خطبة الجمعة بين التاريخ والواقع: دعوة للتغيير والمشاركة
مجلة أصوات
مع حلول شهر رمضان المبارك، يتزايد تداول الخطابات النمطية على منابر المساجد، حيث تركز العديد من الخطب على تاريخ الشهر وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، متجاهلةً المعاناة الحقيقية التي يعيشها المجتمع اليوم. توحي تلك الخطب كأن الإسلام يقتصر فقط على العبادات دون أن يكون منهجًا شاملًا يُغير واقع الناس.
تساؤلات عديدة تطرح حول الغياب الواضح للأحاديث المرتبطة بمعاناة الفقراء في ظل الغلاء الفاحش. أين التوجيه الحازم في مواجهة المحتكرين والمفسدين الذين يرفعون الأسعار ويستنزفون القوت اليومي للعائلات؟ لماذا لا يتم تسليط الضوء على الفساد المُستشري في الأسواق، وعلى الممارسات التجارية غير النزيهة التي تؤثر على حياة المواطنين؟
يبرز هنا إشكال رئيسي: هل أصبح دور خطباء الجمعة مقتصرًا على سرد الأحداث التاريخية دون تقديم حلول واقعية تخدم المجتمع؟ إن رمضان، الذي يُفترض أن يكون شهر العطاء والمشاركة، يصبح في بعض الأحيان شهرًا يُستغل فيه الناس تحت غطاء العبادة.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من الظلم، حيث قال “من غش فليس مني”، فما الذي يمنع الخطباء من نقل هذه الرسائل الهامة من على المنابر؟ يجب أن يُوجَّه الخطاب الديني لمحاسبة المستفيدين من الفساد الذين يحتكرون السلع الأساسية، بدلاً من تجاهل هذه القضايا الحيوية.
إن خطبة الجمعة ليست مجرد درس تاريخي، بل هي صوت المجتمع وصدى قضاياه اليومية. إن لم يُلى على مسامع المصلين التحذير من التلاعب بأسعار المواد الغذائية، فما الفائدة من الحديث عن صيام الصحابة؟ يجب أن يركز الخطباء على الظلم الاجتماعي والجشع التجاري الذي يعاني منه المواطنون، ليصبح المنبر صرخةً في وجه الفساد والاستغلال.
على الخطباء أن يتحملوا مسؤولياتهم أمام الله وأمام مجتمعهم، وأن يدركوا أن دورهم يمتد إلى الإصلاح والتوجيه، حتى لو تطلب ذلك مواجهة بعض الأطراف المستفيدين من الوضع الراهن. فالمنبر يجب أن يكون صادقًا مع الناس ليعزز من قدرة الأمة على النهوض وتغيير أوضاعها نحو الأفضل