عودة توت قلواك.. هل تستعيد جوبا توازنها؟

أعاد رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت المستشار الأمني السابق توت قلواك إلى منصبه بعد نحو عامين على إبعاده، في خطوة تُقرأ ضمن سياق إعادة ضبط موازين السلطة واستعادة القنوات الدبلوماسية المتعثرة مع السودان، في لحظة إقليمية معقدة تتداخل فيها ملفات النفط والأمن والسلام.

وتأتي إعادة التعيين بعد سلسلة تعديلات حكومية شملت مواقع حساسة داخل مؤسسة الحكم. ويشير مراقبون إلى أنّ غياب قلواك خلال العامين الماضيين أفرز فراغاً مؤسسياً أثّر على مسار تنفيذ اتفاق السلام لعام 2018، الذي شهد انتكاسات أبرزها اعتقال عدد من قيادات المعارضة المسلحة، وتراجع فعالية آليات فضّ النزاعات.

ويُعد توت قلواك أحد أبرز الوجوه التي لعبت دوراً محورياً في هندسة اتفاق سلام جوبا بين الخرطوم وحركات الكفاح المسلح عام 2020، وهو الدور الذي منح جوبا وزناً تفاوضياً إقليمياً استثنائياً. كما تستند خبرته إلى سنوات من العمل داخل الخرطوم قبل الانفصال، الأمر الذي مكّنه من بناء شبكة علاقات واسعة مع الأطراف المتصارعة في السودان.

وتدهورت العلاقات السودانية–الجنوبية خلال فترة غيابه، ووصلت إلى توقف صادرات النفط وتبادل الاتهامات، ما يجعل عودته محاولة لإعادة فتح قنوات الحوار وإعادة بناء الثقة الثنائية. ويؤكد محللون أن سلفاكير يستند إلى خبرة قلواك لإعادة ضبط العلاقات مع الخرطوم وضمان استمرار تدفق النفط، مع الحفاظ على توازن ضروري مع القوى الخليجية المنخرطة في ملف الطاقة.

لكن عودته لا تخلو من التحديات؛ إذ تُبدي بعض الدوائر السودانية حساسية تجاه علاقاته السابقة مع الإسلاميين، كما تتزامن عودته مع اتهامات بتقديم جوبا دعماً غير معلَن لطرف من أطراف الصراع في السودان، ما يزيد تعقيدات المشهد الإقليمي.

ويرى خبراء أن نجاح قلواك يتطلب إدارة دقيقة للتوازنات الداخلية في جوبا، وتخفيف الهواجس الخارجية، والعودة لتفعيل أدوار الوساطة التي برز فيها سابقاً. كما أن الحفاظ على ثقة الرئيس سلفاكير ومعالجة العقبات التي واجهت تنفيذ اتفاق السلام سيكونان ركيزتين لنجاح مهمته الجديدة.

وبذلك، تمثل عودته اختباراً لقدرة جوبا على استعادة دورها كفاعل إقليمي في مسارات الاستقرار، ولإعادة ترتيب المشهد الداخلي الذي تراكمت تحدياته السياسية والأمنية والاقتصادية خلال فترة غيابه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.