كلمة السيد رئيس مجلس المستشارين خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2015/ 2030
السيدة كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة المكلفة بالتنمية المستدامة المحترمة
السيدة ممثلة مؤسسة وستمنستر للديمقراطية المحترمة؛
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
السادة قضاة المجلس الأعلى للحسابات المحترمون؛
السيدات والسادة ممثلو القطاعات الحكومية المحترمون؛
السيدات والسادة ممثلو المجتمع المدني المحترمون؛
السيدات والسادة الحضور؛
يطيب لي أن أفتتح أشغال هذه المائدة المستديرة التي ينظمها مجلس المستشارين بدعم من مؤسسة وستمنستر للديمقراطية وسفارة المملكة المتحدة بالمغرب، وهي المائدة التي تروم توسيع وتعميق النقاش حول التقرير الموضوعاتي المنجز من طرف المجلس الأعلى للحسابات بشأن مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2015-2030. ذلك أنه بعد أن تمت مناقشته في إطار برلماني محض من قبل 5 لجان برلمانية دائمة، ارتأينا أن نعقد هذه المائدة المستديرة من أجل الإنصات إلى مختلف وجهات النظر، آملين الخروج برؤية واضحة ومنهجية صلبة من شأنها تسريع مسار التنفيذ، بما يضمن تحقيق الأهداف المسطرة من قبل المنتظم الدولي في خطة 2030 المعنونة “تحويل عالمنا” في الموعد المحدد بشكل ناجع وعادل لا يتخلف معه أحد من أبناء هذا الوطن العزيز عن الركب.
من جهتي، سأحاول أن أركز في هذه الكلمة على الدور المناط بالبرلمانات بشأن الخطة المذكورة، وبالمجهودات التي يبذلها مجلس المستشارين استنادا إلى ذلك، مع الإشارة إلى أن الجلسة الثانية من هذا اللقاء ستعرف تدخلا من قبل مركز الدراسات والبحوث البرلمانية التابع للمجلس توضح بشكل جلي وبالأرقام حصيلة التقييم الذي يقوم به المجلس بخصوص مبادراته في الموضوع.
حضرات السيدات والسادة؛
إن مجلس المستشارين، بصفته الغرفة العليا بالبرلمان المغربي، يحظى بتركيبة خاصة تتميز بتعدد مكوناته الترابية والنقابية والمهنية، مما يخوله موقعا يمكنه من تحمل خاص، في حدود أدواره الدستورية، لقضايا أساسية في مسار أجرأة خطة التنمية المستدامة على المستوى الوطني، مما حدا به إلى اتخاذ مجموعة من التدابير ضمن خطة عمله برسم الفترة 2016-2018، همت على الخصوص:
وضع إطار لتقييم أولي لأثر مشاريع القوانين التنظيمية والعادية ذات الأولوية من منظور المساواة بين الرجال والنساء والأثر على الجماعات الترابية؛
وضع إطار منهجي ومؤسساتي لتقييم السياسات العمومية الأفقية والقطاعية والترابية مع استكمال مسلسل إبرام مذكرات تفاهم مع المؤسسات الدستورية الاستشارية قصد تقديم الرأي والمشورة إلى مجلس المستشارين بهذا الخصوص؛
تنظيم الندوة البرلمانية حول “أهداف التنمية المستدامة: أية أدوار للبرلمان” يوم 19 يناير 2017؛
تنظيم ملتقى برلماني سنوي للجهات؛
تنظيم منتدى سنوي لمعالجة القضايا ذات الصلة بالعدالة الاجتماعية؛
اعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030 كعنصر من العناصر المرجعية في عدد من الوثائق والإعلانات الرئيسة الصادرة عن المجلس كوثيقة معالم النموذج المغربي للعدالة الاجتماعية وإعلان الرباط حول دور البرلمان في رصد وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة …..؛
تكليف مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانية بالانكباب على خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ضمن برنامج عمله انطلاقا من السنة التشريعية 2016-2017.
تفعيلا لهذا الإطار المرجعي، بذل مجلس المستشارين جهودا حثيثة من خلال وظائفه في التشريع والرقابة والدبلوماسية من أجل تتبع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع انفتاح منهجي على المجتمع المدني من خلال عدد من المنتديات الحوارية التي يتم تنظيمها من طرف المجلس بشكل انفرادي أو بشراكة مع المنظمات الوطنية والدولية.
وتفاعلا مع هذا المسار، وتنفيذا لتوجيهات مكتب المجلس، انكب مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانية انطلاقا من السنة التشريعية 2016-2017 على تنفيذ مخطط عمل تضمن عددا من الأنشطة التي تنوعت إلى أصناف ثلاثة، إشعاعية تحسيسية بقضايا أهداف التنمية المستدامة، وتكوينية همت عددا من القضايا ذات الصلة بالأهداف المذكورة، ومواكبة للوظائف التشريعية والرقابية والدبلوماسية للمجلس.
وتتمثل أهم مخرجات عمل مركز الدراسات برسم المهمة الموكولة إليه بشأن خطة 2030 في:
• إنجاز دليل البرلماني في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقد تم إعداده استنادا إلى مسودة دليل برلماني أعدها لفائدة برلمانات آسيا خبراء المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد بدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الإسلامي للتنمية، وقام فريق مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانية التابع لمجلس المستشارين بتكييفها مع السياق المغربي، بما خول للبرلمان المغربي بمجلسيه وصفة دقيقة في تفاصيلها تمكنه من تسخير الآليات المخولة له عبر الدستور والنظامين الداخليين والقوانين التنظيمية لفائدة تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
• إنجاز عدد من الدراسات الموضوعاتية الوثيقة الصلة بأهداف التنمية المستدامة (دراسات متوفرة على النافذة الإلكترونية لمركز الدراسات والبحوث بالموقع الإلكتروني للمجلس)؛
• إنجاز تقرير سنوي حول أجرأة أهداف التنمية المستدامة، وهو عبارة عن مسح سنوي يرصد المجهودات المؤسساتية والتنظيمية المبذولة تفعيلا لكل هدف منصوص عليه في خطة 2030.
ومن أجل التأكد من فعالية دوره في تتبع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، شرع مجلس المستشارين انطلاقا من السنة التشريعية 2016-2017 في تقييم ذاتي للإجراءات التي يتم إعمالها من لدنه لقياس مدى فعاليتها استنادا إلى معايير واضحة كتلك التي حددها دليل البرلمانات وأهداف التنمية المستدامة-مجموعة أدوات للتقييم الذاتي- الذي تم إعداده من قبل الاتحاد البرلماني الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وتعتبر الدراسات المنجزة من قبل مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانية التابع لمجلس المستشارين والمتعلقة بحصيلة المجلس من زاوية أهداف التنمية المستدامة أداة القياس المعتمدة لتتبع مدى انخراط المجلس في أداء الدور الموكول له في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث تركز هذه الدراسات على توضيح المجهودات التي يتم بذلها من قبل مجلس المستشارين من خلال وظائفه في التشريع والرقابة في تتبع تنفيذ خطة 2030.
حضرات السيدات والسادة؛
إن البرلمانيين مسؤولون عن دعم ورصد أهداف التنمية المستدامة، حيث يكتسي الهدف 16 أهمية خاصة لدى البرلمانيين من حيث السعي إلى التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يهمش فيها احد من اجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على جميع المستويات، مما يحتم على البرلمان القيام بدور ريادي لتحقيق كافة الغايات المبتغاة من الهدف 16 سواء من خلال صلاحيات البرلمان المتمثلة بسن القوانين والرقابة وتمثيل مصالح المواطنين باعتبار البرلمان من أهم المؤسسات المسؤولة بشكل خاص عن تحقيق المسائلة والشمولية.
وإذا كانت كافة غايات الهدف 16 ذات صلة بالبرلمانيين، فإن الغايتين 6 و7 ترتبطان بعمل البرلمان بشكل مباشر، حيث تدعو الغاية 6 من الهدف 16 إلى ” إنشاء مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعة للمسائلة على جميع المستويات ” بينما تسعى الغاية 7 من نفس الهدف إلى” ضمان اتخاذ القرارات على نحو مستجيب للاحتياجات وشامل وتشاركي وتمثيلي على جميع المستويات” ولتحقيق هاتين الغايتين يتعين على البرلمان ابتكار آليات وإجراءات مواكبة لمضامين الخطة 2030، إضافة إلى الانفتاح على المحيط الخارجي، والإفصاح على المعلومات البرلمانية ذات الصلة بالمواطن، مع تعزيز التواصل من المشرعين بصورة أفضل وتنفيذ استراتيجيات محددة لتحسين وضعية المواطن خاصة الفئات المهمشة.
إن مجلس المستشارين مقتنع تمام الاقتناع بأن تنفيذ خطة 2030 لا يستلزم توفير إمكانيات مادية فقط، بل ويحتاج إلى إرادة سياسية، وتوافق مجتمعي، وبأن تكييف خطة أهداف التنمية المستدامة مع المعطيات الوطنية مدخل أساسي لتحقيق الأهداف، وبأن دور البرلمان سيكون حاسما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تسخير وظائفه في التشريع والرقابة والتقييم، لكنه يستلزم تعاونا ما بين مختلف الفاعلين من أجل نقل الخبرات والممارسات الفضلى.
وفي هذا الإطار تشكل لحظة إعداد التقارير الطوعية من أجل عرضها على المنتدى السياسي الرفيع المستوى، فرصة مثالية لنشر الوعي بأهمية خطة التنمية المستدامة، والتنسيق مابين المتدخلين، وتوضيح المسؤوليات، وتعبئة الشراكات، مع تحديد الأولويات وملاءمتها مع واقع وثقافة بلدنا، من أجل تنزيل فعال للبنود. ونغتنم هذه المناسبة للتأكيد على ضرورة تكثيف الجهود من أجل إشراك كافة الفاعلين في صياغة هذا التقرير.
حضرات السيدات والسادة؛
اسمحوا لي في الختام، أن أتوجه بالشكر إلى شركاء المجلس في تنظيم هذه المائدة المستديرة، وأخص بالذكر مؤسسة وستمنستر للديمقراطية وسفارة المملكة المتحدة بالمغرب.
والشكر موصول أيضا إلى المجلس الأعلى للحسابات وإلى كل المؤسسات والقطاعات الوزارية والفعاليات المدنية التي لبت الدعوة للمشاركة في أشغال هذه المائدة المستديرة.
أتمنى أن تفضي أشغال هذه المائدة المستديرة إلى بلورة تصور واضح ومسؤول لتقويم ما يجب تقويمه من أجل تعزيز جاهزية المغرب لتحقيق أهداف التنمية في أفق سنة 2030، لاسيما في ظل تفاقم التحديات التي تواجهنا يوما بعد يوم، والتي تفرض علينا التدخل بشكل سريع وناجع باستراتيجية واضحة ومسؤوليات محددة، ومنهجية استباقية وتشاركية، كل من موقعه، وباستثمار ما لديه من إمكانيات من أجل التسريع بتنفيذ خطة 2030 بما يضمن إنقاذ الأرواح، وتحقيق الرفاه، دون أن نخلف وراءنا أحدا.