إعداد مبارك أجروض
تؤثر قلة النوم على صحة الجسم، ولا سيما الصحة الجنسية، وتسبب اضطرابات في الوظائف المختلفة من بينها ضعف جهاز المناعة والنوم حاجة ضرورية لكل كائن حي، وذلك نظراً للدور الكبير الذي يقوم به في الحفاظ على استقرار الصحة البدنية والعقلية، لكن مما يعكر صفو هذا الاستقرار هو الأرق، فمن الآثار السلبية الناجمة عن الأرق هو تدميره للدافع الجنسي الخاص بذلك الشخص، الأمر الذي من شأنه أن يخلّف أضراراً محتملة في العلاقة الصحية والاجتماعية مع الشريك..
هناك أخطار مرتبطة بالأرق، خصوصاً تلك المتعلقة بالعلاقة الحميمية مع الشريك وكيفية مواجهتها.
*ما هو الأرق ؟
يعدّ الأرق مشكلة شائعة إلى حد ما، وهو عبارة عن اضطراب في النوم، يتمثل في عدم قدرة المصاب به على النوم، ويوجد ثلاثة أنواع من الأرق:
ـ الحاد: وهو قصير الأمد، أي لا يستمر إلا بضعة أيام أو أسابيع.
ـ المزمن: وهو طويل الأمد، لذلك يُعرف باسم النوم المعطل الذي يحدث ثلاث مرات في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.
ـ الشديد: وينتج عادةً عن أحداث مسببة للضغط والتوتر، أو ربما بسبب وفاة أحد أفراد العائلة.
وتشير الدراسات إلى أن 30% من السكان يعانون من مشاكل في النوم، وأن 10% يعانون من الأرق المزمن.
* الآثار السلبية للأرق
يعاني من يصاب بالأرق من مجموعة آثار سلبية في علاقته الحميمية مع الشريك، نوردها في ما يأتي:
1ـ انخفاض الطاقة
عندما تنام بشكل جيد فإنّ جسمك يعوّض الطاقة التي فقدها عندما كنت مستيقظاً، ونظراً لأن الأرق لا يسمح لك بالاستمتاع بنوم جيد والشعور بعدم امتلاك ما يكفي من الطاقة، وبالتالي فإنه لن يكون لديك الطاقة الكافية للعلاقة الحميمية حتى لو كانت لديك رغبة.
2ـ الاكتئاب
فقدان المال ليس هو السبب الوحيد للاكتئاب في حياة الناس، بل إنّ عدم القدرة على إرضاء شريك حياتك قد يؤدي إلى الاكتئاب إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح، فإذا لم تتخلص من الأرق وتمنح نفسك فرصة للنوم واستعادة طاقتك المفقودة، فإن عدم قدرتك على ممارسة النشاط الجنسي قد يفسح مجالًا كبيراً لحدوث الاكتئاب، وعندها ستقع فريسةً لشعور سيئ لا يستحق التجربة.
3ـ القلق
مع الأرق ستجد نفسك تقلق كثيراً، إذْ لا يمكن ترك العقل البشري أبداً دون أي شيء يشغله، والبقاء مستيقظًا يضعك في وضع غير مريح، وهو الاضطرار إلى التعامل مع القلق معظم اليوم، ولن يمنحك هذا التعذيب العقلي مطلقاً فرصة للاسترخاء والعيش بحياة سعيدة، ونتيجةً لذلك، تنخفض طاقتك وتجعل فكرة ممارسة العلاقة الحميمية في المرتبة الأدنى من الأشياء التي تريد القيام بها.
4ـ العلاقات المتصدعة
قد لا ترغب في ذلك، لكن قلة النوم تسبب مشاعر التهيج والاستياء وحتى الغضب.. إنها تحل محل الرغبة في البقاء قريباً من شريك حياتك، والحماس الذي كان لديك في الماضي لقضاء وقت ممتع معه، ومن شأن هذا كله أن يتسبب في إحداث شرخٍ في علاقاتك، لذلك سيكون إنجازاً استثنائياً لو أنك تغلبت على تحدي التعب وركزت جيداً على جعل شريكك سعيداً.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الوقت الذي تقضيه في التجول حول السرير وأنت تجبر نفسك على النوم يمكن أن يكون مصدر إزعاج لشريكك، ويمنعه من النوم.
* ارتباط النوم بممارسة العلاقة الحميمية
ينام معظم الناس ويمارسون العلاقة الحميمية في المكان نفسه وهو غرفة النوم، ولكن ما يجب أن نعرفه أن قلّة النوم وعدم ممارسة العلاقة الحميمية يشتركان في بعض الأسباب الأساسية الشائعة، بما في ذلك التوتر؛ إذ إنّ قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى مشاكل جنسية، وقلّة ممارسة العلاقة الحميمية يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في النوم، وعلى العكس من ذلك، يمكن أن يؤدي النوم الجيد ليلاً إلى زيادة الاهتمام بممارسة العلاقة الحميمية، وقد تؤدي ممارسة العلاقة الحميمية إلى نوم أفضل ليلاً.
وقد وجد الباحثون أن النساء اللواتي يعانين من قلة ممارسة العلاقة الحميمية هن النساء اللواتي يتأثرن بشكل غير متناسب بمشاكل النوم وانخفاض الرغبة الجنسية، والعلاقة بين الاثنين لا جدال فيها، وفي الواقع النساء أكثر عرضة من الرجال لمشاكل النوم، والشكاوى الجنسية الأكثر شيوعاً التي تقولها النساء للمعالجين والأطباء هي وجود رغبة جنسية منخفضة.
على العكس من ذلك، فإن الحصول على ليلة نوم جيدة قد يزيد من الرغبة، فقد وجدت دراسة حديثة أن النساء اللواتي ينمن أكثر هن أكثر اهتماماً بممارسة العلاقة الحميمية في اليوم التالي.. حيث أدت ساعة واحدة فقط من النوم إلى زيادة بنسبة 14% في فرص ممارسة العلاقة الحميمية في اليوم التالي.
ارتباط النوم أيضاً بالقضايا الجنسية شائع بين الأمهات، فمن غير المرجح أن تحصل الأمهات اللواتي لديهن أطفال حديثو الولادة على نوم جيد أثناء الليل، ويرجع ذلك في الغالب إلى رعايتهن لأطفالهنّ أثناء الليل، ومع ذلك، فغالباً ما تحدث مشكلات النوم وممارسة العلاقة الحميمية المستمرة للأمهات بسبب وجود الكثير مما يجب عمله والضغط المرتبط به.
أيضاً فإنّ النساء المتزوجات، ولديهن أطفال في سن الدراسة، ويعملن بدوام كامل خارج المنزل هن أكثر عرضة للأرق، لكن هذا ليس سبباً كافياً، لأن الأمهات غير العاملات والأمهات العاملات اللائي لا يعملن خارج المنزل يبلغن عن حدوث مشاكل في النوم أيضاً.
كذلك يعاني الآباء أيضاً من الإجهاد، إذْ هناك أدلة على أن الإجهاد والليالي الناتجة عن عدم النوم تقلل من رغبة النساء الجنسية أكثر من الرجال، وبعض هذا يرجع إلى الهرمونات، حيث إنّ كلاً من عدم كفاية النوم والضغط يؤدي إلى إفراز الكورتيزول، والكورتيزول يقلل من هرمون التستوستيرون، والتستوستيرون يلعب دوراً رئيسياً في الدافع الجنسي للنساء والرجال، والرجال لديهم هرمون تستوستيرون أكثر بكثير من النساء، لذلك، عند التفكير في هرمون التستوستيرون كخزان، فقد يؤدي الكورتيزول الناتج عن الإجهاد وقلة النوم إلى جعل مخزون المرأة يفرغ أكثر، ولكنه يقلل من مخزون الرجل إلى النصف.
* نصائح وحلول
- يوجد لدى العديد من الأشخاص الذين يعانون من الأرق مجموعة حلول في المنزل تساعدهم على النوم، مثل آلات صوتية، ومجموعة زيوت أساسية، وأقنعة ليلية، وسدادات أذن وأدوية.. لذلك إذا وجدوا أنفسهم في وضع غير مألوف بدون أي من هذه الأدوات، فقد يواجهون صعوبة إضافية في النوم، وبشكل خاص في الحالات التي يمضون فيها أوقاتهم بعيداً عن هذه الأدوات.. لذلك وفّر كل ما تحتاج إليه أو ما يمنعك من الوقوع بين براثن الأرق.
- بعض الأشخاص لا يستطيعون النوم جيداً في سريرهم إذا كان هناك شخص يؤرقهم، خصوصاً إذا كان يشخر، أو يأخذ معظم مساحة السرير عند حركته، فلا مانع من مناقشة ذلك مع الشريك بلطف.
- لتفادي الإساءة إلى شريك حياتك تحدث إليه مسبقاً بشأن إصابتك بالأرق، ومنذ بداية العلاقة الزوجية، وخاصةً إذا كانت العلاقة جديدة، ولا تريد أن يعتقد شريكك أنك تعاني من أي نوع من أنواع العجز، وهنا يقول الخبراء أنه يمكنك أن تقول: “أنا سعيد لأننا نمضي وقتاً جيداً، لكن لا يمكنني النوم هنا، لا بد لي من النوم في سريري الخاص”، وفي الصباح أحسن التواصل مع شريكك لتعبر عن عدم استيائك، وأن هذا الوضع مريح بالنسبة لك.
- يمكن تجنب بعض مسببات الأرق مثل الكافيين أو التدخين، أو تقليل التعرّض لضوء الأجهزة الذكية في الليل، خصوصاً قبل النوم بساعتين.
* خلاصة القول
يعتبر الأرق تحدياً كبيراً يمكن أن يعمل على تدمير الدافع الجنسي للشريكين اللذين يعانيان منه، ويمكن أن تنقذ نفسك من هذا التحدي، وتحافظ على علاقتك قوية من خلال القيام بكل ما يلزم لضمان البقاء في صحة بدنية وعقلية جيدة.
وقد أصبح من الواضح الآن أن السبب الخفي للمشاكل الجنسية هو الأرق، وأن السبب الخفي وراء الأرق هو مشاكل الجنس، ويمكن أن تؤدي هذه المعرفة إلى علاجات واضحة لكلا المشكلتين، ولذلك اقترح الخبراء أن العناية الشخصية بالنوم يمكن أن تساعد في تخفيف حدة المشاكل الجنسية، وأن الجنس يمكن أن يساعد أولئك الذين يعانون من مشاكل النوم.