفة”، “أولاد بوعبيد”، و”أولاد موسى”، تعيش مند أيام في وضعية فقدان المياه، والسؤال المطروح، كيف يمكن للساكنة أن تروي عطشها وعطش عائلتها وبهاءمها في ظل هذا الوضع؟ وأين هم ممثلوا الساكنة بالجماعة الترابية لأولاد الطيب، والمجلس الإقليمي، والمجلس الجهوي، والسلطات المختصة أمام هاته الوضعية/القاتلة لكل بسمة وأمل في الحياة.

إن ما يقع من غياب ولو لقطرة ماء بهاته الدواوير يفرغ الشعارات الرسمية من مدلولها، ويوضح بجلاء لامسؤولية من أوكل إليهم تدبير الشأن المحلي والشأن العام، خاصة حينما نتحدث عن هاته المادة الحيوية اللازمة للحياة.

فعن أي مشروع تنموي ممكن أن نتحدث أمام هول هاته الصور الصادمة التي عاينتها الجريدة مباشرة على محيا ساكنة حكم عليها بالموت عطشا.

وأين هم المسؤولون في تتبع ومعالجة هاته المشاكل؟ وأين هو المجتمع المدني ودوره دعما للساكنة المحلية، خاصة وأننا لا زلنا عند بوابة إطلالة فصل الصيف، فكيف سيكون صيف هاته السنة بالنسبة لهاته الساكنة التي ترقب المعاناة وليست لديها كما غيرها من ذوي الحظوة البدائل لحل هاته الأزمة “العين بصيرة واليد قصيرة” والمسؤولون عمي يجلسون على الكراسي الفارهة وتحت المكيفات يرتشفون كؤوس الشاي.   

 

إن الوضع صعب للغاية وقاتل، حتى في حده الترقيعي فهو معدوم قسرا بسلطة الغياب واعتماد منطق “كم من الأغراض قضيناها بتركها” على الرغم من أن الأمم المتحدة تؤكد على أحقية كل فرد من الماء، وتعتبره أساسيا للحديث عن التمتع بحياة كريمة، وعاملا حيويًا لإعمال العديد من الحقوق الأخرى مثل الحق في الصحة والحياة والتمتع بمستوى معيشي لائق.

بل أن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان تؤكد على حق كل شخص في الحصول على كمية كافية من مياه الشرب لمنع فقدان الجسم للسوائل والمحافظة على الصحة الأساسية، مع إيلاء اهتمام خاص لأشد الفئات ضعفًا في المجتمع، مؤكدة بذلك على مجموعة من العناصر الضرورية، أولها “التوافر”، أي أنه من حق كل شخص الحصول على المياه بالكميات الضرورية التي تلبي احتياجاته الأساسية، ثانيا الجودة، حيث يتم التأكيد على وجوب أن يكون الماء المخصص للاستخدام الشخصي والمنزلي خاليًا من المواد الضارة، ثالثا إمكانية الوصول إلى الماء، وضمنها عدم التمييز.

أين ساكنة هاته الدواوير من هاته الحقوق، علما أن دستور 2011 رسخ هاته الحقوق وأكد عليها كحقوق أساسية، لكن المسؤولين الذين يتسابقون بكل الوسائل الممكنة، المشروعة منها وحتى غير المشروعة للوصول إلى الكرسي، تنتفي حرارتهم بعد الوصول، لتصبح مشاكل الناس في آخر أجنداتهم التدبيرية. 

صحيح أنه ومند سنة 1994 أنجزت بمساعدة من برنامج الأمم المتحدة للتنمية، دراسة المخطط المديري الوطني لتزويد العالم القروي بالماء الشروب، والتي خلصت الدراسة المنجزة على إثرها إلى وجود خصاص كبير في ميدان تجهيز الساكنة القروية بنقط الماء المهيأة، كما أظهرت ضعف الاستثمارات العمومية والنقص في الموارد المائية من حيث الكم والجودة وكذا الظروف الصعبة للحصول على الماء الصالح للشرب.

ومع الإقرار بالنتائج المحققة مند انطلاق البرنامج الوطني لتزويد العالم القروي بالماء الشروب سنة 1995، الذي كان يهدف أساسا إلى تعميم توفير الماء الشروب بالوسط القروي لفائدة 80% من الساكنة القروية في أفق 2010 وهو ما يعادل تزويد 31000 دوار يضم حوالي 11 مليون نسمة، تطبيقا للتوجيهات الملكية السامية بمناسبة افتتاح الدورة التاسعة للمجلس الأعلى للماء والمناخ التي انعقدت في يونيو 2001 بأكادير، حيث قال جلالته حفظه الله “… كما يجب إيلاء عناية أكبر لتفعيل برنامج تزويد العالم القروي بالماء الشروب حتى تتمكن باديتنا من تحقيق ما ننشده لها من نماء….”.

فأين المصالح الجماعية ل”أولاد الطيب” من هاته التوجيهات السامية التي تعتبر أوامر، وكذلك المجالس المختصة والسلطات المحلية والإقليمية والجهوية وحتى المركزية من هاته التوجيهات المولوية السامية، لأنه من العيب والعار ونحن نتحدث عن مخططات عملاقة أن نجد مواطنا لا يتوفر على قطرة ماء، لهي الإهانة الكبرى التي لا تعني إلا لامسؤولية المسؤولين ووجوب إخضاعهم للمحاسبة، مع إيجاد حلول عاجلة قبل أن تستفحل الصرخات والتي لمسناها في أعين وتقاسيم الوجود الغاضبة التي التقيناها والتي قالت للجريدة ممزوجة بدموع الألم” اللهم هاذا منكر”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.