مسودة مهنة المحاماة والتسبيق الضريبي: محاولة للإجهاز على المحامي المتمرن

 

ظهر في قطاع العدالة مؤخرا نزاع مهني من نوع خاص تزعمه وقاده السيد وزير العدل والحريات السيد وهبي عبد اللطيف ضد مهنة المحاماة. ذلك أن الوزير المحترم لم يتوقف عند حدود سن مسودة لقانون مهنة المحاماة أجهز على المكتسبات الحقوقية السابقة، إن في أسلوب وضعه بحيث تم تغييب المقاربة التشاركية في وضع هذا القانون، والتي دعا لها دستور المملكة ورسخ ضمن بنوده. كما أن هذه المسودة قد ضمت مجموعة من المقتضيات التي تمس بمهنة الدفاع، وتؤصل لواقع مهني عنوانه الإجهاز على كرامة الدفاع وحصانته.

والأمر والأدهى أن السيد الوزير- وخروجا عن اختصاصاته- اقترح على وزيرة الاقتصاد والمالية تضريب المحامون ضريبة جديدة تسبيقية، يؤديها المواطن قبل ولوج مرفق العدالة، والتي تخلق نوع من اللامساواة بين المتقاضين في ضرب سافر لمبدأ لمجانية القضاء. بل إن هذه الضريبة على الدخل التسبيقية تؤدى على دخول لم تحصل بعد بشكل ينأى عن المنطق والمقتضيات المنظمة للضريبة على الدخل.

غير أن هذه المقتضيات من شأنها أن تسوقنا لبعض النتائج الصعبة، بل والخطيرة على مختلف المقاييس خاصة منها على مستوى المكاتب الصغرى للمحامون والمحامي المتمرن.

إن الناظر بتأمل ليلحظ أن هذه المقتضيات في مجملها لتجهز على مكاتب المحاماة الصغرى أو المحامي الذاتي، وذلك من خلال جعله في وضعية صعبة يصبح معها غلق مكتبه واقعا حتميا لا مفر منه لصالح الشركات الكبرى للمحاماة التي تكتسح الساحة المهنية، وتستأثر بقضايا كبيرة ومهمة.

كما أن هذه المقتضيات تعصف بوضعية المحامي المتمرن، وهو الذي أدى واجبات التمرين لصالح هيئة من هيئات المغرب، وظل مدينا في أغلب الحالات، وبدأ في ممارسة مهنة الدفاع مواجها في ذلك أشد الصعاب مع واقع مهني عسير. ليجد نفسه مواجها بمقتضيات كثيرة تعصف بمساره، وتجعله في وضع لا يحسد عليه.

والأمر من ذلك ما تروم هذه المقتضيات أن تؤسس له، وهي وضعية” المحامي الأجير” والذي في ظل كل هذه المقتضيات، سيكون مضطرا للبقاء أجيرا لدى شركة من شركات المحاماة الكبرى  مقابل أجر لإعدام أي محاولة لتحسين واقعه المهني، والانفتاح على طموحات عالية، وفي المقابل تنتعش شركات المحاماة الكبرى، وتستأثر  بكل المتقاضين، وكأننا في غابة يحكمها منطق السيبة حيث البقاء للأقوى في تجاهل لمنطق المساواة التي يفرضها دستور المملكة، ولكل مبادئ حقوق الإنسان التي نصت عليها  اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها دولتنا المغربية.

خديجة جليلي: محامية متمرنة بهيئة الدار البيضاء

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.