أصبح الفلاحون بالمغرب يفكرون بالهجرة بحثا عن قوت يومهم وقوت أبناءهم جراء الجفاف الذي أثر ويؤثر على غالبية الفلاحين في مختلف مناطق المغرب، هذا الجفاف الذي لم يواجهه المغرب منذ 30 عاما.
الجفاف عبارة عن فترة طويلة من انخفاض التهاطل (هطول الأمطار أو تساقط الثلوج أو ذوبان الثلوج) وهو ما يؤدي إلى شح في المياه، وعندما لا يكون لدى المجتمعات المحلية ما يكفي من الماء للشرب والصرف الصحي والزراعة، قد يؤدي ذلك إلى انعدام الأمن الغذائي، وانتشار الأمراض، وتفشي سوء التغذية والجوع، واللجوء إلى الهجرة، ووقوع خسائر اقتصادية، كما يمكن أن يكون للجفاف تأثير ضار على توليد الطاقة والنقل وتلبية الاحتياجات التجارية أو الصناعية.
وما زاد الطين بلة هو التراجع المخيف لحقينة السدود في المغرب حيث سجلت أرقاما متدنية مقارنة مع السنوات الفارطة، وأفادت وزارة التجهيز والماء بأن نسبة ملء السدود في المغرب بلغت إلى غاية 14 يناير الجاري 34.1 بالمائة، فيما وصلت النسبة في الفترة نفسها من السنة الماضية معدل 44 بالمائة.
وقد انخفضت حقينة سد الوحدة، وهو أكبر سد في المغرب، إلى 2 مليار متر مكعب، بنسبة ملء بلغت 57.9 بالمائة، حيث سجلت حقينته تراجعا بنصف مليار متر مكعب مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، إذ سجل آنذاك نسبة ملء بلغت 72.1 بالمائة.
ففي ضواحي مدينة فاس يعيش عدد من المزارعين حالة من الترقب لما تجود به السماء خلال شهر مارس وأبريل.
فإلى حدود الساعة لم يروا من المطر ما يطفئ ظمأ الأرض، ومربوا الماشية “الكسابة” بدأوا يبيعون أغنامهم مقابل 100 درهم لأن الأرض قاحلة، شبه صحراوية، وتكلفة العلف جد مرتفعة، مما زاد أوضاع الفلاحين سوءا، إذ قفز القمح من 4 دراهم إلى 7 دراهم فيما انتقل سعر العلف من 10 دراهم الى 12.50 درهم، بالإضافة إلى التبن من 11 درهما إلى 28 درهم وفي بعض الأسواق أكثر من 30 درهما، لذا لا يمكننا تجنب الجفاف ولكن يمكننا الحفاظ على الإنتاج الغذائي حتى لا نقع في انعدام الاستقرار الاجتماعي، وهذا الوضع والآثار الناجمة عن كورونا والجفاف هو أسوأ وضع نواجهه اليوم، حيث يتسبب تغير المناخ أيضا على صعيد كوكب الأرض في تكرار نوبات الجفاف الشديدة بصورة مضطردة، فمنذ السبعينات تضاعفت مساحة الأرض المتضررة على الصعيد الكوني، وليس المغرب لوحده، وهو الأمر الذي يتطلب إيجاد خطة عمل ناجعة وملحة لمكافحة الجفاف.
ليطرح السؤال التالي، هل ستتدخل الحكومة من أجل إيجاد حلول مناسبة لمعالجة هذا الإشكال قبل وقوع الكارثة ودخول البلد مرحلة الخطر؟ وهل الحكومة لديها خطة استراتيجية حقيقية تحد من تداعيات الجفاف؟ وهل مشروع القانون المالي لهذه السنة في ظل هذه الأوضاع التي تعيشها البلاد سيمكن الحكومة من الاستجابة للمطالب المرفوعة من خلال قانون ماليتها في ظل تأخر التساقطات المطرية وتداعيات الوضعية الوبائية؟