أحدث الذكاء الاصطناعي خلال الأعوام الماضية طفرةً كبيرةً وتحولًا هائلًا في مُختلف القطاعات العلميّة والعمليّة، وكان لها أثرٌ بالغ على مُختلف مناحي الحياة، ومن بينها البحثُ العلميّ، إذ أسهم استخدام الذكاء الاصطناعي في الأبحاث في تطوير العديد من الصناعات والعديد من الاكتشافات الهامّة.
وفي هذا الملف نُسلط الضوء على فوائد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي بالنسبة لكَ كطالب أو باحث، وأهم الأدوات المُستخدمة ضمن هذا الإطار، فضلًا عن العديد من النصائح التي قد تُهمُّك.
كيف تغيّر دور الباحث في عصرِ الذَّكاء الاصطناعيّ؟
في عصرٍ سيطر فيه الذكاء الاصطناعيّ على الكثير من مناحي حياتِنا، لم يعُد الباحث هُو المصدر الوحيد لوضع الفرضيات العلميّة وتحليل البيانات الناتجة عنها، وإنما بات الباحثُ يلعب دور المُوجِّه والمُشرف على هذه الأدوات الذَّكية. ومؤخرًا أسهمت أدوات الذكاء الاصطناعي في التقليل من الضُّغوط الواقعة على عاتق الباحث، ورفع عنه عبء الكثير من المهام الروتينية، من أجل أن يُفسح له المجال للتفكير التحليلي والإبداعي الذي يفتقدهُ الذكاء الاصطناعيّ.
كيف يُساعد الذكاء الاصطناعي الباحثين المبتدئين؟
لا شيء قد يُغني عن الإشراف الأكاديمي بالنسبة للباحث، وخاصةً الباحثُ المُبتدئ، في بداية رحلته البحثية، والتي يحتاج خلالها إلى النُصح والإرشاد والتّوجيه، من أجل أن يقف على أرضيةٍ ثابتةٍ من البداية.
ومع ذلك فيُمكن أن يُساعد الذكاء الاصطناعي في هذا الجانب بأن يكون بمثابة موجهٍ أكاديميٍّ للباحثين خلال بداية رحلتهم البحثية، ويُساعدهم في شرح المفاهيم وفهم أدوات البحث، بالإضافة إلى تصحيح الأخطاء المنهجية واقتراح المصادر، وغيرها من الأمور التي قد يحتاجها الباحث في هذه المرحلة.
هل يُعد استخدام الذكاء الاصطناعي غشًا أكاديميًا؟
لا يُمكننا أن نعتبر الذكاء الاصطناعي نوعًا من أنواع الغشّ، إذ يُتاح لك استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كمساعد ذكي أثناء البحث العلميّ الخاص بك تمامًا كما تستخدم الآلة الحاسبة في العمليات الحسابيّة الرياضيّة، لا فرق في هذا، لكن المهم في كل هذا الأمر هُو الشفافية؛ إذ يتوجب على الباحث أن يعلم كيف ومتى يَستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي بحرفيّةٍ وذكاء.
ما أهميّة الذَّكاء الاصطناعي في مَرحلة مراجعة الأدبيات؟
مُراجعة الأدبيات (بالإنجليزيّة: Literature Review) هي الخطوة الأولى من خطوات البحث العلميّ، ويُمكننا اعتبارها الخطوة الأهم والأساسيّة ضمن هذا الإطار، وهي من الخطوات التي تستغرق الكثير من الوقت والجُهد من الباحث، من أجل إعادة النظر في كافة الدراسات السّابقة وتحليلها جيدًا، واستخلاص المعلومات التي يحتاج إلى تضمينها في دراسته، ويتمثل دور الـ AI في:
- محركات البحث الذكية: تلعب بعض محركات البحث الذكية مثل (Google Scholar) و (Semantic Scholar) دورًا مهمًا في الوصول لمصادر وتقديم الدراسات الأكثر صلة بموضوع البحث، وذلك من خلال استخدام مجموعةٍ من الخوارزميات الدقيقة والمُتقدمة والمُتخصصة.
- إتمَام التَّلخيص التلقائي: تُساعد أدوات الذَّكاء الاصطناعي في تلخيص الأوراق البحثية الطويلة في نقاطٍ مُختصرة، ما يوفر الجُهد على الباحث.
ما دورُ الذّكاء الاصطناعيّ في تصميم المنهج البحثي؟
يُعد تصميم المنهج البحثي من الأمور التي تشغل ذهن الباحث وبشدة، إذ أنها تتطلبُ مهارةً ودقةً عالية، لأنها تُحدد مُستقبل نجاح الدراسة إلى حدٍ كبير، ويمكن لأدواتِ الذَّكاء الاصطنِاعي أن تلعب دورًا محوريًا في تحسين هذه العملية وتسهيلها وضمان نجاحها، وذلك من خلال المُساعدة في ما يلي:
- تصميمُ الاستبيانات: إذ باتَ بإمكان أدوات الذكاء الاصطناعي في الأبحاث اقتراح مجموعة من الأسئلة الدقيقة بما يتوافق مع أهداف البحث.
- اختيار العيّنة المُستهدفة: إذ يُمكن أن تحلل أدوات الذكاء الاصطناعي قواعد البيانات (تحليل البيانات)، وتساعد في اختيار العينة المثالية.
- توقُّع النتائج: إذ تُجد بعض النماذج والأدوات الذكية التي تُساعد في التنبؤ بالنتائج، وفي اختبار فعالية المنهج البحثي المُقترح قبل تنفيذه.
ما دورُ الذّكاء الاصطناعيّ في كِتابة وتَحرير البحث العلميِّ؟
لا يُشترطُ أن يكن الباحث ضليعًا ومُتمكنًا من كل أدوات اللغة، لذا عادةً ما يستعينُ الباحثُون بالمُدقّقين اللغويين الذين يحملون عنهم هذا العبء، ومع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي في الأبحاث باتت عملية كتابة الأبحاث وتحريرُها وتدقيقها أسهل، إذ بات يمتلك القدرة على أن يُصحح ويقترح التحسينات اللَّغوية والمَنهجية، وتتضمّنُ أبرزُ استخداماتِه:
- التّدقيق اللغوي والنَّحوي: وذلك من خلال استخدام بعض الأدوات الخاصة بالتّدقيق اللغوي مثل (Grammarly) أو (QuillBot).
- إعادة ترتيب وتنظيم المراجِع: وذلك من خِلال برامِج مثل (Zotero)، والتي عادةً ما تستخدم تقنيات الذكاء في تنظيم المراجع والمصادِر تلقائيًا.
- التَّحقق من السَّرقة الأدَبية: وذلك من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي المُخصصة للكشف عن التشابه بين النُّصوص وتحديد أصالة النّص.
- إعادة الصِّياغة: إذ عادةً ما تكون نماذج الذكاء الاصطناعي قادرةً على تقديم صيغ ٍأكثر وضوحًا وفصاحة للنصوص العِلمية.
ما فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي؟
تتضمّن أهم فوائد استخدام الذّكاء الاصطناعيّ في البحث العلميّ:
- تفادي تكرار الأفكار البحثيّة: من خلال مُساعدة الباحث على التحقق مما إذا كانت الفكرة التي يعمل عليها قد تم تناولها أو لا، الأمر الذي من شأنه أن يُعينه على إيجاد زاوية جديدة للبحث العلمي لم تُطرح من قبل.
- الدّقة البالغة: والفضلُ في هذا يعُود إلى قُدرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي الكبيرة على تحليل كمياتٍ هائِلة من البيانات، ما يقلل من الخطأ البشري.
- التحديث المُستمر للمَعلومات: تتميز أدوات الذكاء بقُدرتها الفائقة على متابعة المُستجدات العلمية تلقائيًا أولًا بأوّل، وتحديثها بصورةٍ مُستمرة.
- توفير الوقت والجهد: يُساعد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقليل الوقت والجُهد المبذول في البحث واستخلاص المعلومات ومُقارنة النتائج، إذ أن الذكاء الاصطناعي عادةً ما يقوم بأداء المهام المتكررة أو المعقدة بسرعة عالية وكذلك بدقةٍ كبيرة.
كيف يُسهم الذَّكاء الاصطناعي في تقليل التَّكاليف المَالية؟
لعبَت أدوات الذّكاء الاصطناعي في الأبحاث دورًا في تقنين هدر الموارد والتقليل من التكاليف المادية في كل مرحلةٍ من مراحل البحث العلميّ، بعد أن تمكن الباحث من تنفيذ الكثير من المهام بكفاءة عالية وتكلفة منخفضة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، دون الحاجة إلى توظيف مُحللين أو مُبرمجين أو مُدققين لغويين؛ مما يجعل الأبحاث أكثر توفيرًا للنفقات، ويُقلل من الحواجز الماديّة أمام الباحثين في الدول النامية أو المُؤسسات العلميّة الصغيرة.
ما أهم التَحديات المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
على الرّغم من الفوائد العديدة؛ إلا أن استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي ليس بالأمر السهل دائمًا، وإنما يحمل الكثير من التحديات، مثل:
- الاعتماديّة المُفرطة: في الكثير من الأحيان قد يتسبَّب الاعتماد المُفرط على تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى إضعاف التفكير النَّقدي للباحث.
- قضايا الخُصوصيَّة: تُعد قضايا الخُصوصيّة وسرية البيانات من الأمور المُقلقة، وخاصةً عند التعامل مع بيانات حساسة أو شخصية.
- مُعضلة الاعتراف الأكاديمي: لا تزال بعض الجامعات والمجلات العلميّة تتحفّظ على قبول الأبحاث التي تُبنى على أدوات الذَّكاء الاصطنِاعي.
نصائح لضَمان الاستخدام الآمن للذّكاء الاصطناعيّ
من أجل الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعيّ، اتبع النصائح التّالية:
- لا تعتمد أبدًا على نتائج أدوات الذكاء الاصطناعيّ في الحُصول على المعلومات، لذا راجع دائمًا نتائج البحث التي يُقدمها الذَّكاء الاصطناعي.
- احرص على الاستعانة -فقط- بالأدوات الموثوقة والمصادر المعروفة.
- درّب نفسك على التعامل الذكي مع أدوات البحث، ولا تعتمد عليها كليًا.