لم تمض سوى ساعات قليلة على تكذيب الجيش النيجيري لما نشرته وزارة الخارجية الجزائرية، حتى صفعت الدولة الإيطالية «حليفها» في شمال إفريقيا كما تدعي جماعة المرادية بسبب التصنيع المتوهم لسيارات Fiat.
وكل ما حصل هو إضافة إهانات علانية للدولة التي تتحدث عن نفسها وكأنها دولة ضاربة وقوة قاهرة في إفريقيا والعالم.
قضية النيجر كانت عنوانا بارزا على سوء التقدير واختلاق «الاختراقات» الديبلوماسية. حيث أن وزارة الخارجية النيجيرية أكدت رفضها لما جاء في البيان الجزائري والذي تحدث عن «إنّ قادة الانقلاب في النيجر أرسلوا إلى الحكومة الجزائرية » مراسلة رسمية تفيد بقبول الوساطة الجزائرية الرامية إلى بلورة حل سياسي للأزمة القائمة في هذا البلد» كما تحدث «عن خطة سياسية لحل الأزمة في النيجر تقوم على إمهال الانقلابيين 6 أشهر للعودة إلى النظام الدستوري والديمقراطي»، وهنا كان نظام النيجر الجديد مجبرا على وضع النقط على الحروف، معلنا أن «مدة الفترة الانتقالية لا يحددها إلا منتدى وطني شامل»، نفس المصدر النيجيري أعلن أن نيامي « تفاجأت ببيان الخارجية الجزائرية الذي يتضمن موافقتها على المبادرة المذكورة.».
لقد حطمت الجزائر كل الأرقام في فبركة القرارات الدولية، وفبركة المواقف ، والكارثة أنها فعلت ذلك مع دولة تشترك معها حدودا طويلة وتعتقد بأنها «مكلفة من عواصم القرار الدولي بتدبير الجوار معها.. لكن المسلي في القضية هو أن تصفع نيامي الجزائر ببلاغ عن الخارجية التي كان وزيرها قد التقى نظيره الجزائري في نيويورك، قبل أن يُقوِّله ما لم يقله.
والواضح أن هناك مشكلة عند الديبلوماسية الجزائرية، في قراءة الأوضاع في العالم وفي فهم المسؤولين في الدول التي تتعامل معهم.
وكذلك كان مع إيطاليا.. عندما صرح علي عون، وزير الصناعة والانتاج الصيدلاني في شتنبر الماضي، بأن أول سيارة فياط مصنعة في الجزائر ستكون جاهزة في السوق الوطني في دجنبر 2023! وأضاف الكثير من التوابل بالقول بأن مصنع السيارة الإيطالية في وهران تقدم بنحو 75 ٪ وما على الجزائريين سوى البدء بالطوابير كما يعملون في كل شيء لانتظار شراء الفياطات الجديدة!
غير أن الذين فوجئوا كانوا هم الإيطاليين أولا، ولا سيما رئيسة حكومتهم. والتي نظم لها عبد المجيد تبون حفل استقبال تاريخيا وذكر العالم بزيارتها إلى تنذوف ذات لحظة من الزمن الماضي.. السيدة جيورجيا ميلوني! فقد صرحت في حوار لها مع الصحيفة « إيطاليا أودجي» “Italia Oggi” أن ايطاليا ليست لديها أية نية في بناء مصنع فياط في الجزائر ونفت نفيا قاطعا أي شراكة مع جمهورية «الهاكاوا» في هذا الاتجاه…
تذكر الكثيرون قولة الدعاية النازية «اكذب اكذب اكذب حتى يصدقك الناس..»، والحال أنها لم تعد صالحة في زمن انفجار المعلومات في الوقت المناسب.
وما هو محقق هو أن النظام الشرقي لم يعد يجد ما ينفس به عن الجزائريين سوى إغراقهم في أكاذيب لم تعد تصمد أمام الحقيقة العارية التي يعيشونها.
ومن سوء حظهم أن الضربات التي تتوالي، تتم أحيانا على مستويات كبيرة للغاية، كما هو الحال عند رفض انخراط النظام في «البريكس» بعد أن ظل يوهم الشعب الشرقي بأن الجزائر صارت دولة يقام لها ويقعد وأنها قوة ضاربة في مجال الديبلوماسية والاقتصاد.. والحقيقة أن صدمة البريكس رافقتها صدمة رفض حضور الشرذمة الانفصالية في مؤتمر القارة الإفريقية مع الحليف التاريخي للجزائر أي نظام روسيا، هذا الأخير الذي يعرف أن الحليف الإفريقي مجرد بنك لصرف أموال السلاح لا غير، وقد سبق للوزير سيرجي لافروف أن أهانه عندما صرح بما يفيد بأن الجزائر ليست دولة ذات حضور كبير في الديبلوماسية.. لكي تحظى بشرف الانتماء إلى البريكس.!
والآن يتحقق من خلال فشل الديبلوماسية الخارجية والديبلوماسية الاقتصادية في حادثين مثيرين دليل إضافي إلى ما قاله لافروف وليس أي وزير خارجية آخر!