أشار تقرير لمؤسسة بحثية تابعة لوزارة الدفاع الإسبانية، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية أعطت الأولوية لعلاقاتها مع المغرب على حساب إسبانيا، داخل النطاق الإقليمي لحوض البحر الأبيض المتوسط، باعتبار أن الرباط أصبحت تمثل حليفا إقليميا لواشنطن، خصوصا بعد عودة العلاقات الدبلوماسية العلنية بينها وبين تل أبيب سنة 2020.
ونشر المركز الأعلى لدراسات الدفاع الوطني ، التابع لوزارة الدفاع في مدريد، ورقة تحليلية حديثة يعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تهتم بعلاقاتها مع المغرب أكثر من جارته الشمالية إسبانيا، على الرغم من أن هذه الأخيرة حليفة لواشنطن على مستوى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، رابطة بين ذلك وبين الموقف الأمريكي المعترف بمغربية الصحراء.
وجاء في الورقة التي يعود تاريخ إصدارها إلى نونبر من سنة 2023، والتي نشرت مضامينها صحيفة “إل إنديبندينتي”، أنه “يجب أن تستخلص مدريد دروسا واضحة”، فبالرغم من أن إسبانيا حليف للولايات المتحدة الأمريكية من داخل “الناتو”، وتستضيف إحدى أهم قواعدها البحرية في “روتا”، إلا أن واشنطن فضلت إعطاء الأولية لعلاقاتها مع دولة غير عضو في” الناتو”.
ووفق التقرير فإن المقاربات القائمة على مستوى الممارسة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان داخل كل بلد، لم تعد هي المتحكمة في تحالفات الولايات المتحدة، مبرزة أن “نهج الصفقات السائد في واشنطن، جعل عرض المغرب مناسبا أكثر من إسبانيا، مشيرا إلى ارتباط الأمر بعودة العلاقات مع إسرائيل بما يشمل الجانب الأمني، والموقف الأمريكي من قضية الصحراء.
لكن الوثيقة تبرز أيضا أن العلاقات المغربية الأمريكية ليست جديدة، حيث كان المغرب أول بلد يعترف باستقلال الولايات المتحدة سنة 1777، واحتضن أول تمثيلية دبلوماسية لها في طنجة، وفي الآونة الأخيرة أصبحت الرباط شريكا إقليميا مهما لواشنطن في قضايا الأمن والتجارة والتنمية، ففي 2004 تم التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة، ومنذ 2012 بدأ الحوار الاستراتيجي الثنائي بين الدولتين.
ولفت التقرير إلى عمق المصالح الرابطة بين المغرب وأمريكا، ففي 2019 وحدة اشترت المملكة من واشنطن معدات عسكرية بقيمة 10 مليارات دولار، خالصا إلى أن “البيت الأبيض لن يتردد في إخضاع مصالح إسبانيا لمصالحه، حتى لو كان ذلك يعني الإضرار ببلد حليف يتقاسم معه العديد من المبادئ والقيم، لصالح بلد منفصل عنه في نوعية النظام وأغلب السياسات”.
وترى الورقة أن التحرك المغربي على الصعيد الدولي “مثال لما يمكن اعتباره نجاحا دبلوماسيا في عصر المنافسة الاستراتيجية الجديدة”، في الوقت الذي وجه فيه انتقادات لاذعة للحكومة الإسبانية، موردا “عدم استجابة حكومتنا مثال على العجز عن قراءة البيئة بشكل صحيح، والوصول إلى طريقة للتكيف مع التقلبات المنظومة”.