حينما ينقلب السحر على الساحر

 

قدم أبناء المغرب العزيز أعز ما يملكون لطرد الحماية من وطنهم فمنهم من قتل ومنهم من سجن وعذب ،ولكن العزم والتحام العرش والشعب والحب اللامحدود للوطن كانوا أقوى من القتل ومن السجن ومن التعذيب وعادت إلى الوطن سيادته كاملة ودوى نداء الملك الخالد شمالا وجنوبا، شرقا وغربا :

….لقد خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر…….وشمر المغاربة الأحرار على سواعد الجد وانطلق بناء الوطن على الدرب الصحيح …
وأسس حماة الوطن ،من قواة مسلحة ودرك وأمن وطني ..الخ… وتطور التعليم والصحة والاقتصاد بخطى ثابتة وأصبح أبناؤنا ينافسون أقرانهم في الجامعات والمدارس العليا المختلفة في كثير من دول العالم .

وفي غفلة من أي رقيب تسرب أعداء التطور والمحبون للسباحة في المياه العكرة وبدؤوا يفسدون المسيرة ،فوجهوا أسهمهم السامة إلى عصب التقدم والتطور ،وركزوا على البرامج التعليمية وعاتوا فسادا في المقررات حتى أفرغوا المدرسة العمومية– التي كانت مفخرة الوطن –من محتواها الذي أنتج لنا على مر السنين الأولى من الاستقلال اطرا لا زلنا نفتخر بقدرتها ومكانتها العلمية التي كانت مشبعة بروح وطنية لا نظير لها ،كل هذا ليضعوا الشعب أمام الأمر الواقع ويصلطوا عليه ماردا من ورق وصوروه كبديل منقد لوضع وازمة هم من صنعوها ،وكان التعليم الخصوصي.

قدموا له جميع التسهيلات ،اعفوه من الضرائب وسمحوا له أن يغرس أنيابه السامة في جيوب ابناء الشعب ويمتص ارزاقهم بدون رقيب وبمقابل لا يساير القدرة المادية للمواطن حتى ان المدارس الخصوصية بالمغرب تعد من اغلى ما يوجد في الدول التي تماثلنا اقتصاديا والخطير في هذا كله أنهم جعلوا التعليم الخصوصي الذي تفرعن بدرجة خطيرة كبديل متطور للتعليم العمومي ينتشر بشكل مخيف، والمضحك المخجل والخطير في الأمر أن الشهادات المسلمة من أغلب هاته المدارس الخصوصية لا تتوفر على المعادلة مع شهادة التعليم العمومي التي وجدت كبديل لها كما يقولون ولا يسمح لحامليها باجتياز المباريات المنظمة من طرف المؤسسات العمومية او متابعة دراسات عليا للحصول على الماستر او الدكتوراه مثلا .الشيء الذي يجعل أولياء الأمور يشعرون أنهم يتعرضون لعملية نصب اشترك فيها الجميع ..

وتحل جائحة كورونا لتبين لنا الكثير من عيوبنا وتفتح اعيننا على حقائق كانت ستائر اللامبالاة تحجبها عنا وثار الغول الورقي على صانعيه وكشر عن أنيابه وهاجم أولئك الذين تجبر بارزاقهم ولم يقبل أي حوار معهم وطالبهم بأداء مقابل الدراسة والنقل وحتى المطعم رغم أن هاته المؤسسات كانت مغلقة وواجهوا بعجرفة الوزارة الوصية وأصبح أصحابها يصرحون بأن هاته الوزارة لا يمكنها التدخل في قراراتهم لانهم مقاولات وليسوا مؤسسات تعليمية وتربوية ،وانقلب السحر على الساحر.

إن مغرب الغد في زمن ما بعد كورونا يفرض علينا أن نراجع مجموعة من الأوضاع والحقائق التي فرضت نفسها علينا أما لضعفنا او لتجاهلنا ولامبالاتنا ومن جملتها وضعية التعليم لأن من أخطر افاته ومن أسباب تدهوره هذا الغول الورقي المثمتل في التعليم الخصوصي والساعات الاضافية التي تفرض على التلاميد،بالإضافة إلى محتوى المقررات وعدم الاهتمام الكافي بالاطار التعليمي.

وهذا الموضوع نرى أنه من الواجب الرجوع إليه ومعالجته في إطار المشروع التنموي الجديد من طرف المختصين والذي نتمنى أن يضع قطار التعليم على السكة الصحيحة وأن يجلي وصمة عار الأمية من على جبيننا والتي أصبحت قدرا ربما سيصاحبنا إلى يوم البعث اذا سايرنا السياسة المتبعة في هذا المجال ….. فإذا صلح التعليم صلح المجتمع كله واذا فسد، فسد الوطن كله …
استيقضي وتعلمي يا أمة إقرأ…

عبد الهادي الشقيقة الشياظمي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.