على هامش اجتماع اللجن المختلطة لملف الذاكرة.. هل “ماما فرنسا” على استعداد لكشف حقيقة الوثائق الحدودية لأحفادها؟
تسارعت الاحداث طيلة هذا الأسبوع، بخصوص معلومات عن وجود معلومات عن احتقان طال ملف الذاكرة بين الجزائر وفرنسا من جديد، بعد اجتماعين للجنة المختلطة المعنية بهذا الملف، وبدأت التلميحات الرسمية من الجانب الفرنسي عن جدوى إصرار عصابة النظام العسكري بفحص جميع الملفات العالقة بين الطرفين، بالرغم من خطورتها في إشارة واضحة – للوثائق التاريخية وخاصة الخرائط والمعاهدات و الاتفاقيات الموثقة، ومنها ” اتفاقية تافنة 1837″ و ” اتفاقية للا مغنية 1845″ التي أعقبت معركة وادي أسلي، وهي رسائل سياسية وديبلوماسية، لم تستوعبها بعد عصابة قصر المرادية ، لأنها ستكشف حقائق صادمة ، مرتبطة بجغرافية المنطقة ككل ، بما فيها مستعمرات فرنسا السابقة في المغرب العربي، وخاصة الجزائر والمملكة المغربية، وكان من الاجدر – حسب العارفين بخبايا الأمور – ابداء بعض التنازلات على ملف الذاكرة من الجانب الجزائري…
هذا وتزامنت هذه الاحداث مع التوجّه الجديد في مواقف فرنسا، من خلال ما ورد في واحدة من الصحف المعروفة بثقلها وقربها من مصادر صناعة القرار في قصر الإليزي، ممثلة في صحيفة “لوموند”، التي نشرت مقالا يوم الاثنين الأخير 11 مارس، جاء فيه بالحرف” بأن الرحلة التي قام بها وزير خارجية باريس، ستيفان سيجورني، إلى الرباط في 26 فبراير المنصرم، أين قال إنه يريد ” كتابة فصل جديد” في العلاقات الفرنسية المغربية ” هي بمثابة إشارات واضحة وغير مشفرة، على ما تخطط له باريس، في انتظار زيارة الدولة المحتملة التي سيقوم بها إيمانويل ماكرون إلى المغرب في وقت لاحق من هذا العام، والتي لم يتم الإعلان عنها رسميًا بعد، وذلك بالرغم من تراكم الخلافات بين باريس والرباط.
واستنادا الى قراءة، ما جاء بين السطور في مقال جريدة ” لوموند” فإن الرئيس الفرنسي ” في مواجهة الطريق المسدود الذي وصلت إليه المصالحة مع الجزائر”، تقول “لوموند”، يميل إلى “إعادة توازن دبلوماسيته المغاربية لصالح الرباط، وخاصة فيما يتعلق بالصحراء المغربية”، بالرغم من الأزمة الدبلوماسية الحادة التي عاشها مع المغرب في سنتي 2022 و2023، وذلك بعد ما يئس من تحقيق ما كان يتمناه من الجزائر”.
ويبدو جليا ان القراءة وإن كانت ذات بعد إعلامي، إلا أنها قد لا تخلو من توجيه، من جهة ما في دهاليز الدولة الفرنسية، بهدف الضغط على الجزائر من أجل تخفيف مواقفها الحادة من بعض القضايا، ولاسيما تلك التي تتعلق بالذاكرة، في وقت تشير الكثير من المصادر إلى أن عمل اللجنة المختلطة تعثر في بعض التفاصيل.
للتذكير فقط، فقد سبق و ان تلقى سياسيون جزائريون مقربون من الحكومة وقطاع من الاعلام بقلق بالغ ، تصريح الرئيس ماكرون بعد اعلانه جهرا في خريف 2021 عندما وجه اتهامات صريحة على ان النظام العسكري الجزائري بتوظيف ملف الذاكرة لأغراض سياسية، كما شكك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي في عام 1830، وهي الحادثة التي أدت بالرئيس عبد المجيد تبون حينها لاستدعاء السفير محمد عنتر داوود، من باريس، احتجاجا على تلك التصريحات التي وصفت بالاستفزازية، وهو المعطى الذي يدفع المراقبين اليوم إلى قراءة ما كتبته “لوموند”، في عددها الصادر ليوم الإثنين ، على أنها مؤشر على وجود شيء ما… ؟؟ مرتبط أساسا باستعداد فرنسا بالكشف عن ملفات ثقيلة – عاجلا ام آجلا- من قبيل التلويح بالخرائط والاتفاقيات ورسومات الحدود، والتي من شأنها زعزعة كيان احفاد ” ماما فرنسا” رأسا على عقب…
*مهتم بالشؤون المغاربية