نيوزيلاندا تكشف ارهاب الغرب المستور
الإرهاب اليوم ليس كما يسوق له في العالم بتسويقه للاسلام كمنبع للشر ، فالارهاب ليس له دين او مذهب او هوية ، بل انه شر يستهدف البشرية ، فالتطرف اليوم وليد الأفكار الشادة من بعض المفكرين و غيرهم من دعاة العنصرية التي تنشأ منشأها داخل عقول استلهمتها أفكار متعصبة تولد مع الزمن في كل المجتمعات ، لا يمكن الانكار ان كافة الاديان والايديولوجيات السياسية ترفض العنف الظالم ولا تسمح بقتل البشر او التنكيل بهم ، فمن يخرج عن هاته القاعدة فانه يحرف قيم الدين الذي ينتمي اليه ويتحرك ضد مبادئه .
فلا وجود لما يسمونه ب “الإرهاب إسلامي” كما يتم التشهير له في عالم مسوق بايديولجيا الحرب ضد الاسلام ، فالتطرف موسوم بأوسمة الاديولوجيات لفكر بعض الناس ، لتأويلاتهم الخاطئة لبعض النصوص الدينية .
فاليوم التطرف الغربي قد صنع ارهابا يتم الترويج له تحت مسمی الارهاب الإسلامي، فأصبح الغرب أكثر تطرفاً ضد المسلمين الأبرياء .
فعندما تحدث احدى العمليات الارهابية في الغرب يتكرر السيناريو بحبكة نفسها ، باتهام الإسلام والمسلمين بالإرهاب ، و التحشيد الاعلامي ضد الإسلام الذي يستهدف المظاهر الإسلامية كالمساجد والمراكز والنساء المحجبات ، فالملاحظ من هاته التلفيقات بان المستهدف الاول هو الدين الإسلامي كظاهرة ثقافية حضارية ، وذلك بهدف الحد من انتشاره في المجتمعات الغربية .
لكن اليوم القاعدة قد كسرت حينما استهدف شخص المسلمين بمسجد و تم قتلهم على المباشر وهم يتضرعون لله ب «نيوزيلاندا» فهنا كشف المستور حين توالت التشجيعات من الغرب في التعليقات على منصات مواقع التواصل الاجتماعي فهناك من اعتبره بالعمل البطولي ومن شرب نخب الكؤوس على شرف القاتل ، و حتى بعض من مسؤولي الدول الغربية لم يحملوا عناء العزاء للمسلمين الذي انتهكت مقدساتهم وقتل الابرياء وهم يمارسون معتقدهم الديني ، فهنا تنطفأ بما يسمونه بالحرية الانسانية او الفردية بصفة خاصة فهذه العبارة ليست إلا منتوج غربي لتخريب و تمويه المجتمعات الاسلامية و تطبيق شروط بنك النقد الدولي وغيرها من المؤسسات. و كذا فإن منظمة حقوق الانسان هي الأخرى التزمت الصمت ازاء هذا التطرف ، في عكس ذاك التسامح الاسلامي الذي ظهر في حادثة مقتل السائحتين بالمغرب ، الذي أظهر فيه المغاربة تضامنهم و كذا تبرئة ذممهم من هذا العمل المسيئ الذي أساء للدين الاسلامي وكذا مطالبتهم بالحكم على أولئك المتطرفين ، و في منصات المسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي عبروا عن اسفهم الكبير عن هاته الحادثة التي لا تمت بصلة للاسلام و المسلمين .
لكن العكس اليوم ، ظهر الثوب المزيف للغربيين بتشجيعهم و شربهم البيرة احتفالا على مقتل أولئك الابرياء المسلمين ، فان نيوزلاندا ليست هي الحادثة الاولى والوحيدة التي تنتهك حرمة المسلمين ، بل تجرعنا من نخب الحزن الكثير بإسأتهم لديانتنا و الهرج من رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام بالدانمارك ، اليس هذا بدوره تطرفا ، فمتى سمعتم عن المسلمين قد آسؤوا لمعتقادتهم الدينية . فنيوزلاندا اليوم هي غرب اليوم ، فبتطرفهم المبني على الصراع الديني بالأساس ، فالحروب هي أيضا اليست هي الاخرى حروبا دينية بالاساس لكن يتعاطون معها بتمثيلية امتلاك النووي او تحرير الدول الاسلامية من حاكم مستبد و نشر الديمقراطية لتحريرها من النظام الرجعي ، لكن في الحقيقة هي كلها تمويهات أكل عليها الظهر وشرب .
لا ننكر ان ما ينجم عن تلك العمليات الارهابية الموجهة في حق الغرب ، التي اعتبرها ممولة من جيوب بعض الجهات الغربية ، حينها تتعاطى وسائل الاعلام الغربي معها بالترويج لتلك الصور السلبية للإسلام فمعها تتضاعف الاعتداءات على المسلمين و خصوصا المرأة بحجابها الاسلامي ، كما انه قد تصاعدت ظاهرة الإسلاموفوبيا للتخويف من الإسلام وتشويهه في نظر الغربيين .
وكما جاء في رأي أحد المواقع العربية، «بأنه لا يُمكن وضع مجزرة مسجد “النور” ولينوود في مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية ، أمس الجمعة على انه ليس فقط جريمة فردية أو أن مرتكبها ليس الا مختل عقلياً ، كعادة تلك الأوصاف الجاهزة في مثل هذه الجرائم الغربية ، فهذا ما هو الا ترجمة ميدانية لـ «الإرهاب العنصري» الغربي ، الذي تغلغل في الخطابات اليمينية المتطرّفة و هذا الخطاب لا يمكن ان يكون الا في وجود قاعدة و مكان ببيئة حاضنة مستعدّة لتبني و تطبيق آرائه ، فضلاً عن نشر خطابات الكراهية المعادية للأجانب خصوصا المسلمين ورفض ذاك التنوع ، ومهاجمة الآخر على أنه مختلف و متخلف» .
وهذه المواقف يدفع ثمنها اولئك المنحدرون من أصول مهاجرة خصوصا المسلمين ، و مع نشوء ذاك الارهاب المتطرف والمرخص له و المقبول في بعض الاحيان عندهم ، لا يحمل الا عنواين وإشارات تساهم فقط بتعميق و تسويق مفهوم “خطاب الكراهية” الذي يجد موقعاً له داخل عقول المتطرفين.
و لا يمكن وصف هجوم نيوزلاندا إلا بالعمل الإرهابي ، لأن كل شروط الأعمال الإرهابية تنطبق عليه ، وخصوصاً أن القصد منه هو الإثارة و الرعب في صفوف الجالية الكبيرة من المسلمين في الغرب ، وكذا تحريض الآخرين على تكرار هذه الجريمة في أماكن أخرى ، لهذا اهتم الفاعل بتصوير جريمته ونشرها ، وفق نهج برع فيه تنظيما “داعش” و”القاعدة” و غيرهما من الحركات الإرهابية.
إذن فإن هذا الحدث ليس الا صورة لما تكنه الدول الغربية من عداء على المسلمين ، فلا يمكننا ان نتجاهل هذه الحقيقة المرة التي أرخت بظلالها على تلك المفاهيم الصورية المروج لها ، فهذا العداء كان منذ الآزل ولا يزال ، فاستنكارنا لما يقوم به بعض المتطرفين المسلمين ما هو الا اجندات ومشاريع غربية و فهم خاطئ للبعض للنصوص الاسلامية ، وهذا القول ليس للدفاع عنهم بل انه حقيقة مرة تصيبنا بالهلوسة حينما نرى ان المسلمين متضاربين حتى في افكارهم و رجعيتهم المتاثلة فيما بينهم ، وخير دليل ما سمي بدول الحصار ، نحن نتطاحن فيما بيننا لنشر افكارهم لا افكارنا المتاسلمة و الداعية للسلام و الاطمئنان .
الطالب الصحفي : ياسين شريحي