ناقشت الأطراف مبدأ تقرير المصير من خلال المائدة المستديرة الثانية، وأكد الجانب المغربي أن النقاش كان فرصة لجعل الجميع يتحمل مسؤولياته في هدا الملف؛ وهو ما أسهم في فضح الخطابات المغلوطة التي تروج في مخيمات الذل و العار، مؤكدا في السياق ذاته أن تقرير المصير هو أن تمنح الساكنة الحق في تطورها على المستوى الاقتصادي والتنموي، مع الحفاظ على خصوصية المنطقة الثقافية و الهوية المغربية، وهو ما يضمنه مقترح الحكم الذاتي الذي يطمح الى المضي قدما بالمنطقة على كل المسويات الاقتصادية و السياسية و بالتالي الاجتماعية.
كما خلصت الجولة الثانية إلى تباعد واضح في وجهات النظر، وهو التنافر الذي جعل المغرب يعبر عن أسفه لعدم التجاوب مع المقترحات العملية و السلمية التي يقترحها ؛ لكنه شدد على لسان وزير خارجيته على أن الرباط “لديها الثقة في أن الوضع الإقليمي وتطلعات شعوب الدول الخمس في اتحاد المغرب العربي، وما يطلبه الشركاء، سواء الأفارقة أو الأوروبيون، سيشجع على بناء الثقة والتعامل بشكل بنّاء مع النزاع في إطار الرؤية نحو اندماج إقليمي” لدول المنطقة. وجاءت مشاركة المغرب في اللقاء وفق مرجعيات وثوابت معروفة مرتبطة بالسيادة على كافة ترابه، للتوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي حسب الفقرة الثانية من قرار مجلس الأمن 2440 المعتمد في أكتوبر الماضي، مشددا على أن الحكم الذاتي هو الحل الواقعي والعملي المبني على التوافق، والضامن للديمومة والمتماشي كليا مع مبدأ تقرير المصير كما هو مؤكد في أدبيات الأمم المتحدة وممارساتها، والقرارات المتعلقة بالصحراء المغربية.
كما ان الموقف المغربي المعبر عنه، أشار سيدي حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، إلى دلالات حضور ممثلي الأقاليم الجنوبية في اجتماعات المبعوث الأممي، مبرزا أن “مشاركتهم كانت بشكل مكثف، وتدخلوا في كل نقاط جدول الأعمال للتأكيد على أن تمثيلية الساكنة يعبر عنها ممثلوها الشرعيون، كما أكدوا أن عناصر النموذج التنموي التي دشنها المغرب خلقت دينامية كبيرة في الأقاليم الجنوبية للمملكة”. وأضاف عضو الوفد المغربي المفاوض، أن المنتظم الدولي ممثلا في مجلس الأمن والأمم المتحدة متيقن تماما بأن “تمثيلية ساكنة الصحراء تنحصر في ممثليها الشرعيين المنتخبين من طرف ساكنة الجهات الجنوبية الثلاث، وممثلة المجتمع المدني فاطمة العدلي”.وقال ايضا في تصريحه: “كان لنا رأي واضح بوصفنا الفاعل الأساس في صياغة الموقف المغربي، كممثلين للساكنة التي اختارتنا من خلال الاختيار الحر والنزيه، والذي تضمنه صناديق الاقتراع بالمنطقة، التي تمثل 80 في المائة، مقابل نسبة الخمس التي تمثلها ساكنة مخيمات تندوف”.
وعبّر المسؤول الأول بجهة العيون الساقية الحمراء عن أن “المغرب انخرط بشكل إيجابي في المسار الأممي الذي ينبني على أسس واضحة ترتبط بوحدته الترابية وسيادته على كافة ترابه، بروح بناءة للتوصل إلى حل نهائي للنزاع الإقليمي”، مردفا: “هذا ما يؤهلنا كممثلين منتخبين إلى المرافعة عن موقف ساكنة الأقاليم الجنوبية، والتعبير عن تشبثها بالوحدة الترابية للمملكة”. وأسهب المتحدث في القول إن “حضور رؤساء الجهات الجنوبية فرض التمثيلية الشرعية لساكنة الصحراء داخل قاعة المحادثات”، مستطردا: “عبرنا عن نظرة شاملة حول النهضة التنموية التي تشهدها المنطقة في الآونة الأخيرة، وكرسنا كذلك الرؤية المستقبلية لإيجاد الحل السياسي النهائي وفق مقاربة تنموية نابعة من توجهات الأمم المتحدة وقراراتها المتعلقة بالنزاع”.
وختاما للجولة الثانية من المحادثات، قدم هورست كولر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، خلاصة يومين من نقاش الأطراف المعنية، عبّر خلالها عن “روح التزام الأطراف المشاركة”، وشدد على بناء الثقة لإحراز تقدم يسهم في إيجاد حل للنزاع، مشيرا إلى أهمية المحادثات؛ وهو ما يدعو إلى عقد جولة ثالثة لم يحدد لها تاريخ انعقادها.
حجري سهام