بقلم _م‘ ع الرباط
يؤكد الخطاب الملكي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في أكثر من مناسبة، على الحاجة إلى إعلام وطني مستقل، يخدم الوطن والمواطنين، ويتحمل مسؤوليته كاملة في نقل الحقيقة والدفاع عن الصالح العام، بعيداً عن أي أجندات ضيقة أو مصالح خاصة.
غير أن المشهد الإعلامي اليوم يكشف عن مفارقة مقلقة؛ فإلى جانب صحفيين مهنيين نزيهين، اختاروا خدمة الوطن والشعب، وتحملوا كلفة الاستقلال ورفضوا مدّ أيديهم لأي جهة، برزت منابر أخرى توصف بـالإعلام المأجور، الذي لا يخدم سوى الرداءة والريع، ويتحول إلى أداة في يد لوبيات المال والنفوذ.
في هذا السياق، يظهر تمييز واضح بين مدير متملق راكم الثروة من خلال الولاءات والتحكم في الإشهار، وبين مدير مناضل ونظيف يلتزم بالقانون وأخلاقيات المهنة، ولا يطالب سوى بحقه المشروع، لكنه لا يتوفر حتى على أبسط الإمكانيات لمواكبة تطورات المشهد الإعلامي بسبب غياب الدعم الحقيقي والإنصاف.
ويطرح هذا الوضع سؤالاً جوهرياً:
من الذي دعم هذه المنابر حتى أصبح أصحابها من الأثرياء؟
ومن الذي يغضّ الطرف عن ممارسات تضرب في العمق دعوة الملك إلى إعلام مستقل ومسؤول؟
إن ما يحدث اليوم يجعل من التصدي للإعلام المتملق والمرتبط بالريع واجباً وطنياً، بعدما بلغ السيل الزبى. فبعض هذه المنابر لم تعد تمارس دورها الرقابي أو التنويري، بل أصبحت تضرب خطاب الملك عرض الحائط، وتسيء إلى المهنة وإلى ثقة المواطنين في الإعلام.
والرهان الحقيقي يظل في إعلام حر، نزيه، ومسؤول، لا يخدم سوى الحقيقة، ويحترم ذكاء المغاربة، وينتصر لروح الدستور، ويواكب توجيهات الملك محمد السادس الرامية إلى بناء إعلام قوي يخدم الوطن لا المصالح.