اختبارات تساعد على تشخيص الحساسية

بقلم د. مبارك أجروض 

يعد اختبار الحساسية test d’allergie الذي يظهر الحاجة إلى الغلوبولين globuline المناعي، اختبارا مهما يساعد في تشخيص حالات الحساسية المشتبه بها، له مزاياه وكذلك عيوبه. في اختبارات الحساسية، فإن التوقع يكتشف سبب مرض الحساسية الذي يحدث في الجسم. في هذه المقالة، كتبنا عن اختبارات الحساسية من أجل شرحه بمزاياه وكذلك بعيوبه.

يصاب المرء بأنواع مختلفة من الحساسية، كحساسية الطعام، حساسية الصدر والجيوب الأنفية وحساسية الجلد، وفي بعض الأحيان قد لا يمكن تحديد مثيرات الحساسية، لذا يلجأ الطبيب لإجراء اختبارات الحساسية الجلدية، وفيها يتم تعريض الجلد للمواد التي يشتبه بتسببها للحساسية (مثيرات الحساسية)، ثم تتم مراقبته من حيث ظهور أعراضٍ لحدوث تفاعل حساسية، وإضافةً إلى تاريخك المرضي، ربما تتمكن اختبارات الحساسية من تأكيد ما إذا كانت مادةٌ ما تلمسها أو تستنشقها أو تأكلها تسبب الأعراض أم لا.

* دواعي اختبارات الحساسية

يمكن أن تساعد المعلومات المأخوذة من اختبارات الحساسية الطبيب في وضع خطة علاجٍ لها تتضمن تجنب مثيرات الحساسية أو استخدام الأدوية أو حقن الحساسية (العلاج المناعي)، وتُستخدم اختبارات الحساسية الجلدية على نطاقٍ واسعٍ للمساعدة في تشخيص حالات الحساسية، ومنها:

ـ حمى القش (حساسية الأنف) rhinite allergique

ـ الربو التحسسي. asthme allergique

ـ التهاب الجلد (الأكزيما). eczéma

ـ حساسية الغذاء. Allergie alimentaire

ـ الحساسية للبنسلين. Allergie à la pénicilline

ـ الحساسية لسم النحل. Allergie au venin d’abeille

ـ حساسية اللاتكس. Allergie au latex

* موانع إجراء اختبارات الحساسية

إن اختبارات الجلد آمنةٌ عامةً للبالغين والأطفال بجميع أعمارهم بمن فيهم الرّضع، لكنه لا يوصى بهذه الاختبارات في حالاتٍ محددة، فقد لا يوصي طبيبك باختبار الجلد في الحالات التالية:

ـ إذا سبق أن حدث لدى الفرد تفاعل حساسيةٍ حاد

ربما يكون لدى الفرد حساسية لمواد محددةٍ لدرجة أنّ أقلّ الكميات المستخدمة في اختبارات الجلد يمكن أن تثير تفاعلاً يهدد الحياة (فرط الحساسية hypersensibilité).

ـ إذا كان الفرد يتناول أدويةً قد تتداخل مع نتائج الاختبار

وتتضمن هذه الأدوية مضادات الهيستامين antihistaminiques والكثير من مضادات الاكتئاب، إضافةً إلى بعض أدوية حرقة القلب. ويمكن أن يقرر الطبيب أنه من الأفضل الاستمرار في تناول هذه الأدوية بدلاً من التوقف عنها مؤقتًا من أجل التحضير لاختبار الجلد.

ـ إذا كان الفرد يعاني من أمراضٍ جلديةٍ محددة

إذا كان الفرد يعاني من الحالة الحادة للأكزيما أو الصدفية المنتشرةً على مساحةٍ واسعةٍ من الجلد على الذراعين والظهر ـ وهما الموقعان المعتادان لإجراء الاختبار ـ فقد لا تتسنّى مساحةٌ واضحةٌ بما فيه الكفاية من الجلد السليم لإجراء اختبارٍ فعال. ويمكن أن تسبب أمراضٌ جلديةٌ أخرى، مثل كتوبية الجلد Dermatographisme، نتائج غير موثوقة. وربما يستفيد هؤلاء المرضى الذين لا ينبغي عليهم الخضوع لاختبارات الجلد، من اختبارات قياس كمية الأجسام المضادة للغلوبين المناعي  E(Anticorps IgE) داخل المختبر، ولا تتم اختبارات الدم بنفس القدر الذي تتم به اختبارات الجلد لأنها قد تكون أقل حساسيةً وأكثر تكلفةً منها. وبصفة عامة، تُعد اختبارات الحساسية الجلدية أكثر موثوقيةً في تشخيص الحساسية للمواد المحمولة في الهواء، مثل حبوب اللقاح ووبر الحيوانات الأليفة وعثة الغبار acarien. وقد يساعد اختبار الجلد في تشخيص الحساسية الغذائية. ولكن نظرًا لأنّ الحساسية الغذائية يمكن أن تكون معقدة، فقد تحتاج إلى اختباراتٍ أو إجراءاتٍ إضافية.

* مخاطر اختبارات الحساسية

إنّ أكثر الآثار الجانبية لاختبار الجلد شيوعًا هو ظهور أجزاء حمراء متورمةٍ قليلاً وتثير الحكة (بثرات). وربما تكون هذه البثرات أكثر وضوحًا أثناء الاختبار. ولكن يمكن أن تظهر لدى بعض الأشخاص منطقة تورمٍ واحمرارٍ وحكةٍ بعد بضع ساعاتٍ من الاختبار وتستمر حتى لفترةٍ تصل إلى يومين. وفي حالاتٍ نادرة، يمكن أن تسبب اختبارات الحساسية الجلدية تفاعل حساسيةٍ حادًّا وفوريًّا، ولذا فمن المهم الخضوع لاختبارات الجلد في عيادة طبيب تتوفر فيها معداتٌ وأدوية ملائمة لحالات الطوارئ.

* خطوات وأنواع الاختبارات

عادة ما يتم إجراء اختبار الجلد في عيادة الطبيب. وعلى العموم يتولى ممرضٌ إجراء الاختبار، بينما يفسر الطبيب النتائج. ويستغرق ذلك في العادة نحو 20 إلى 40 دقيقة. وتكشف بعض الاختبارات تفاعلات الحساسية الفورية، والتي تنشأ خلال دقائق من التعرض لمثير الحساسية. بينما تكشف اختباراتٌ أخرى تفاعلات الحساسية المتأخرة، والتي تنشأ خلال بضعة أيام.

ـ أنواع الاختبارات

اختبار وخز الجلد test cutané

يفحص اختبار وخز الجلد، والذي يسمى أيضًا اختبار الثقب أو الخدش، مدى وجود تفاعلات حساسيةٍ فوريةٍ تجاه 40 مادةً مختلفةً في وقتٍ واحد. وعادةً ما يتم إجراء هذا الإختبار لتحديد الحساسية لحبوب اللقاح والعفن ووبر الحيوانات الأليفة وعثة الغبار والأطعمة. ويتم إجراء هذا الاختبار لدى البالغين في منطقة الساعد عادة. بينما يمكن إجراؤه لدى الأطفال في أعلى الظهر. لا تسبب اختبارات الحساسية الجلدية الألم، وفي هذا الاختبار، يتم استخدام إبر (مشارط) iguilles (scalpels) بالكاد تخترق سطح الجلد. ولن يصيب الفرد أي نزفٌ، كما أنه لن يشعر بأكثر من توجع خفيفٍ يدوم للحظات. وبعد تنظيف موقع الاختبار بواسطة الكحول، يرسم الممرض علاماتٍ صغيرةٍ على البشرة ويضع قطرةً من مستخلص مثير الحساسية بجانب كل علامة. وبعد ذلك، يَستخدم المشرط لوخز المستخلصات ودفعها إلى داخل سطح الجلد. ويتم استخدام مشرطٍ جديدٍ من أجل كل مثيرٍ للحساسية. ولمعرفة ما إذا كان جلد الفرد يتفاعل على نحو طبيعي، يتم خدش سطحه بواسطة مادتين إضافيتين:

ـ الهيستامين histamine: تُسبب هذه المادة استجابة بالجلد لدى معظم الأشخاص. وإذا لم تظهر أي ردة فعلٍ تجاه الهيستامين، فقد لا يكشف اختبار الحساسية الجلدية عن وجود حساسيةٍ حتى وإن كنت مصابًا بها.

ـ الجليسيرين أو المحلول الملحي glycérine ou solution saline: لا تسبب هاتان المادتان أي تفاعل لدى معظم الأشخاص. فإذا حدث تفاعل لديك تجاه الجليسيرين أو المحلول الملحي، فقد تعاني من بشرةٍ حساسة. ويجب تفسير نتائج الاختبار بحذرٍ لتجنب التشخيص الخاطئ للحساسية.

وبعد وخز الجلد بنحو 15 دقيقة، يراقب الممرض الجلد من حيث وجود علاماتٍ لتفاعلات الحساسية. وإذا كان الفرد حساسًا تجاه أحد المواد المختبرة، فسوف تظهر لديه منطقة صغيرة متورمة حمراء تثير الحكة (بثرة) تبدو أشبه بلدغة بعوضة، بعد ذلك، يقيس الممرض حجم البثرة، وبعد أن يسجّل الممرض النتائج، يقوم بتنظيف البشرة بالكحول لإزالة العلامات.

اختبار حقن الجلد test d’injection cutanée

ربما يحتاج الفرد إلى اختبارٍ يتم فيه استخدام إبرة لحقن كميةٍ صغيرةٍ من مستخلص مثير الحساسية داخل الجلد في ذراعه (اختبار داخل الأدمة). يتم فحص موقع الحقنة بعد حوالي 15 دقيقة من حيث وجود علاماتٍ لتفاعل حساسية. وقد يوصي الطبيب بهذا الاختبار لفحص وجود حساسيةٍ لسمّ الحشرات أو البنسلين.

اختبار الرقعة test de patch

بصفة عامة يتم إجراء اختبار الرقعة لمعرفة ما إن كانت مادةٌ محددةٌ تسبب تهيج الجلد التحسسي (التهاب الجلد اللمسي dermatite tactile) أم لا. ويمكن أن تكشف اختبارات الرقعة تفاعلات الحساسية المتأخرة، والتي يمكن أن يستغرق حدوثها عدة أيام. لا يتم استخدام أي إبر في اختبار الرقعة. ولكن، يتم وضع مثيرات الحساسية على رقعاتٍ توضع بعدها على الجلد. وأثناء اختبار الرقعة، يمكن تعريض الجلد إلى عدد من 20 إلى 30 مستخلصاً من مواد يمكن أن تسبب التهاب الجلد اللمسي، ويمكن أن تتضمن هذه المواد اللاتكس والأدوية والعطور والمواد الحافظة وأصبغة الشعر والمعادن والراتينج. يتم وضع الرقع على ذراع الفرد أو ظهره لمدة 48 ساعة. وخلال هذا الوقت، ينبغي على الفرد تجنب الاستحمام والأنشطة التي تسبب التعرق بغزارة. ويتم نزع الرقع عند عودته إلى عيادة الطبيب. ويمكن أن يشير تهيج البشرة في موقع الرقعة إلى وجود حساسية.

* كيفية التحضير لاختبارات الحساسية

قبل أن يوصي الطبيب الفرد بإجراء اختبار الجلد، فإنه سوف يطرح عليه أسئلةً مفصلة عن تاريخه الطبي الشخصي والعائلي، وعن العلامات والأعراض لديه، إضافةً إلى طريقتكه المعتادة لعلاجها. ويمكن أن تساعد إجاباته الطبيب في تقرير ما إذا كانت الحساسية منتشرةً في عائلته أم لا، وما إذا كان تفاعل الحساسية هو الذي يسبب الأعراض لديكه على الأرجح أم لا. وقد يُجري الطبيب أيضًا فحصًا بدنيًا للبحث عن مؤشرات إضافية عن سبب حدوث العلامات والأعراض لديه.

* أدوية تؤثر على النتائج

قبل تحديد موعد اختبار الجلد، على الفرد أن يحضر إلى الطبيب قائمةً بكل الأدوية سواء تلك التي يأخذها وفق وصفةٍ طبيةٍ أوالتي يتناولها بدون وصفةٍ طبية. حيث يمكن أن تمنع بعض الأدوية تفاعلات الحساسية؛ مما يحول دون إعطاء اختبار الجلد نتائج دقيقة. ويمكن أن تزيد أدويةٌ أخرى من خطورة حدوث تفاعل حساسيةٍ حاد أثناء الاختبار لديه. ونظرًا لأنّ الأدوية تزول من الجسم بمعدلات مختلفة، فقد يطلب من الفرد الطبيب التوقف عن تناول بعض الأدوية لمدةٍ تصل إلى 10 أيام. وتتضمن الأدوية التي يمكن أن تتداخل مع اختبارات الجلد ما يلي:

ـ مضادات الهيستامين التي تُعطى بوصفة طبية: مثل الليفوسيتريزين (زيزال) والديسلوراتادين (كلارينيكس).

ـ مضادات الهيستامين المتاحة بدون وصفة طبية: مثل اللوراتادين (كلاريتين، آلافيرت) والديفينهيدرامين (بينادريل وغيره) والكلورفينيرامين (كلور-تريميتون) والسيتريزين (زيتريك وغيره) والفِكسوفينادين (أليجرا).

ـ مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات: مثل النورتريبتيلين (باميلور) والديسيبرامين (نوربرامين).

ـ أدوية محددة لحرقة المعدة (الحموضة): مثل السيميتيدين (تاجاميت) والرانيتيدين (زانتاك).

ـ دواء أوماليزوماب (زولير) للربو: يمكن أن يؤثر هذا الدواء على نتائج الاختبار سلبًا لمدة ستة أشهرٍ أو أكثر حتى بعد التوقف عن استخدامه (بينما تؤثر معظم الأدوية في النتائج لمدة تتراوح من أيامٍ إلى أسابيع).

* نتائج اختبارات الحساسية

قبل أن يغادر الفرد عيادة الطبيب، سوف يحصل على نتائج اختبار وخز الجلد أو الاختبار في الأدمة. ويمكن أن يستغرق اختبار الرقعة بضعة أيامٍ أو أكثر للحصول على النتائج. وتعني النتيجة الإيجابية لاختبار الجلد أن الفرد قد يكون حساسًا لمادةٍ معينة. وتشير البثرات الكبيرة عادةً إلى درجةٍ عاليةٍ من الحساسية. أما النتيجة السلبية فإنها تعني أن الفرد قد لا تكون حساسًا لنوعٍ محددٍ من مثيرات الحساسية. وعلى الفرد أن يذكر أنّ اختبارات الجلد ليست دقيقةً على الدوام. فهي تشير في بعض الأحيان إلى وجود الحساسية في حين أنها ليست موجودة (نتيجة إيجابية كاذبة)، أو يمكن ألّا يحفز اختبار الجلد تفاعلاً عندما تتعرض لشيءٍ لدي الفرد حساسيةٌ تجاهه (نتيجة سلبية كاذبة). وقد يحدث لدى الفرد تفاعل على نحو مختلف تجاه نفس الاختبار عند إجرائه في ظروف مختلفة، أو يمكن أن يحدث لديكه تفاعل إيجابي تجاه مادةٍ ما خلال أحد الاختبارات ولكن لا يتفاعل تجاهها في حياته اليومية.

* خطة علاج الحساسية بعد اختبارات الحساسية

في هذا الصدد يمكن أن تتضمن خطة علاج الحساسية الخاصة بالفرد الأدوية أو العلاج المناعي أو التغييرات في بيئة العمل أو المنزل أو تغيير النظام الغذائي. وعلى الفرد ان يطلب من الطبيب أن يشرح أي شيءٍ لا يفهمه بشأن تشخيصه أو علاجه. ومن خلال النتائج التي تحدد مثيرات الحساسية لدى الفرد وبوجود خطة علاجٍ لمساعدته في ضبط الحالة، وسوف يتمكن من الحدّ من علامات وأعراض الحساسية أو التخلص منها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.