يعرف الشارع المغربي حالة تذمر من الغلاء في أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية، وسط مطالب تدعوا الحكومة الى وضع حد لهذا الارتفاع المهول الذي افرغ جيوب المواطنين وباتت تهدد قدرتهم الشرائية.
وتحدث حالة ارتفاع الأسعار نتيجة أسباب مختلفة منها حالة العرض والطّلب في السّوق، فهناك فترات زمنيّة تحدث فيها زيادة طلب على سلعٍ معيّنة وبالتّالي ترتفع أسعار تلك السّلع نتيجة نقص المعروض، وقد يكون سبب ارتفاع الأسعار جشعا للتّجار واستغلالهم للوضع الاقتصادي الذي يسمح لهم بزيادة الأسعار بدون وجودٍ رقيبٍ عليهم وعلى تصرّفاتهم، وقد يكون الاحتكار أيضًا من الأساليب التي تؤدّي إلى ارتفاع الأسعار، فالتّاجر يقوم باحتكار السّلع من خلال وضعها في المخازن ليعرضها في وقت حاجة النّاس إليها كما حدث مؤخرا بالنسبة للمحروقات والتي كشفت عنها بعض صفحات التواصل الاجتماعي عبر شريط صوتي مسرب يفضح هاته الممارسات.
كل هاته العوامل تؤدي حتما الى ارتفاع الأسعار، و تفاعلا مع هاته الأوضاع انخرط نشطاء مغاربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الاحتجاج بإطلاق هاشتاغ “لا لغلاء الأسعار في المغرب”، سعيا إلى لفت انتباه الحكومة إلى حماية القدرة الشرائية للمغاربة، خصوصا الفئات الهشة التي تضررت من تداعيات جائحة كورونا
في هذه الأثناء يدعي عدد من الخبراء ومراكز اتخاذ القرار أمثال مؤسسة “غولدمان ساكس” العالمية للخدمات المصرفية أن ارتفاع الأسعار المسجل في الآونة الأخيرة والذي نلمسه عبر مختلف الأسواق مسألة مؤقتة، ويعتقد هؤلاء أن التغلب على جائحة كورونا سينهي هذه الظاهرة بحيث تنخفض الأسعار وينتهي التضخم الحالي.
غير أن الوقائع والمعطيات تخالف هذا الرأي لأسباب من أبرزها نقص العرض من المواد الأولية والوسيطة في الأسواق. ويذهب خبراء أمثال الألماني هينريك مولر إلى حد القول أن “وقائع كثيرة تدل على أن عصر وفرة المواد الأولية ولّى إلى غير رجعة. وذكر مولر في تحليل على موقع “شبيغل أونلاين” تحت عنوان “الآن ندخل حقبة الندرة” أن الأشياء التي لا يمكن إنتاجها في المعامل كالمواد الأولية الطبيعية والأراضي والمياه العذبة الخ تصبح قليلة سنة بعد الأخرى”.