تبدو السعادة في كثير من مجتمعاتنا العربية والإسلامية حلماً بعيد المنال، رغم ما نملكه من إمكانات مادية وفرص حياة كريمة. إذ يطغى على سلوك الأفراد شعور دائم بالقلق والخوف من المجهول، وتُقيّد حياتهم مفاهيم “الحرام” و”العيب” و”ما سيقال”، لتتحول إلى منظومة تُنتج الحزن أكثر مما تُنتج الرضا.
هذا الخوف المزمن من الخطأ أو العقاب، إلى جانب انشغال الناس بما لا يملكونه بدلاً من الاستمتاع بما بين أيديهم، جعل من الحرمان النفسي أسلوب حياة. فالفرد، مهما امتلك، يشعر دائماً أن ما لديه لا يكفي، وأن السعادة مؤجلة إلى حين تحقيق المزيد.
في المقابل، تُظهر تجارب الشعوب المتقدمة أن القناعة والرضا لا تأتي من الوفرة المادية بقدر ما تنبع من نظرة متصالحة مع الذات والحياة، تتيح للإنسان أن يعيش اللحظة دون شعور بالذنب أو الخوف من المستقبل.
إنّ مجتمعاتنا بحاجة إلى إعادة نظر عميقة في منظومة التفكير السائدة، التي تحرم الفرح وتكافئ التجهّم، وتربط الصلاح بالحزن، بينما جوهر الإيمان الحقيقي يقوم على الطمأنينة والرحمة. فربما تكون أول خطوة نحو السعادة هي أن نمنح أنفسنا الإذن بالعيش دون خوف.