يعد ماسيمو بوساكا من أبرز الحكام في تاريخ سويسرا خاصة بعد أن تولى مسؤولية إدارة التحكيم في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منذ عام 2010 وحتى الآن، الجزيرة نت التقت به في العاصمة القطرية الدوحة خلال معسكر إعداد محكمات كأس العالم للكرة النسائية ودار معه الحوار التالي.
تسلمت العمل بالفيفا منذ تسع سنوات تقريبا فما تقييمك للعمل وهل نجحت في تحقيق أهدافك؟
من السهل أن أقول إنني أعرف كل شيء وأعمل جيدا، لكنني أعتبر نفسي كمدرب كرة القدم الذي إذا سألته عن تقييمه لعمله فستكون الإجابة الملعب، حيث إن الفوز بالمباريات يعني أنه مدرب جيد أما إذا خسر فلا يستطيع أن يقول إنه جيد.
وعن نفسي فقد أشرفت على الحكام في بطولات كثيرة، منها كأس العالم عام 2014 بالبرازيل، وكأس العالم بروسيا 2018، وأعتقد أن نتائجي في البطولتين كانت جيدة جدا، ثم إن استمراري مسؤولا عن إدارة التحكيم بالفيفا على مدار تسع سنوات يعني بوضوح أن المسؤولين والناس يرون أن عملي جيدا.
ما تفسيرك للآراء التي تشير إلى أن مستوى التحكيم في مونديال البرازيل كان أفضل من روسيا 2018؟
فعلا التحكيم في مونديال البرازيل دون تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد (فار) كان رائعا، فباستثناء خطأ أو اثنين كان أداء الحكام قويا جدا وكانوا في قمة مستواهم الفني والبدني، أما في مونديال روسيا فكان من الممكن أن تكون هناك أخطاء أكثر لولا أن تكنولوجيا الفار ساعدتنا كثيرا، وهذا هو السبب في استعانتنا به في مونديال روسيا.
وما السبب في أن الأخطاء ستكون كثيرة من دون الفار؟
لأننا نعلم أن كرة القدم تغيرت كثيرا وأن اللاعبين أصبحوا أفضل من الناحية البدنية، وبالتالي زادت سرعة المباريات وقوتها، وهذا لم يكن موجودا قبل سنوات، فأنا عندما أشاهد المباريات أشعر أحيانا بالذهول من أداء اللاعبين في الملعب، وهو ما كان يجب أن نجاريه كحكام فكان الفار الاختيار الأمثل.
بعد رحيل رئيس الفيفا السابق جوزيف بلاتر حدثت تغيرات كثيرة، منها تولي الحكم الإيطالي بيير لويجي كولينا رئاسة لجنة الحكام، فكيف أثر ذلك في عملك كمدير للتحكيم بالفيفا؟
كولينا كان أفضل الحكام في العالم ويمتلك خبرة رائعة في التحكيم، ونحن أصدقاء منذ سنوات طويلة وأنا أعرفه شخصيا بل وشاركت معه في التحكيم ببداية مسيرتي التحكيمية وتعلمت كثيرا من عقليته وفلسفته، وأعتقد أننا نتشابه في العقلية وفهم كرة القدم، كما نتشابه في طريقة العمل مما ساعدنا كثيرا في إدارة التحكيم بالعالم، وفي الحقيقة أن الفيفا منح التحكيم العالمي فرصة لا تصدق بوجود كولينا رئيسا للجنة، فهو صاحب رؤية صائبة في تعيين قيادات التحكيم حول العالم.
ما أبرز التغييرات التي أدخلها كولينا على التحكيم العالمي؟
هو أدخل تغييرات كثيرة أهمها أننا في البطولات نتبع سياسة البقاء للأفضل، حيث لم يعد هناك اعتبار لاسم الحكم أو تصنيفه بل بأدائه في الملعب فقط، ورأينا في مونديال روسيا الأخير بعض الحكام الكبار يغادرون البطولة بعد انتهاء مباريات الدور الأول، باختصار مع كولينا البقاء للأفضل ونحن نعمل على اكتشاف الوجوه الجديدة من الحكام الجيدين، ورأينا في المعسكر الأخير بالدوحة حكما من الكونغو في مستوى جيد جدا، فلماذا لا يحصل على فرصته ويحكم؟
الخلاصة أن شعارنا في لجنة الحكام أصبح إذا كنت جيدا اليوم وليس أمس ستدير المباريات في البطولات، أما إذا كنت جيدا أمس وليس اليوم فلن تدير أي مباراة.
رفعتم سن الحكام من 45 عاما لثلاث سنوات إضافية، فهل نجحت هذه الفكرة؟
نعم بالطبع، إذا كان اللاعبون يستمرون حتى يتوقف عطاؤهم في الملعب فلماذا نحدد 45 عاما لتقاعد الحكام، بصراحة لم يكن من الصائب تحديد هذه السن، فإذا كان الحكم في المستوى المطلوب فنيا وبدنيا وصحيا ويجتاز اختبار اللياقة البدنية يستطيع أن يستمر في الملاعب.
رأينا بمونديال البرازيل 2014 الحكم الدولي الجزائري جمال حيمودي يدير مباريات كبيرة، منها مباراة تحديد المركز الثالث، لكن الحكام العرب استبعدوا جميعا بعد الدور الأول في مونديال روسيا وأداروا مباريات ضعيفة، فما تفسيرك لذلك التراجع الكبير؟
كما قلت إننا حاليا لا ننظر لاسم الحكم أو جنسيته، أصبحنا ننظر للمستوى فقط، وحيمودي كان رائعا في البرازيل فنال ما يستحقه، والخلاصة أننا ننظر للجميع على أنهم حكام بالفيفا ولا نضع أي اعتبار لقارته أو عرقه وجنسيته.
وهل معنى ذلك أنك لا ترى حكام جيدين على المستوى العربي الآن؟
رأيت في المعسكر الأخير بالدوحة بعض الحكام العرب الجيدين منهم حكم جزائري (مصطفى غربال)، وآخر مغربي (رضوان جيد)، وأرى أنهم بشيء من الجهد والتعلم سيصلون إلى مرتبة حيمودي.
ما تقييمك لتقنية الفار حتى الآن؟
جيد جدا حيث كان لتدخلاته الفضل في إعطاء الحق لأصحابه، والأمر صعب للغاية لأننا أحيانا نتكلم في سنتيمتر واحد، وقد أثبت الفار كفاءة في مثل هذه الحالات الصعبة، لكن ليس هناك شيئا كاملا، فهناك بعض الأخطاء حتى مع وجود الفار، وما يهمنا الآن هو أن تقل تدخلات التكنولوجيا وأن يكون اللعب طبيعيا إلى حد كبير وهذا قد يحتاج إلى بعض الوقت.
تحضر كثيرا إلى الدوحة، فما رأيك بمستوى الملاعب وتحضيرات قطر لمونديال 2022؟
أعتقد أن كأس العالم سيكون رائعا، فالملاعب رائعة والاستعدادات على أعلى مستوى، ومنذ مونديال روسيا حضرت إلى الدوحة حوالي خمس مرات وما شهدته يعد مذهلا، نحن الآن في معسكر المحكمات بالملعب المغطى في أسباير، وتستطيع أن تتدرب وتلعب فيه في أي وقت لأنه مكيف وإضاءته وأرضيته الصناعية ممتازة، وهذا لا تجده في أي مكان بالعالم.
أخيرا ما أحلامك على مستوى التحكيم؟
أحلم بأن يبلغ الحكام درجة من الكفاءة يصلون بها إلى القرارات الصحيحة دون اللجوء للفار حتى نستغني عنه تماما، وإلى أن يتحقق هذا الحلم أتمنى أن تقل تدخلات الفار جدا بحيث تصبح مرة كل ثلاث مباريات، كما أحلم بأن أستمر في تطوير مستوى الحكام.