طب التوليد بالمغرب بين الإيذاء غير العمد والخطأ الطبي والابتزاز الإعلامي

مصطفى شكري

يعاني قطاع الصحة بالمغرب وخاصة في مجال طب التوليد نقصا هائلا في عدد الأطباء والممرضين والمولدات “القابلات” اللواتي يعانين من ضعف الحماية القانونية.

فحسب البحث الميداني الذي أنجزته الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، بدعم من الاتحاد الأوروبي، حول ولوج النساء إلى الخدمات الاجتماعية، بيّن أن عدد أطباء التوليد بالقطاع العام في جهة الدار البيضاء-سطات (نموذجا) لا يتعدى 81 طبيبا، وعدد المولدات 310، و81 ممرضة.

وتحفل اليوم الساحة الاعلامية بعدة قصص وأحداث تشير بأصابع الاتهام والتشكيك للعاملين في مجال طب التوليد خاصة، حيث تتضارب الآراء والتأويلات.

وفي هذه المقالة نتطرق لإحدى الحالات التي عمرت طويلا بساحات القضاء وأمام كاميرات الإعلام حتى نتبين الخيط الابيض من الخيط الأسود في هذا الملف الذي أقام الدنيا وأقعدها.  

تقول “كوثر حميص” في عدة تصريحات إعلامية إنها تعرضت لخطأ طبي أثناء عملية للولادة في إحدى المصحات الخاصة بمدينة المحمدية مما أدى إلى استئصال رحمها.!!

 

 

لكن المتابعين لمجريات الأحداث المتعلقة بهذا الملف أفادوا بأن المسماة “كوثر” كانت تتابع وضعها الصحي طيلة فترة حملها مع إحدى المولدات التي أشرفت بنجاح على حملها وولادتها لطفلها الأول سابقا، وأنه في يوم الولادة الثانية وقع نزيف مفاجئ ناجم بالأساس عن التصاق “الخوات” داخل الرحم، ليتم نقلها لمصحة أخرى، حيث أخبرها طبيب المصحة بأنه اضطر إلى استئصال جزء من رحمها.

 

 

وبعد لجوء المشتكية الى القضاء، قضت المحكمة الابتدائية في فاتح شهر يونيو 2022 لصالحها مع تحديد اول جلسات الاستئناف في يوم 19 شتنبر 2022؛ وهكذا قضت هيئة الحكم بحر هذا الاسبوع بعد عدة جلسات بعدم الاختصاص. 

وحسب المتابعين لأطوار هذه القضية فإن عملية التوليد تمت بنجاح شأنها شأن عملية التوليد الأولى، وان ادعاءات المسماة “كوثر” لا أساس لها من الصحة، وأن نتائج الخبرات الطبية التي تم إجراؤها لحدود الساعة رغم نسبيتها وتضارب معطياتها أكدت أن النزيف مرده لالتصاق “الخوات” وأن الأذى المترتب عن ذلك لم يكن عمديا، وأن الطبيب الذي أشرف على العملية كان باقتراح من المسماة “كوثر” وأن لا مجال للحديث عن وجود استئصال للرحم، بالإضافة إلى وجود علاقة توليد ناجحة سابقا بين المسماة “كوثر” والمولدة المشهود لها من طرف الجميع بالخبرة والتفاني والجدية في عملها كما أن لابنتها سمعة طيبة للغاية وتشرف على عيادتها بكل تجرد ونزاهة.. 

 

 

إن توالي الخرجات الاعلامية للمسماة “كوثر” في نظر المطلعين بخبايا الامور هدفه الطعن المجاني في مهنة القابلات “ملائكة الرحمة” اللائي يأخذن بيد النساء أثناء الوضع ويحولن بفضل خبرتهن الألم إلى فرح عارم، فالمولدة التي أشرفت بنجاح على توليد المسماة “كوثر” لمرتين متتاليتن، وكذا ابنتها، نموذج رائد لسيدتين اختارتا هذه المهمة الإنسانية بكل نزاهة وكفاءة للتخفيف من معاناة وألم الأمهات لحظة المخاض؛ كما يحتضنان كل النساء المقبلات على الولادة منذ عدة سنوات، مع تقديم خدمات الاستشارة والتوليد والتتبع. 

كما أفادت عدة مصادر طبية أن ما يجري حاليا مجرد محاولة يائسة لإقحام القضاء في عملية توليد شابتها بعض التعقيدات من أجل الابتزاز المالي لا أكثر، ولا أدل على ذلك من تكرار المسماة كوثر “أنها فقيرة والمدعى عليهم أغنياء!!”، أي أنها تريد من قضاة المحكمة وخبراء الطب ومنابر الاعلام تبني وجهة نظرها دون النظر في أقوال الطرف الآخر، وإلا فإنها ستقذف كل أطراف السلطة القضائية وجسم المحاماة بالتواطؤ والظلم؛ كما تهدد علنا بحرق ذاتها وارتكاب حماقات أخرى في حالة عدم الحكم لصالحها بما ترغب فيه من تعويضات..!! 

كما ان رفض المسماة “كوثر” إعادة إجراء الخبرة الطبية وتهديدها بحرق ذاتها في حالة إعادتها، يطرح أكثر من سؤال وعلامة استفهام لدى كل المتتبعين ويظهر بوضوح أن المسماة تحاول إخفاء الحقيقة وتضليل العدالة.

كما أن المولدة وابنتها رافقتا المشتكية الى عيادة الطبيب بعد وقوع النزيف وعملا على إمدادها بالدم اللازم، ومكثا الى جانبها حتى استعادت عافيتها صباح اليوم الموالي، وأن إنكار المشتكية لهذه المعطيات ضرب من التجني والبهتان لغاية في نفس يعقوب..

وللحديث بقية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.