أحد هذه الهواجس برز في مليونية السلطة الانتقالية أمام القيادة العامة للجيش يوم الخميس بمطالبة المعتصمين بحل جهاز الأمن والمخابرات.
لكن حل جهاز الأمن أو الأذرع الأخرى مثل الأمن الشعبي -الذي طالما تمتع بنفوذ وإمكانيات واسعة في العهد السابق- لن يكون نزهة للمجلس العسكري أو أي حكومة مدنية تنتقل إليها السلطة، إذ إن مصادره ومقاره وأسلحته لن تكون متاحة بالكامل.
مدة الانتقال
يوم الأربعاء في اجتماع المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير -الذي جاء بعد أجواء مشحونة بالتوتر- جرت عملية أشبه بتقديم التنازلات.
اعترف العسكر بهذه القوى المتحالفة كممثل للثورة مع تقديم ثلاثة من أعضاء المجلس استقالاتهم تحت ضغط المعتصمين، مقابل ذلك أرجأت قوى الحرية والتغيير تسمية مرشحيها للسلطة المدنية.
ويحصر المتحدث باسم تجمع المهنيين أمجد فريد نقاط الخلاف في أمرين فقط بعد قبول المجلس العسكري بنحو 80% من الرؤية التي قدمها التحالف والخاصة بهياكل الحكومة “المجلس الرئاسي ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي”.
ويقول فريد للجزيرة نت إن الخلاف انحصر في مدة الفترة الانتقالية حيث يرى المجلس العسكري ألا تتعدى عامين، في حين يقترح إعلان الحرية والتغيير أربعة أعوام.
ويشير إلى أن السنوات الأربع ليست مجرد رقم ولكن للتحالف سياسات إسعافية وبرنامجا يحتاج لفترة مدروسة، مستدلا بأن هناك ثمانية ملايين مواطن بين النزوح واللجوء يمثلون ربع السودانيين، ومن الممكن أن يكونوا خارج لعبة الانتخابات.
أحد شعارات التخلص من “الكيزان” أي حزب المؤتمر الوطني (الجزيرة نت) |
السلطة السيادية
وبحسب فريد فإن خلافا ثانيا ينشب بين الطرفين حول السلطة السيادية، حيث يرى العسكر أن تكون في يد المجلس العسكري في حين ترى قوى الحرية والتغيير نقلها إلى سلطة مدنية بتمثيل عسكري.
وتابع “نحن نقول سلطة مدنية لأنه لا توجد دولة يحكمها العسكر في القيادة العامة للجيش. مهمتهم حماية البلد ومواطنيه وليس الحكم”.
ويرى مراقبون أن المجلس العسكري يخشى المدنيين في السلطة السيادية لأن اتفاقات إقليمية ستكون في مهب الريح مثل اتخاذ قرار بسحب الجنود ضمن تحالف تقوده السعودية في حرب اليمن.
وعليه يتمسك العسكر ببقاء السلطة الرئاسية في أيديهم، على أن ترشح قوى الحرية والتغيير أسماء لرئيس الوزراء وحكومته التنفيذية والمجلس التشريعي.
لجنة مشتركة
الآن تعمل لجنة مشتركة بين العسكر وممثلي المعتصمين على تقريب الشقة حول نقطتي الخلاف: مدة الفترة الانتقالية وتكوين المجلس الرئاسي.
ويرفض فريد إعطاء أي تفاصيل حول اللجنة، لكنه يؤكد أنها تباشر مهامها بعيدا عن اللجنة السياسية التابعة للمجلس العسكري برئاسة الفريق أول عمر زين العابدين والذي تقدم باستقالته من المجلس.
وسيتعين على اللجنة المصغرة أن تعمل في ظل ظروف لا تخلو من كروت الضغط والمتاريس، فزخم الاعتصام لا يبدو أنه سيخبو بعد قطار ثوار عطبرة ومليونية السلطة المدنية يوم الخميس.
كما أن أحزاب الحوار -التي شاركت حزب المؤتمر الوطني الحكم في حقبة البشير- سيعتريها التململ والمجلس العسكري يقصيها من مشاورات تشكيل الحكومة الانتقالية.
خلافات أخرى
ورغم أن فريد يؤكد أن قوى الحرية والتغيير توافقت على قائمة مرشحيها للمجلس السيادي ورئيس الوزراء، لكن الجزيرة نت حصلت على معلومات تفيد بأن خلافا محدودا في وجهات النظر بين فصائل التحالف حول شكل مجلس الوزراء.
وأبلغ قيادي ضمن تحالف “نداء السودان” الجزيرة نت أن خلافا محدودا بين قوى الحرية والتغيير يتركز في المسميات “حكومة تكنوقراط أم حكومة كفاءات؟”.
ويوضح أن ثمة آراء تقول إن التكنوقراط سيكونون غير سياسيين، وهذا يشكل خطرا على صعوبات قد تواجه الفترة الانتقالية، في حين يمكن تشكيل الوزارة من كفاءات حزبية ذات دربة سياسية.
والمحصلة -كما يبدو- أن إعلان الحرية والتغيير المشكل من تجمع المهنيين و”نداء السودان” وقوى الإجماع الوطني والتجمع الاتحادي المعارض توافق على قائمة تشمل رئيس الوزراء والمجلس السيادي المدني، لكن الحقائب الوزارية تنتظرها معركة أخرى.