تجمهر الكثير من أفراد قبيلة ولد البوهالى، الخميس 4 غشت 2022، في مخيم الرابوني بتندوف( الجزائر) تنديدا بمحاكمة ابن قائد لواء الاحتياط ومسؤول لجنة الدفاع بالأمانة الوطنية، محمد لمين البوهالي، الذي أدانته المحكمة العسكرية، إلى جانب اثنين من أصدقائه، بتهمة حيازة المخدرات وحكمت عليهم ب15 سنة نافذا. وشهدت مخيمات تندوف “فوضى أمنية” إثر الاحتجاجات ذات الطابع القبلي التي قادها القيادي في البوليساريو محمد لمين ولد البوهالي، من أجل الاعتراض على سجن ابنه عرفت صدامات عنيفة مع العناصر الأمنية التابعة للجبهة الانفصال
وندد بشدة المحتجون، المحسوبون على محمد لمين البوهالي، بهذه المحاكمة معتبرين بأنه من غير المعقول تبرئة المدانين بالاتجار في السلاح والمخدرات الكبيرة وحبس بسبب 100 غرام.
وفي السياق ذاته، تم تسريب أشرطة مصورة تظهر تهرب زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، من استقبال القيادي العسكري في الجبهة محمد لمين ولد البوهالي، الذي أبدى غضبه من الحكم الصادر في حق ابنه أثناء اقتحامه مقر أمانة الجبهة.
وتوجه محمد لمين البوهالي، الذي يقود هذه الاحتجاجات بنفسه، غاضبا إلى الرئاسة، ليبحث عن ابراهيم غالي، حيث توجه ولد البوهالي بالسؤال إلى الحرس أين (آمينتو) وهو اسم قديم لغالي كان يطلقه عليه بعض المقاتلين حين كان وزيرا للدفاع.
كما قام المحتجون من قبيلة ولد البوهالى لحسن واحماد (ابراهيم اوداود) بتوقيف سيارة للدرك قامت بأداء حركات استعراضية في مكان قريب من النساء المحتجات وهو ما أجج غضب المحتجين وقاموا بتوقيفها وانتزاع مفاتيحها من صاحبها، الأمر الذي دفع صاحب السيارة إلى إطلاق الرصاص لتخويفهم قبل أن ينزل هو وصاحبه من السيارة ويغادران المكان ببندقيتهما دون احتكاك.
محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن “هذه الاحتجاجات تترجم حجم الخلافات العميقة التي تعصف بقيادة البوليساريو، فاستهداف قيادي عسكري بارز في الجبهة من حجم محمد لمين ولد البوهالي، من خلال اعتقال ابنه بتهمة التورط في الاتجار وحيازة المخدرات، يعد سابقة هي الأولى من نوعها”.
وأضاف سالم عبد الفتاح، في تصريح لوسائل الاعلام، أن “العديد من الحالات السابقة ضبط فيها أبناء وأقرباء محسوبين على قادة آخرين في ملفات تهريب الممنوعات”، وزاد: “ولد البوهالي الذي يتزعم هذه الاحتجاجات ذات الطابع القبلي كان يعد من الخلية الأمنية الضيقة المحسوبة على الاستخبارات الجزائرية”.
وأردف المتحدث ذاته بأن تلك الخلية المنتمية إلى منطقة تندوف “ظلت هي المتحكمة في البوليساريو منذ سنوات التأسيس الأولى، ما يجعل المعني من أهم المرشحين لخلافة إبراهيم غالي الذي احترقت زعامته بسبب فضيحة تهريبه إلى إسبانيا بهوية مزورة، كما افتضح تورطه في جرائم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي راح ضحيتها صحراويون في مخيمات تندوف”.
ومضى عبد الفتاح مستطردا: “مع اقتراب موعد مؤتمر البوليساريو العام، تبرز الخلافات ما بين العناصر القيادية في الجبهة الانفصالية، وتشتد بسبب الخلاف حول تقسيم كعكة المواقع المدرة للتربح والثروة، خاصة تلك المرتبطة بتوزيع المساعدات الإنسانية والمحروقات، إلى جانب تدبير مخازن السلاح، فضلا عن المهام الأمنية ذات العلاقة بالتعاطي مع عصابات التهريب”.
وأكد الفاعل الحقوقي ذاته أن “المواقع محل الخلاف بين العناصر القيادية في البوليساريو تتدخل في مصادر التزويد الرئيسي لأنشطة التهريب العابرة للحدود؛ كما تشكل خطوط إمداد أساسية بالنسبة للجماعات المسلحة المنتشرة في بلدان الساحل، ما يجعلها تساهم في تحصيل مداخيل معتبرة للصناديق السوداء التي تعتمد عليها الجبهة الانفصالية”.
ويردف المتحدث “ما يعمق تلك الخلافات بين قيادة البوليساريو هو انعكاس صراع الأجنحة داخل النظام الجزائري على الوضع الأمني في تندوف، حيث ترتبط جل العناصر القيادية في الجبهة الانفصالية بالأجهزة الأمنية والعسكرية الجزائرية، ويتم توظيفها من طرف تلك الأجهزة”.
وختم سالم عبد الفتاح تصريحه بالقول: “هذه الصدامات تبرز الوضع الأمني المترهل في تندوف، كما تكرس دور البوليساريو كعامل تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة، باعتبار تصاعد المخاطر الأمنية في مخيمات تندوف، وتغلغل الجماعات المسلحة وعصابات الجريمة المنظمة فيها؛ فضلا عن الارتباط الوثيق بين المجموعات المتمركزة في بلدان الساحل والبوليساريو”.