العقل الديمقراطي المتصالح مع ذاته المتوافق ونسيجه المجتمعي يعتبر عقلا ناقدا مفككا للفكرة الخاطئة حول مفهوم الديمقراطية عند جزء من التيار الإسلامي المعادي لمبدأ الدمقرطة.
شاركنا قبل أيام في المغرب الشقيق في ندوة دولية تعلق موضوعها بالتوسع الصفوي في شمال وغرب إفريقيا من تنظيم جبهة القوى الديمقراطية في المغرب والجمعية المغاربية للسلام والتعاون والتنمية برئاسة الأستاذ الإعلامي وليد كبير، جبهة القوى الديمقراطية التي يترأسها الدكتور مصطفى بن علي رفقة كوادر حزبه الأكفاء وحُقّ له أن يفتخر بذلك المشروع الفكري والسياسي الذي يقوده في المغرب.
مسألة الديمقراطية مازالت تأخذ أبعادًا فكرية وجدلية خاصة داخل العقل الإسلامي المفكك لمبدأ الديمقراطية من حيث فلسفتها ومبادئها التعبيرية أو الاختيارية التي لا اعتراض عليها إلا عند نفر يسير أو قلة قليلة من المنتسبين للتيار الإسلامي المحافظ جدا، ولعلنا نعود مستقبلا لنكتب حول أهم معالم الخلاف والاختلاف بين التيار الإسلامي حول مبدأ الديمقراطية.
ولكن أن نجد حزبا ديمقراطيا متصالحا مع الآخر منفتحا على الرؤى والأفكار البناءة فهذا شيء محبذ وُجبَ التطرق إليه، أحاول في عجالة الكتابة عن الديمقراطية الحامية لنسيجها المجتمعي المحافظة على إيمانه التقي وعقائده النقية، فالدكتور مصطفى بن علي رئيس جبهة القوى الديمقراطية في المغرب ارتأى أن ينظم ندوة دولية حول التوسع الصفوي في شمال وغرب إفريقيا، وهو بهذا يُصنّف ضمن الديمقراطي المنافح عن سلامة المجتمعات من الأفكار الدخيلة، حيث كانت ندوة ترغيبية وترهيبية، أما الترغيب فكان في شقه الفكري والتنوع العلمي الذي امتازت به الندوة والذي فتحت لنا مجال النقاش والفكر وتبيان الآراء، والشكر هنا موصول لجبهة القوى الديمقراطية التي كانت ديمقراطية حقا في ممارستها وأدبياتها من خلال فتحها مجال النقاش دون حدود ولا قيود، وأما الترهيبية فكانت من خلال دق ناقوس الخطر والمآلات التي قد نتجرعها بعد عقود لو نتغافل أو نصمت عن التوسع الصفوي السقيم في جسدنا السليم لحد الآن.
بادرة حسنة وموقف عقلاني وإحساس بالمسؤولية يُضاف إلى جبهة القوى الديمقراطية التي ناقشت موضوع التوسع الإيراني في عمقنا الإفريقي وعلاقة المغرب خصوصا مع هذا الصراع المقلق وكذلك الدول المغاربية، كما أتمنى أن يساهم العقل الديمقراطي في فتح هكذا موضوعات كانت وماتزال حكرا على الحركة الإسلامية أو التيار الإسلامي، وبهكذا تنوع ومجهودات يمكننا الحديث عن دمقرطة العقول والذهاب نحو تجديد المواقف والوقوف شعوبا وأحزابا ونُخباً وجمعيات ونقابات وحكومات ككتلة واحدة أمام ما يهدد نسيجنا المجتمعي، فالمسألة لا تتعلق بجيلنا أو الجيل الثاني والثالث الذي يلينا، بل الأمر يتعلق بمستقبل أمتنا واستشراف المخاطر المستقبلية التي قد تهدد أمننا الفكري والعقدي والسياسي.