تؤمن محبرة الصحافة بقدسية الخبر، وبحرية التعليق، وبالتوازن في نقل الخبر، وعلى صدقية المصادر، وعلى أخلاقيات الصحافة ومبادئها المرسمة كونيا…في المقابل، تؤمن “محبرة الدراجي” بالتلبيس والتلفيق، ونشر الإشاعة والمزاعم الكاذبة وترويج العداوات…
يجتمع الصحفيون، ككتلة واحدة، بهدف واحد، وهو نبل المهنة، وصون شرفها، متضامنون لحماية مواثيقها والدب عن رسالتها…وفي الجهة الأخرى، تنشق “محبرة الدراجي” عن هذا الخط التحريري، فتنشر الفرقة في الجسم الصحفي، وتوزع صكوك الاتهام ذات اليمين وذات الشمال، وتتهم الصحافة في عرضها وتنعتها بالعمالة…
يتغيى الصحفي، الحفاظ على مسافة كبيرة بينه وبين الأحداث، خالقا حاجزا فاصلا عن كل المؤثرات التي من الممكن أن تمس استقلاليته، فيبتعد عن سلطة المال، ومراكز النفوذ، والقيام بإشهار ضمني، أو عن أي توجيه يحيد به عن استقلاليته…في حين تتأسس “محبرة الدراجي” على الولاء للعسكرتارية، ولأباطيلها، تعبد أصنامها وتمجد أوهامها وتصدح بترهاتها…
يعتبر الصحفي أن واجبه يتمثل في تغطية كل التظاهرات والأحداث، فهو وسيط بين الحدث والمتلقي، في تقيد بالضوابط المهنية المرعية من وجود اعتماد، وتأشيرة للعبور، ومزاولة فعلية للمهنة…لكن “محبرة الدراجي” لا تشاطر هذا المنحى، فترى أن التعسف حق، وأن المنع من التغطية واجب للدولة، وأن حرمان وفد من تغطية أنشطة رياضيي بلده سليم ولا تشوبه شائبة…
يُنظر إلى الصحفي في الدول التي تحترم نفسها وكينونتها ومؤسساتها، كشريك ضروري فهو ضمير الأمة، الحامل لأدوات القوة الناعمة في الرصد والتوجيه والنقد البناء…وتنظر “محبرة الدراجي” إلى الصحفي كخنوع وخدوم لسلطة القهر والنار، ولذوي الأحدية الثقيلة، وترى أن الصحفي هو بوق للتلميع، تلميع الدماء، تلميع العداء، تلميع الاستبداد…
تنبني مواثيق مهنة الصحفي، على قواعد التحري، والتثبت والشك المفضي إلى اليقين، وعلى النظر إلى الأشياء ليس على أنها حقائق لا تأتيها الأباطيل…وتبني “محبرة الدراجي” على قدسية بلاغات الثكنات العسكرية، ومدبجيها من الكابرانات، فينقلها دون ترو ولا تحقق…
يرمي الصحفي إلى تخليد اسمه، بتحقيق منجز أو بسبق مؤكد، أو بمصداقية لا تشوبها شائبة، أو بمسير من الكتابة المستمرة الهادفة التي تخلق حميمية بينه وبين قراءه…وترمي “محبرة الدراجي” إلى استرضاء عطف الكابرانات، وعطاياهم، والجزرة التي يوهمونه بها…
لكل ذلك…رجاء لا تحاكموا هذه المحبرة، بمواثيقكم وأخلاقكم ورسالتكم…فهي لا تدين لها بالانتماء والإيمان…لقد خلق “جوزيف غوبلز” (Joseph Goebbels) جهازا للدعاية للنازية ولزعيمها أدولف هتلر…وخلقت كل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية، بعد ذلك أمثلة صغرى لهذه التجربة…وتحالف شنقريحة وتبون…أراد أن يحاط بمروجي الكذب…فاختار “محبرة الدراجي”…فهنيئا له ببوق مسيلمة الفتان…