التعاضدية العامة للتربية الوطنية التقاعس في ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات مناديب التعاضدية العامة للتربية الوطنية بمديرية المضيق الفنيدق لازالت ترقص على أنغام منظمة نقابية
خولاني عبد القادر
يطفو من جديد على الساحة التعليمية موضوع التعاضدية العامة لوزارة التربية الوطنية، نظرا لما
يكتسيه هذا المرفأ الاجتماعي الهام من أهمية بالغة في دعم الحياة الصحية و الاجتماعية للمتعاضد ،
فالمتتبع للشأن التعليمي يلاحظ التزايد المستمر لاحتجاجات الشغيلة التعليمية بكل أقاليم وجهات المملكة
على ما تعرفه التعاضدية من فساد إداري و مالي و انتخابي في بعض الأقاليم و الجهات ، هذا ما
أفرزته تقارير بعض الأجهزة النقابية التعليمية ، التي تؤكد أن انتخاب مناديب التعاضدية العامة للتربية
الوطنية عادة ما تعرف خروقات و اختلالات ، و انتخابات مكاتب التعاضدية لهذه السنة جاءت بنفس
الصيغة التنظيمية المعتادة، رغم المطالب الملحة بدمقرطة التعاضدية العامة للتعليم التي ناضلت من
أجلها الشغيلة التعليمية من خلال إطاراتها النقابية، التي مازالت تسير و تدبر العملية الانتخابية من قبل
جهاز نقابي واحد لسنين عديدة، وطنيا وإقليميا.
وفي إطار هذه التجربة الديمقراطية وتطبيق لامركزية القرار في العمل التعاضدي شهدت الساحة
التعليمية في جل أقاليم و جهات المملكة، يوم الأربعاء 29 يونيو 2022 ، انتخابات مناديب التعاضدية
العامة للتربية الوطنية ، و نخص بالذكر هنا فرع التعاضدية العامة بمديرية المضيق الفنيدق ،هذا
الاقتراع الذي عرف منافسة محمومة بين تيارات نقابية ، ذهب في مرحلته الأولى إلى حد تشكيل لجان
المتابعة و التقرير في أمر المرشحين الشيء الذي أفضى إلى تدخل سافر للوبيات الضغط داخل منظمات
نقابية عادة ما ترفع شعار شفافية و ديمقراطية المؤسسات مما نتج عنه عمليات تزكية البعض و إقصاء
للبعض الآخر رغم توفرهم عن الشروط الذاتية و الموضوعية للترشح و التصويت ،مما خلف استياء
عميقا لدى مناضلات و مناضلي بعض المنظمات النقابية.. وفي مرحلة ثانية شابت العمليات الانتخابية
خروقات ناتجة عن نقص في الإعلام والتوضيح في إجراءات وكيفية أداء هذه العملية، في حين أن ما
تطمح إليه هذه النقابات، هو العمل على ترسيخ الممارسة الديمقراطية من خلال فرض انتخابات شفافة
ونزيهة، فضلا عن تطبيق الفصل 26 من ظهير 12 نونبر1963 المنظم للتعاضد لحماية حقوق
ومكتسبات الشغيلة التعليمية.
فبعمالة المضيق الفنيدق و إقليم تطوان كغيرهم من أقاليم الجهة الشمالية، شهدت فيه انتخاب مناديب
التعاضدية العامة للتربية الوطنية، الكثير من الاختلالات، جعلت عدد من النقابات التعليمية
بالمديريتين، تحتج يوم انتخاب المناديب ، الفعل الذي تم بناء على العديد من الشكايات والتظلمات التي
توصلت بها الهيئات النقابية التعليمية التي تم حصرها في : تخصيص مكتب التصويت واحد فقط
بإعدادية ابن سيناء بمرتيل على المستوى المديرية الإقليمية بالمضيق الفنيدق ، عدم السماح بحضور
عملية الفرز ممثلين عن الأجهزة النقابية، عدم السماح بملاحظين من الأجهزة النقابية ، و غلق باب
مكتب التصويت قبل الوقت المحدد قانونا بعشر دقائق ..، مما أدى إلى الارتجال وعدم تكافؤ الفرص بين
مختلف الأجهزة النقابية الشيء الذي ولد احتجاجات على هذه العملية .
فإن هذا السلوك جاء بفعل الصراع من أجل البقاء في المواقع التقريرية ، سيكرس الحالة المتأزمة
و استمرار نفس الأوضاع المتردية التي يعيشها هذا المرفق الاجتماعي التعليمي، من خلال التغاضي
عن تطبيق القانون الداخلي والأساسي للتعاضدية ، خاصة المادة 26 من ظهير 1963 ، الذي ينص
في ديباجته على أنه يجوز للوزير المنتدب في الشغل في حال ثبوت خلل ، إجراء انتخابات جديدة في
ظرف ثلاث أشهر، و لما عرض ملف التعاضدية على القضاء في حالة ظهور اختلالات كيفما كانت،
مما يتطلب من وزير الشغل السهر على تتبع و مراقبة مختلف العمليات التي تهم الانتخابات و فرض
احترام مشاركة ديمقراطية حقيقية لكافة المنخرطين في اختيار ممثليهم، من خلال وقفه للخروقات التي
تشمل انتخاب مناديب التعاضدية، حتى يحول دون إقصاء العديد من المنخرطين كان من حقهم التصويت
والترشيح، وبهذا سيضع حدا لهيمنة النقابة على التعاضدية العامة لوزارة التربية الوطنية لسنين أخرى
، كما يجب العمل على انتخاب المسؤولين ومنح انتدابات محددة وليست مطلقة وأن يكون العمل بإدارة
التعاضدية تطوعيا دون مقابل ومرقابة مالية التعاضدية ومتابعة أوجه صرفها.
و نستخلص من كل هذا أنه إذا لم يتم تدارك الأمر فقد يرتقب عزوف أو بالأحرى نفور رجال و نساء
التعليم عن الانخراط بشكل مكثف في هذا الاستحقاق الانتخابي الهام ، قد يؤدي من جهة إلى فشل هذا
المشروع الاجتماعي و من جهة أخرى إلى تكريس التواجد الدائم للنقابة المسيرة ، مما يتطلب التدخل
الفاعل للسيد شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة و من خلاله مديري
الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين و النواب الإقليميين، للوقوف بجدية على الاختلالات و دعم
الإقلاع الحقيقي للتعاضدية العامة للتربية الوطنية، عبر حث وتحفيز مكاتبها على إرساء قواعد
الديمقراطية الداخلية ، وكذا الشفافية في التسيير والتدبير واحترام البرامج المسطرة والعمل على
مراقبة أنشطتها بطريقة مستمرة ، وعدم استغلال المؤسسة لأغراض نقابية أو سياسية ، والوفاء
بالالتزامات و الوعود مع تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين كل الأساتذة حتى يتم إرجاع الثقة
المفقودة لهم … لأنه عادة ما تسود حالة من التذمر ، بمجرد الانتهاء من كل تجديد لمكتب التعاضدية ،
بسبب ما تسفر عنه من نتائج مشبوهة ، تكرس نفس التنظيم و نفس الأشخاص المسيرة لدواليب
التعاضدية مع تغيير طفيف في الأدوار.
وأمام هذا الوضع المقلق لا يسعنا إلا التذكير بأهداف التعاضدية و أدوارها التي يجب أن تبقى كباقي
التعاضديات الأخرى احدى المكونات الأساسية للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي
تضطلع بأدوار هامة و تغطية صحية تكميلية في مجال التآزر و المساواة بين المنخرطين، و التي من
المفروض فيها خدمة المصالح الاجتماعية و الصحية للأسرة التعليمية بعيدا عن الحساسيات النقابية و
السياسية الظرفية التي قد تؤول معها طموحات هذه المؤسسة الاجتماعية إلى نفس مصير المطالب
النقابية التي بقيت حبيسة حوار مفتوح على المجهول.