تعيش مدينة الدار البيضاء أزمة حقيقية، بعد غياب المساحات الكافية لاستقبال مخلفات النفايات المنزلية، إذ مازالت إكراهات تدبير نفايات البيضاء، رغم الميزانيات المخصصة، تشكل عبئا اجتماعيا أثقل كاهل المسؤولين، وقض مضاجع البيضاويين المتضررين من الروائح الكريهة الصادرة من المطرح.
مكب نفايات مديونة، “النقطة السوداء” التي غطت مدينة الدار البيضاء، تحول إلى مشكلة بيئية وصحية، تهدد العائلات التي تعيش في المنطقة، والتي رفعت شكاوى تطالب فيها الوالي بالتدخل.
هذه المطالب عجلت بتدخل محمد امهيدية، والي جهة الدار البيضاء- السطات، لوضع حد للعراقيل التي حالت دون إحداث مصنع لتثمين وفرز النفايات بإقليم مديونة، منها دعوته لمسؤولي شركة التنمية المحلية و”ليديك” إضافة إلى الشركة المسؤولة عن النفايات للاشتغال ليلا و نهارا للحد من المشكل.
وفي نفس السياق، أعلنت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، عن اقتراح عدة مشاريع وحلول لتدبير النفايات خصوصا على مستوى المطارح والمدن التي ستستضيف كأس العالم 2030 على رأسها العاصمة الاقتصادية.
وأفادت في معرض جوابها بمجلس النواب عن سؤالين شفهيين الثلاثاء الماضي حول “تدبير النفايات”، بأن الفرز الانتقائي بالمدن الست التي ستحتضن مباريات كأس العالم 2030، سيتطلب غلافا ماليا يناهز 6 ملايير درهم، مشيرة الى أن وزارتها ساهمت في تمويل أكثر من 13 مركزا لفرز وتثمين النفايات بغلاف مالي بلغ 277 مليون درهم.
وأضافت الوزيرة أنه سيتم تخصيص برنامج خاص بالجماعات التي تنتج أقل من 50 ألف طن من النفايات المنزلية سنويا يشمل 13 مشروعا بحجم استثمارات يقدر بحوالي 330 مليون درهم، موردة أن ملف تدبير النفايات بالمغرب يحتاج إلى مزيد من الحكامة.
وسجلت بنعلي أن هذه الرؤية الجديدة تنبني أيضا على شق آخر يهم إعداد مشروع قانون جديد يقضي بتغيير وتتميم القانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، والذي يروم إدخال مجموعة من التعديلات على أحكام النظام القانوني الخاص بتدبير النفايات تطبيقا لأحكام المادة 8 من القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة.
وتهدف الرؤية الجديدة لتدبير النفايات المنزلية، حسب الوزيرة، إلى تثمين هذه النفايات والتخلص منها بطريقة إيكولوجية، وكذا الحد من آثارها السلبية على البيئة وعلى عيش المواطنين، لا سيما تلك المرتبطة بالرشيح (الليكسيفيا) وانبعاثات الغازات الدفيئة.
وتجدر الإشارة، إلى أن الحكومة نهاية نونبر الماضي، أماطت اللثام عن مخطط للقضاء على المطارح العشوائية بالمدن المرشحة لاحتضان منافسات مونديال 2030، التي حظي المغرب بشرف تنظيمها بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال، وفق ما أعلنت عن ذلك وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، خلال دراسة الميزانية الفرعية للوزارة أمام مجلس المستشارين.
وأكدت وزيرة الانتقال الطاقي أنه سيتم الشروع في تنزيل برنامج جديد للجمع الانتقائي للنفايات المنزلية من المصدر، في المدن التي ستحتضن مباريات مونديال 2030، وذلك لوضع حد للتدفق المزدوج للنفايات، وبالتالي القضاء على روائح عصارة الأزبال.
وحسب المعطيات التي قدمتها المسؤولة الحكومية أمام ممثلي الأمة، فسيتم القيام بالفرز الانتقائي للنفايات المنزلية من خلال فرز المواد العضوية من غير العضوية، خصوصا وأن 70 بالمئة من هذه النفايات مواد عضوية، وهي التي تشكل عصارة الأزبال “ليكسيفيا” وتنبعث منها الروائح.
ولاستباق الانتقادات التي يمكن أن تطال المملكة بهذا الشأن، شددت ليلى بنعلي على أنه لا يمكن تنظيم المونديال في ظل الوضع غير اللائق الذي ما تزال تعيشه عدد من مطارح النفايات، سيما أن هناك أمورا غير قانونية وبعض المطارح تتراكم وتتدفق منها “ليكسيفيا”، مشيرة إلى أن هناك صعوبات تواجه تدبير قطاع النفايات ما يستدعي توفير إمكانيات جد مهمة لا يمكن للدولة ولا الجماعات تحملها.
وسجلت وزيرة الانتقال الطاقي أنه في “قطاع النفايات إذا لم نعالج المشكل بطريقة منتظمة وتحترم دفتر التحملات والحكامة سنجد أنفسنا أما تراكم عصارة الأزبال ولا يمكن معالجة هذا المشكل، لأن الحل تلزمه إمكانيات بيئية وتقنية جد مهمة ولا أحد بإمكانه تحملها”، مؤكدة أن اعتماد طريقة الفرز الانتقائي للنفايات المنزلية من المصدر، ستكون تكلفتها منخفضة على المستوى التقني والمالي بالنسبة للدولة والجماعات الترابية.